إعلان

روبرت موجابي.. زعيم الاستقلال "الغامض" الذي هوسته السُلطة

12:52 م الجمعة 06 سبتمبر 2019

روبرت موجابي رئيس زيمبابوي السابق

كتبت- هدى الشيمي:

توفي رئيس زيمبابوي السابق روبرت موجابي، اليوم الجمعة، عن عمر ناهز 95 عاما، بعد أن كان يخضع للعلاج في مستشفى بسنغافورة منذ أبريل الماضي.

اُطيح بموجابي من الرئاسة قبل عامين إثر إنقلاب عسكري في نوفمبر من العام 2017، بعدما ظل على رأس السلطة لأكثر من 3 عقود، بعد أن حقق بفضل دوره الفاعل في حركة الاستقلال، فوزا ساحقا في الانتخابات الأولى للجمهورية، وعمل على إبرام اتفاقات سياسية لإنهاء الأزمة التي عاشتها بلاده، ساهمت في ولادة جمهورية زيمبابوي المستقلة الجديدة.

يعد موجابي الزعيم الوحيد الذي عرفته زيمبابوي منذ الاستقلال، وهناك أشخاص عاشوا طوال حياتهم تحت حكمه.

قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن موجابي كان يظن انه سوف يبقى حاكماً لزيمبابوي طوال حياته، في خطاب ألقاه عام 2016 قال إنه سوف يبقى على رأس السلطة حتى يزهق الله روحه، ولكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن إذ اُطيح به قبل عامين.

في الـ24 من نوفمبر لعام 2017 أدى نائب الرئيس السابق ايمرسون منانجاجوا، 75 عاما، اليمين الدستورية كرئيس جديد للبلاد، زيمبابوي، بعد 10 أيام من انتشار الدبابات في العاصمة هراري، ومطالب رابطة شبيبة الحزب الحاكم، -المؤيدة لتولي زوجة موجابي جريس منصب نائب الرئيس-، رئيس الأركان بالبقاء في ثكنته، وفي غضون ساعات أعلن الجيش استيلائه على السلطة، واخضع موجابي وعائلته للإقامة الجبرية في محل إقامته.

1

شخص غامض ومتضارب

وذكرت نيويورك تايمز، في تقرير نشرته اليوم الجمعة، أنه موجابي كان شخص غامضًا، واعتبره البعض متضارب، إلا أن الكل أجمع على أن جوعه للسلطة كان دائمًا ومُستمرًا.

في مقابلة، عرضها التلفزيون الرسمي في زيمبابوي بمناسبة عيد ميلاده الـ93، أكد موجابي أنه سوف يُرشح نفسه للرئاسة في الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في عام 2018.

أشارت نيويورك تايمز إلى أنه في أيامه الأخير في الرئاسة عانت زيمبابوي من اقتصاد متداع وبدأ التذمر يسيطر على أبناء الطبقة المتوسطة.

2

أحد شيوخ أفريقيا

ورغم أن الغرب كان يتعامل معه باعتباره شخص منبوذ، لفتت نيويورك تايمز إلى أنه يعد أحد أهم شيوخ أفريقيا وواحد من الحكام البارزين في تاريخ القارة السمراء.

انتمى موجابي في أيامه الأولى إلى جيل من القوميين الأفارقة الذين خاضوا حرب حرب عصابات باسم الديمقراطية والحرية ضد الحكام الأقلية البيض، إلا أن الأمر تغير تمامًا بمجرد وصوله إلى سدة الحكم، وبدأت معالم الديكتاتور تظهر عليه واحدة تلو الأخرى.

وُلد موجابي في 21 فبراير عام 1924 في منطقة كانت تُعرف باسم "روديسيا"، والتي كانت مستعمرة بريطانية، تديرها أقلية بيضاء.

صدر أمر باعتقاله بدون محاكمة وهو في الثلاثين من عمره بعد انتقاده حكومة روديسيا، وفي عام 1973، بينما كان يبقع في السجن، وقع الاختيار عليه لكي يكون رئيس للاتحاد الوطني لزيمبابوي (زانو) الذي كان عضوا مؤسسا به.

وبمجرد إطلاق سراحه، توجه إلى موزمبيق، حيث رأّس جماعة مقاتلة شنت هجمات على روديسيا. وفي الوقت نفسه، ينظر إليه أيضا على أنه مفاوض محنك.

ولأنه كان قادرًا على قمع المعارضة وتكميم كل الأفواه والتصدي للنقد، تمكن من البقاء في منصبه واُعيد انتخابه في عام 2013.

3

زوجة جديدة وبداية النهاية

لم يكن الفوز في الانتخابات عام 2013 الحدث السعيد الوحيد الذي شهده موجابي في تلك الفترة، ففي نهاية عام 2014 قام بتطهير حزبه الحاكم واستبدال نائب رئيسه بمنانجاجوا، وقام بترقية زوجته الثانية جريس موجابي، التي تصغره بحوالي أربعة عقود.

وفي تلك الفترة ذكرت تقارير إعلامية أن موجابي يعد زوجته الثانية جريس لكي تكون من يخلفه ويحكم البلاد بعد رحيله، وهو الأمر الذي أدى إلى سقوطه وزوال حكمه حسب نيويورك تايمز.

لفتت نيويورك تايمز إلى أن مناورات جريس موجابي وطموحاتها أثارت القلق في نفوس النخبة العسكرية والأمنية الذين ساعدوا الرئيس الراحل.

4

الهوس بالسلطة

لاحظ المراقبون الدوليون وكل المهتمين بالأوضاع في زيمبابوي أثناء حكم موجابي بأن هوسه لم يكن بالثراء أو امتلاك المزيد من الأمور المادية مثل باقي الديكتاتوريين، ولكنه كان عاشق للسلطة، يسعى إلى البقاء في منصبه مهما كلفه الثمن.

ومع مرور الوقت، وصلت نسبة البطالة في زيمبابوي إلى 80 %، وفقدت العملة قيمتها تماماً، وما زاد الطين بلّة، هو أن عائلة الرئيس الراحل كانت تعيش في ترف وبذخ أثار الغضب داخل المواطنين.

وعلى مدار أعوام، اعتبر محللون وسياسيون في زيمبابوي وخارجها، أفعال عائلة الرئيس السابق استفزازية، نظرا إلى انهيار الحالة الاقتصادية في البلاد، ووصول معدل التضخم إلى 348 بالمئة. وعيش نحو 93 بالمئة من المواطنين تحت خط الفقر.

وفي بداية الألفينات، أمر موجابي بطرد آلاف المزارعين البيض من أراضيهم لمصلحة مزارعين، وهو ما برره بالرغبة في تصحيح مظاهر اللامساواة الموروثة من الاستعمار البريطاني، ولكن العملية تمت لمصلحة المقربين من النظام ومزارعين بلا معدات أو تدريب، ما تسبب في انهيار الإنتاج الزراعي في بلد كان يعتبر مخزن حبوب إفريقيا الجنوبية، مثيرا أزمة كارثية لم ينهض منها اقتصاد زيمبابوي.

ورغم المعارضة الحقيقية التي واجهها على خلفية هذه الأحداث، إلا أن الرئيس الراحل كان يؤكد أنه يفعل ذلك من أجل مصلحة بلاده. وفي عام 2008 قال في خطاب حماسي إنه لن يتخلى أبدًا عن بلاده. وتابع: "لن استسلم أبدًا، زيمبابوي بلدي، وأنا ابنها، زيمبابوي سوف تكون لابنائها دائمًا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان