تفجير إسطنبول.. هل كانت مبررًا لعملية تركية جديدة في سوريا؟
كتبت - سلمى سمير
رغم نفيها مسؤوليتها عن الانفجار، أعلن مسؤول تركي لرويترز إن بلاده تعتزم شن عملية عسكرية على شمال سوريا، لملاحقة أهداف لها رداً على تفجير شارع الاستقلال الأحد الماضي، عقب انتهاءها من ملاحقة مسلحين من حزب العمال الكردستاني، في شمال العراق.
وقال المسؤول الذي لم تكشف رويترز عن اسمه، إن "سوريا تمثل مشكلة أمن قومي لدى تركيا"، مشيراً إلى أن بلاده ستقضي على تلك التهديدات بطريقة أو بأخرى، ولم تؤكد الحكومة التركية أو تنفي حتى الآن كلام المسؤول، لكن تركيا طالما تحدثت على مدار الأشهر الماضية عن دخول جيشها لشمال سوريا، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده قد تشن عملية على شمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية، التي نفذت تركيا حتى الآن 3 عمليات ضدها في شمال سوريا، حيث تقول أنقرة إنها الجناح العسكري، لحزب العمال الكردستاني.
في الوقت الذي لم تتبن فيه أي جهة مسؤوليتها عن الانفجار الذي استهدف ميدان تقسيم في إسطنبول؛ أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، مسؤولية حزب العمال الكردستاني عن الحادث، قائلا إن منفذي الهجوم تسللوا من عفرين في سوريا، بحسب وكالة الأناضول.
وكشفت نتيجة التحقيقات الأولية أن منفذ العملية امرأة، يقول المسؤولون إنها تدربت على يد حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب المسيطرة على مناطق شمال سوريا وحزب الاتحاد الديمقراطي، بهدف تنفيذ الهجوم.
وصرح وزير العدل بكير بوزدج، لوكالة الأناضول، اليوم بأنه تم اعتقال 50 شخص مُشتبه في تورطهم في الانفجار للتحقيق معهم.
لم يقف الأمر عند توجيه الاتهامات للأحزاب والجماعات، بل أشارت تركيا بأصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة التي تنتقدها لتمويل الحزب الذي تصنفه أنقرة كمنظمة إرهابية، حيث رفض وزير الداخلية قبول تعازي السفارة الأمريكية في تركيا عقب انتقادات لبعض الدول التي تدعي الود لتركيا وتمول المنظمات التي تعتبرها أنقرة إرهابية عبر "مجلس شيوخها".
وجاءت تعازي الولايات المتحدة لحليفتها في الناتو، بوقوفها "كتفا بكتف في مكافحة الإرهاب" في بيان صادر عن السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير.
وطالما انتقدت أنقرة واشنطن، لمساندتها للأكراد الملبيين لرغبة الولايات المتحدة في محاربة تنظيم داعش في سوريا.
خطة مظلمة
ونفى حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عن الحادث، قائلاً إن كلا من حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية "فشلا في مواجهة نضالنا القومي" وأشار البيان إلى أن الحادث مجرد البداية "لخطة سوداء مظلمة" قائلاً: "من المهم أن ترى القوى الديمقراطية في تركيا والرأي العام هذه العملية السوداء المظلمة وتناضل من أجل فك رموز هذا الحادث".
ومع نفي حزب العمال مسئوليته وتوجيه اتهامات لحزب الشعوب الديموقراطي وهو ثاني أكبر فصيل معارض في تركيا ويمتلك 56 مقعدا في البرلمان، يواجه الأخير ضغوطات مع سعي حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحل الحزب المؤيد لحزب العمال مع اتهامات بارتباطه به ودعمه، ويزيد مخاوف الحزب تقدم مدعين عامين العام الماضي بالتماس قضائي لحل الحزب، بحسب يورونيوز.
واستُهدف شارع الاستقلال، الأحد بانفجار أودى بحياة ٦ أشخاص وإصابة ٨١ أعلنت المشفى خروج 58 منهم، بعد مشاهد أظهرت فيها الكاميرات جلوس امرأة على مقعد مدة تتراوح بين 40 و45 دقيقة، ثم قامت وتركت حقيبة قبل انفجارها بدقائق بحسب تصريحات وزير العدل لقناة "إيه نيوز"، وشارع الاستقلال دائما ما يكون مكتظ بالأشخاص والمحال التجارية على جانبيه ويؤدي إلى ميدان تقسيم المعروف كونه وجهة سياحية في تركي.
ما هو حزب العمال الكردستاني؟
هو حزب سياسي مصنف من قبل تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية كمنظمة إرهابية، تأسس عام 1978، وبدأ عمله عام 1984 للحصول على حكم ذاتي في منطقته جنوب شرق تركيا شن في سبيل ذلك حملات مسلحة موسعة، راح ضحيتها 40 ألف شخص ونزح مئات الآلاف من الأكراد لمناطق تركية أخرى مع بلوغ الصراع ذروته في منتصف تسعينيات القرن الماضي.
مع فشل الاستراتيجية الأولى تراجع الحزب عن مطلبه الأول بالاستقلال وطالب بالحصول على حكم ذاتي للأكراد الأمر الذي قوبل بالرفض واستمر الصراع حتى القبض على زعيم التنظيم عبدالله أوجلان عام 1999، والذي ناشد أنصاره عام 2013 بوقف إطلاق النار والانسحاب من المناطق التركية، حتى أصبحت مطالب الحزب السماح لهم بالانخراط في العملية السياسية في البلاد، والإفراج عن بعض أعضاء الحزب المعتقلين ومنح المزيد من الحقوق الثقافية للأكراد.
ليست الأولى
في عام 2010، أعلنت جماعة صقور الحرية الكردستانية الشهيرة بـ"تاك" مسؤوليتها عن تفجير انتحاري في ميدان تقسيم، قالت إنه استهدف قوات الشرطة "الفاشية"، ورغم نفي حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عن الحادث قائلا إن "تاك" جماعة منشقة خارجة عن سيطرتها إلا أن الحكومة التركية أكدت حينها أن تاك ليست إلا مجرد واجهة لحزب العمال الكردستاني وفق بي بي سي.
وفي 2016، تم استهداف شارع الاستقلال مما أسفر عن مقتل 4 سائحين منهم 3 إسرائيليين وإيراني وإصابة 36 آخرين، بحسب ذا جارديان وأعلنت السلطات التركية حينها مسؤولية داعش عن الحادث.
وفي يوليو 2016 أعلنت جماعة صقور الحرية الكردستانية المنبثقة عن حزب العمال الكردستاني، مسؤوليتها عن تفجير استهدف محطة للحافلات في أنقرة أسفر عن مقتل 37 شخص، إضافة إلى تفجير انتحاري أخر في أنقرة راح ضحيته 29 شخص تبناه نفس التنظيم.
فيديو قد يعجبك: