إعلان

كيف جمعت نظريات المؤامرة بين فيروس كورونا وعبدة الشيطان؟

01:32 م الجمعة 04 سبتمبر 2020

متظاهرو لندن السبت الماضي استمعوا للكثير من نظريات

(بي بي سي):

على الإنترنت وفي المظاهرات الواقعية، تتلاقى نظريتان من نظريات المؤامرة المنتشرة بشكل كبير ومتزايد.

للوهلة الأولى، يبدو أن الشيء الوحيد المشترك بينهما هو بعدهما الكبير عن الواقع.

فمن ناحية، هناك جماعة كيو أنان التي تتحدث عن نظرية مؤامرة معقدة تزعم أن الرئيس ترامب يشن حربا سرية ضد عبدة الشيطان من المتحرشين بالأطفال.

وعلى الجانب الآخر، هناك مجموعة كبيرة من المعلومات العلمية الزائفة تزعم أن فيروس كورونا غير موجود أو أنه ليس قاتلا، أو أي عدد من المزاعم الأخرى التي لا أساس لها.

وتتلاقى هاتان الفكرتان الآن بشكل متزايد، في مزيج مؤامرة كبيرة.

ترابط

كان الأمر واضحا في شوارع لندن في نهاية الأسبوع الماضي، حيث تناول المتحدثون الموضوعين في خطبهم الموجهة لآلاف المشاركين في مظاهرة مناهضة لاستخدام الكمامات وللإغلاق. وتم عرض ملصقات تروج لكيو أنان ومجموعة من نظريات المؤامرة الأخرى.

ويوم الأحد الماضي أعاد الرئيس ترامب في موقع تويتر نشر رسالة تزعم أن العدد الحقيقي لوفيات كوفيد 19 في الولايات المتحدة مجرد جانب صغير من الأرقام الرسمية. وقد حذف موقع التواصل الاجتماعي التغريدة لاحقا بموجب سياسته بشأن التضليل.

ومازال حساب "ميل كيو" الذي نشرها يبث بشكل حي، وهو ينشر بكثافة أفكار جماعة كيو أنان.

ويتركز محور نظرية كيو أنان على أن الرئيس ترامب يقود معركة ضد الاتجار بالأطفال ستنتهي باعتقال سياسيين وصحفيين بارزين وإعدامهم.

ويعد حساب ميل كيو مجرد حساب واحد من العديد من المؤثرين في كيو أنان الذين قاموا أيضا بنشر معلومات مضللة عن فيروس كورونا.

ويظهر الاندماج بين مؤامرات كيو أنان و كوفيد-19 أيضا في عدد من رسائل البريد الإلكتروني التي تلقتها بي بي سي.

وتقول إحدى هذه الرسائل الإلكترونية: "إن فيروس كورونا هو التغطية على الاتجار بالجنس مع الأطفال، وهي مشكلة رئيسية في هذا العالم ولا يريد أحد الإبلاغ عنها".

واتصل رجل آخر لشرح كيف عادت والدته، التي حضرت الاحتجاجات، متخمة بتفسيرات نظريات المؤامرة ، حيث سيطرت عليها أولا نظريات مؤامرة بشأن فيروس كورونا والآن مؤامرات كيو أنان.

عبدة الشيطان الذين يتحرشون بالأطفال ومناهضو التطعيم والجيل الخامس

لطالما كان هناك تداخل بين مؤثري جماعة كيو أنان والمؤمنين بنظرية المؤامرة الوبائية، لكن احتجاجات نهاية الأسبوع في لندن ومدن أخرى حول العالم كانت أكبر مظاهرة جرت على أرض الواقع حتى الآن تلقي الضوء على علاقاتهم المتزايدة.

وتقول كلوي كوليفر، كبيرة مديري السياسات في معهد الحوار الاستراتيجي (ISD) وهو مركز أبحاث يركز على التطرف: "وجد مؤيدو مؤامرات كوفيد جماهير جاهزة في حشد المؤيدين لكيو أنان، والعكس صحيح".

ويشرح جوفان بيفورد، الأخصائي النفسي في الجامعة المفتوحة، ذلك قائلا : "في مواجهة الوباء، ترسم نظريات المؤامرة عالما منظما ويمكن التحكم فيه، وتزدهر نظريات المؤامرة عندما تتعطل الآلية الاجتماعية وتثبت الطرق المتاحة لفهم العالم بأنها غير مناسبة لما يجري".

ومع انتشار الوباء زاد الجمهور المحتمل العام لمثل هذه الأفكار، كما أن خيوط كيو أنان وفيروس كورونا مرتبطة أيضا بالانشغال، أو الهوس، بالأطفال وسلامتهم.

وهذا ما يفسر سبب انتشار هذه النظريات في مجموعات فيسبوك المحلية حيث تدور المناقشات حول المقاهي الملائمة للأطفال الرضع أو المدارس المحلية.

ويقول جوفان بيفورد: "إن الإساءة إلى الأطفال والاعتداء عليهم مثال للفساد الجنسي والأخلاقي وشيء شرير بلا منازع، لذلك فإن دمجها في النظرية يساعد على نقل فكرة وحشية المتآمرين وظلمهم إلى أقصى حد لا جدال فيه".

تيار المؤامرة

يُفترض أن بعض المشاركين في حشود السبت الماضي يلندن قد دفعتهم مخاوف مشروعة بشأن الصحة العقلية أو الاقتصاد أو انتقاد سياسة الحكومة أو أسئلة حول علم ما زال يتطور.

ولكن وبشكل جارف كان ما سمعه الحاضرون من المتحدثين تدفقا مستمرا للمعلومات السيئة (حول معدلات الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا)، وتكهنات لا أساس لها (حول إساءة معاملة الأطفال والتطعيمات الإلزامية) والتأكيدات التي لا أساس لها (حول الوباء الذي تخطط له الحكومات أو قوى الظل، أو على حد تعبير أصحاب نظرية المؤامرة "الوباء المخطط له").

ويقول جو مولهال، كبير الباحثين في "هوب نوت هيت" وهي مجموعة تتعقب الحركات اليمينية المتطرفة وحركات المؤامرة: "كانت الغالبية العظمى من المحتوى حول المؤامرات".

وأضاف مولهال، الذي كان في الحدث السبت، قائلا: "القليل جدا من المحتوى جاء من وجهة نظر بناءة، فلم يكن هناك متحدثون يتحدثون، على سبيل المثال، عن تأثير الإغلاق على الشركات الصغيرة".

ولم يقتصر التفكير التآمري على بريطانيا، بل يمكن رؤية علامات مماثلة في مظاهرات نهاية الأسبوع في بوسطن وبرلين وأماكن أخرى، لقد أصبحت نظريات مؤامرة كيو أنان وفيروس كورونا عالمية حقا.

نزاع أسري

قال رجل اتصل ببي بي سي إن والدته حضرت مظاهرة لندن وحملت لافتتين. عرضت إحداهما نظرية مؤامرة تتعلق بفيروس كورونا: "أوقفوا بيل غيتس لارتكابه جرائم ضد الإنسانية"، وحملت اللافتة الأخرى وسم كيو أنان: أنقذوا الأطفال.

وأوضح الرجل، الذي أراد عدم الكشف عن هويته خوفا من الخلاف مع عائلته، كيف تبنت والدته آراء تآمرية بعد أن تسلطت على ذهنها بشكل متزايد عبر مقاطع فيديو على موقع يوتيوب لعدد من المتحدثين في الاحتجاج.

وأضاف قائلا: "لقد أصبحت منخرطة في نظريات المؤامرة المختلفة هذه، وأصبح من الصعب تحديد ما تعتقده. فكل شيء يتناقض مع بعضه البعض".

وقد وضع تحول والدته ضغطا كبيرا على علاقتهما.

ويقول: "إنها ترسل دائما مقاطع فيديو ورسائل تروج لنظريات المؤامرة هذه عبر دردشة واتس آب العائلية الآن، لقد بات من الصعب جدا إجراء محادثة عادية".

وقالت إحدى المجموعات التي وقفت وراء مظاهرة السبت إنها "لا تبدي آراء بشأن كيو أنان".

وقالت مجموعة "ستاندآب إكس" عبر تويتر: "لقد كان تجمعا عاما نظمه العديد من المجموعات والأفراد المختلفين، لم يكن لدينا شخص للتحقق من صحة الأشخاص قبل المشاركة، ولا يمكننا ان نتحمل مسؤولية آراء كل شخص ظهر في المسيرة".

انتشار سريع

ويقول مولهال: "ما يقلقنا هو أن خطوط التفكير هذه مرتبطة بمؤامرة كونية وكيو أنان هي العمود الفقري لها، فهذه المجموعة تسمح لك بالربط بين جميع المؤامرات المختلفة، فهناك عصابة سرية تقوم بأشياء خلف الكواليس، وبمجرد أن تتحدث عن المؤامرات الخارقة والأيدي السرية تكون قد قطعت خطوة قصيرة صوب (الآخر) وفي كثير من الأحيان يعني ذلك (اليهود)".

ويضيف قائلا: "إن معاداة السامية ليست بعيدة عن سطح نظريات المؤامرة هذه".

وتقول كلوي كوليفر من معهد الحوار الاستراتيجي: "إن الجماهير المحتملة للمعلومات المضللة الخطيرة تتزايد ويصعب عزلها واحتواؤها، لقد أصبحوا متصلين ببعضهم البعض لدرجة أنه من الصعب على المنصات التكنولوجية في هذه المرحلة المتأخرة السيطرة والحد من وصول المعلومات التي يحتمل أن تكون مضللة وخطيرة".

وفي الأسابيع الأخيرة عمل موقع التواصل الاجتماعي تويتر على إزالة عدد من حسابات كيو أنان الكبيرة، كما أغلق فيسبوك عددا كبيرا من مجموعات كيو أنان، وقد تمت إزالة الآلاف من صفحات كيو أنان على انستغرام. كما قام تيك توك أيضا بحظر وسوم مرتبطة بنظرية المؤامرة.

وردا على ذلك، تحول منظرو المؤامرة إلى شعارات ووسوم جديدة منها على سبيل المثال: أنقذوا الأطفال.

ويبدو أن حركة المؤامرة المطردة هذه، رغم أنها لا تزال على الهامش، باتت تكتسب زخما في الشوارع.

ويقول جو مولهال: "لا يمكننا التقاط جميع الأحداث التي يتم تنظيمها حيث يتم إعدادها بسرعة كبيرة".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان