تحديات كبرى بانتظارها.. الحكومة التونسية الجديدة أمام اختبار ثقة البرلمان
القاهرة - أ ش أ
وسط حالة من الجدل والانقسام بين القوى السياسية بشأن تشكيلتها، يعقد مجلس النواب التونسي غدًا الجمعة، جلسة خاصة للتصويت بالثقة على الحكومة التونسية الجديدة برئاسة الحبيب الجملي رئيس الوزراء المُكلف.
وتضم الحكومة الجديدة عددًا الشخصيات المستقلة وغير المنتمية للأحزاب السياسية، وذلك بعد أن تقرر أن تكون حكومة كفاءات، كحل للخروج من أزمة الخلافات بين الأحزاب والكتل السياسية حول المشاركة في الحكومة.
وقد جاء التوصل للتشكيلة الحكومية الجديدة في تونس بعد مخاض عسير وبعد مشاورات صعبة استمرت على مدى أكثر من ستة أسابيع، وتم الاعتماد فيها على شخصيات ذات كفاءة واستقلالية عن الأحزاب السياسية التي رفضت المشاركة فيها.
وقال الحبيب الجملي، وهو مرشح حزب حركة النهضة الفائز في الانتخابات التشريعية، إنه اعتمد في اختياره لأعضاء حكومته على عناصر وخبرات تتمتع بالكفاءة والنزاهة، والقدرة على تنفيذ برنامج الحكومة بما يلبي تطلعات الشعب التونسي.
وكان الحبيب الجملي قد بدأ مفاوضات تشكيل الحكومة فور تكليفه في منتصف شهر نوفمبر الماضي، وقد فشلت مساعيه في التوصل إلى اتفاق مع الأحزاب السياسية لتكوين ائتلاف حكومي، وهو ما أضطره إلى الإعلان عن تشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب.
وقد استبق الجملي جلسة مجلس النواب المرتقبة غدا، بعقد سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع قيادات ورموز الكتل السياسية والبرلمانية التونسية بهدف حشد الدعم والتأييد لتشكيلة هذه الحكومة، ولتجنب سيناريو الذهاب لانتخابات برلمانية جديدة كحل أخير لأزمة تشكيل الحكومة.
وكانت معظم الأحزاب التونسية، بما فيها حزب حركة النهضة، قد أبدت اعتراضها وتحفظها على بعض الأسماء والشخصيات التي اختارها الجملي لتولي حقائب وزارية بعد اتهامات لها بعدم الاستقلالية وبشبهات فساد، وطالبت بعض الأحزاب بإدخال تغييرات عليها، لكن الجملي رفض ذلك مؤكدا تمسكه بعرض التشكيل الحكومي على البرلمان كما هو دون تغيير، وبرر ذلك الموقف بأنه من غير الممكن -دستوريًا وإجرائيًا- إعادة النظر في تركيبة الحكومة المقترحة قبل عرضها على البرلمان لنيل الثقة.
وتحتاج الحكومة الجديدة إلى الحصول على الأغلبية المطلقة (109 أصوات من أصل 217) لنيل ثقة مجلس النواب التونسي، ومن ثم تباشر مهامها، وفي حال عدم حصولها على ثقة البرلمان، فإن المادة 89 من الدستور التونسي تنص على إجراء رئيس الجمهورية خلال عشرة أيام مشاورات جديدة مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف شخصية أخرى لتشكيل الحكومة في خلال شهر بحد أقصى، وفي حال الفشل مجددًا في تشكيل الحكومة خلال المهلة المحددة فإن الخيار الأخير يكون بالذهاب لانتخابات برلمانية جديدة.
وكانت الانتخابات النيابية التي أجريت في تونس في منتصف شهر أكتوبر من العام الماضي، قد أفرزت تشكيلة برلمانية منقسمة ومتشظية ومجلس نواب بلا أغلبية، حيث لم تتمكن أي من الأحزاب الكبرى من الفوز بأغلبية مريحة تمكنها من تشكيل الحكومة دون حاجة للتحالف مع الأحزاب الأخرى.
وفي حال نجحت الحكومة التونسية الجديدة في نيل ثقة مجلس النواب في جلسة الغد، فإنها ستجد نفسها في مواجهة ملفات واستحقاقات اقتصادية واجتماعية وأمنية، تشكل تركة ثقيلة يتعين عليها التعامل معها على الفور.
وفي مقدمة هذه الملفات وأصعبها، الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس حاليًا، حيث سيكون على الحكومة الجديدة العمل على إيجاد حلول عاجلة لهذه الأزمة، فضلًا عن الارتقاء بالخدمات العامة في البلاد مثل الصحة والتعليم والتي شهدت تدهورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، أثرت على ثقة الشارع التونسي في النخب السياسية التي تصدرت المشهد السياسي في تونس بعد الإطاحة بحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في انتفاضة شعبية في نهاية عام 2010.
وتواجه الحكومة القادمة عجزًا في الموازنة العامة للدولة بنسبة 5.3%، ونسبة تضخم مرتفعة 6.5%، علاوة على تدهور قيمة العملة المحلية، ونسبة نمو اقتصادي لا تلبي تطلعات مئات الآلاف من العاطلين عن العمل.
وتعيش تونس منذ ثورة 2011، تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة مع تزايد معدلات البطالة والتضخم وترجع قيمة العملة الوطنية، كما يشكو التونسيون من تدني مستوى الخدمات في المرافق العامة مثل الصحة والنقل والتعليم، وقد فشلت الحكومات التونسية المتعاقبة منذ ذلك التاريخ في تقديم حلول حقيقية وشاملة لتلك المشكلات العديدة والمزمنة.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: