مدير المرصد السوري: تعيينات الإدارة السورية "غير مريحة" وعلى صلة بالإخوان (حوار)
كتبت- سلمى سمير:
بعد سقوط الأسد السوري، واقتناص مكانة حزب "البعث" الذي استمر لعقود من قبل الإدارة السورية الجديدة التي يترأسها أحمد الشرع الملقب بـ "أبو محمد الجولاني"، لا يزال الوضع على الأراضي السورية بلا أجوبة واضحة في ظل إدارة لم تكمل من العمر إلا شهرًا واحدًا.
رغم تحديد الإدارة السورية الجديدة التي أعلنت عن حكومة مؤقتة تنتهي في مارس القادم، لملامح سياستها على مختلف الأصعدة سواء فيما يخص حقوق الإنسان، أو تفضيل الصالح السوري العام على مسألة الثأر ونبذ الطائفية، إلا أن الوضع الحقيقي على الأرض يعكس وضعًا مغايرًا سواء فيما يخص تصريحات المسؤولين أو التحركات العسكرية أو حتى مستقبل العلاقات مع الدول الأخرى.
انتهاء الدور الإيراني
في تصريحات خاصة لـ "مصراوي" قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، الدكتور رامي عبد الرحمن، إن جميع التحولات السياسية والعسكرية الأخيرة في سوريا تأكد بأن الدور الإيراني في البلاد قد انتهى إلى غير رجعة.
وتابع عبد الرحمن، أن إيران لم تخسر فقط دعمها لنظام بشار الأسد، بل خسرت أيضًا كل ما بنته في سوريا خلال السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن هزيمة نظام بشار الأسد كانت مشروطة بإنهاء الوجود الإيراني في البلاد.
وأضاف عبد الرحمن، أن دور طهران في سوريا قد انتهى بشكل تام، مؤكدًا أنه لن يعود إلى سابق عهده، أو حتى جزء منه.
دلالات التعيينات الجديدة
أعلن رئيس الحكومة السورية المؤقتة، محمد البشير، عن تشكيل حكومة جديدة، يتبع كل أفرادها باستثناء عائشة الدبس مسؤولة مكتب شؤون المرأة إلى توجه هيئة تحرير الشام الفرع الحالي لجبهة "النصرة" سابقًا وهي الفرع السوري لتنظيم القاعدة.
وفي هذا الشأن يقول رامي عبد الرحمن لـ "مصراوي"، إن التعيينات التي جرت مؤخرًا من قبل الإدارة السورية الجديدة، أظهرت مؤشرات غير مريحة، حيث استحوذ على التعيينات شخصيات ذات توجهات إسلامية متطرفة أو على صلة بجماعة الإخوان المسلمين، وهي توجهات تثير قلقًا بشأن المستقبل السياسي والاجتماعي في البلاد.
مصير العرقيات الأخرى
بعد سقوط نظام بشار الأسد، الذي كان يتبع الطائفة العلوية التي حصلت على امتيازات غير مسبوقة طوال فترة حكمه، ثار التساؤل حول مصير تلك الطائفة التي يمكن أن تنفذ بحقها عمليات انتقامية لرد الاعتبار، وفي هذا الشأن يقول مدير المرصد السوري، إنه منذ اللحظة الأولى لانهيار نظام الأسد، وثق المرصد حالات انتهاكات كثيرة في مجال حقوق الإنسان في الأراضي السورية، معربًا عن قلقه من وضع "غير مرضي" فيما يخص حقوق الإنسان.
وصرح رامي عبدالرحمن، أن الانتهاكات الموثقة تركزت بشكل خاص ضد أبناء الطائفة العلوية، مؤكدًا أنه لا يمكن وصفها بأنها فردية لأنها ارتُكبت بشكل متعمد.
وكشف عبدالرحمن، عن توثيق المرصد لـ 65 من جرائم القتل منذ تولي الإدارة الجديدة الحكم في 8 ديسمبر الماضي، التي راح ضحيتها 120 شخصًا من أبناء الطائفة العلوية فقط.
وأوضح مدير المرصد السوري ومقره لندن، أن إدارة العمليات العسكرية السورية، قد لا تكون مسؤولة ولا تتحمل بشكل مباشر مسؤولية حوادث القتل الموثقة، لكنه أكد أن من ارتكب تلك الانتهاكات هي فصائل تندرج تحت عباءة الإدارة الجديدة.
ولفت رامي عبدالرحمن، إلى أن تلك الانتهاكات لم تقتصر على أبناء الطائفة العلوية فقط، مؤكدًا على أن التجاوزات طالت غيرهم من الطوائف حيث تم إجبار أبناء الأقليات الأخرى على تقليد أصوات الكلاب والحيوانات، وإهانتهم بشكل علني، في حوادث تعيد ما فعله نظام بشار بالمعتقلين داخل سجن صيدنايا.
وأعرب رامي عبد الرحمن، عن مخاوفه من استخدام مصطلحات طائفية من قبل المقاتلين في الإدارة الجديدة، أثناء اقتحام القرى ذات الغالبية العلوية، والتي وجهوا فيها كلمات نابية وطائفية إلى سكان هذه المناطق.
الوضع بالنسبة للعسكريين
في ذات اليوم الذي أُعلن فيه سقوط النظام السوري، أعلن الجيش بدوره انسحابه من مناطق السيطرة وتمركزاته وتفكيك وحداته، إلا أن حملات تمشيط بدأت بعد ذلك مباشرة من قبل الإدارة الجديدة للقبض على فلول النظام من مرتكبي جرائم الحرب والقتل خاصة في السجون التي راح ضحيتها الآلاف.
وفي هذا الشأن يقول، مدير المرصد لحقوق الإنسان، إن الإدارة الجديدة نفذت عددًا من التجاوزات والانتهاكات في حق العسكريين السوريين، منذ صعودها للسلطة، مشددًا على أنه من أهم الملفات المطروحة في الملف الإنساني، هو موضوع اعتقال العسكريين والضباط الذين عادوا من البادية السورية.
ولفت عبد الرحمن، إلى أن اعتقال العسكريين السوريين، تم رغم حصولهم على طمأنات بأنه لن يتم اعتقالهم في حال دخولهم إلى مناطق سيطرة الإدارة الجديدة، مضيفًا أنه تم القبض عليهم وإيداعهم بعدد من السجون المختلفة مثل سجن حارم وحماة.
وصرح رامي عبدالرحمن، أن أعداد المعتقلين العسكريين في السجون السورية، منذ تولي الحكومة الجديدو، بلغت نحو 9 آلاف عسكري وضابط، مشيرًا إلى أن المعتقلين لم يشاركوا في عمليات عسكرية ضد غرفة العمليات أو في الهجمات على الشعب السوري، حيث أنهم في مناطق تحت سيطرة أو تواجد تنظيم داعش الإرهابي.
العلاقات مع الغرب
شهدت الأيام الأخيرة، زيارات قام بها مسؤولون غربيون إلى سوريا من أجل التقاء ممثلي الإدارة الجديدة على رأسهم أحمد الشرع، وكان من بين هؤلاء وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، ونظيرها الفرنسي جان نويل بارو، والتي أثارت جدلًا نظرًا لدلالتها، وعما إذا كانت الحكومة الجديدة على استعداد كاف لإرضاء الغرب في سبيل رفع العقوبات المفروضة على البلاد بسبب انتهاكات النظام السابق.
وفي هذا الشأن يقول رامي عبد الرحمن، إن الهدف الأول للحكومة الجديدة يجب أن يكون إرضاء الشعب السوري قبل أي شيء، مشيرًا إلى أن إرضاء الغرب قد يعني تغليب المصالح الخاصة على مصالح الشعب السوري.
وأكد عبد الرحمن، على أهمية مشاركة جميع مكونات الشعب السوري، من طوائف وأديان وأعراق مختلفة، في بناء مستقبل سوريا الجديد، والابتعاد عن ما يسمى بـ "العدالة الانتقامية"، والعمل بدلاً من ذلك على تحقيق العدالة الانتقالية، ومحاكمة كل من ارتكب انتهاكًا ضد الشعب السوري، بغض النظر عن مكانه أو مكانته.
وتابع مدير المرصد السوري، أن الأولوية لدى الغرب في مسألة تكوين العلاقات مع الإدارة الجديدة، سيكون ملف حقوق الإنسان، فضلاً عن مكافحة الإرهاب والتطرف، مشددًا على عدم إغفال أهمية إسرائيل لدى أوروبا والولايات المتحدة والتي تسعى للحفاظ على أمن وسلام إسرائيل.
وأوضح رامي عبد الرحمن، أن الإدارة الجديدة، لا يبدو أنها تسعى لإثارة التوترات مع إسرائيل أو الدخول في مواجهات معها، مؤكدًا أن ذلك يُعد مؤشرًا إيجابيًا لدى الغرب.
فيديو قد يعجبك: