وقود وسماد وكهرباء.. الإسكندرية تبحث عن الكنز المفقود في القمامة (صور)

الإسكندرية- محمد عامر:

مع دقات الساعة الثانية عشر منتصف الليل، تنتشر مئات العربات مدعومة بمعدات وعشرات العمال لجمع أطنان القمامة والمخلفات الملقاة بشوارع الإسكندرية.. 4500 طن قمامة تنتجها عروس البحر المتوسط في اليوم الواحد، تزداد خلال شهور الصيف إلى 5500 طن، تتحمل شركة نهضة مصر للخدمات البيئية إلى جانب الأحياء عبء جمعها والتخلص منها، وكثير من المواطنين لايعلم شيئا عن الكنز المدفون داخل تلك المخلفات.

حيث يجري نقل من 70 إلى 80% من المخلفات إلى المدفن الصحي بمدينة الحمام، والجزء المتبقي فينقل إلى مصانع التدوير التي تديرها شركة نهضة مصر.. على حد قول الدكتور عبد العزيز قنصوه، محافظ الإسكندرية.

رحلة قمامة الإسكندرية

المهندس محمد أسامة الخولي، المدير التنفيذي لشركة نهضة مصر للخدمات البيئية "إحدى شركات المقاولون العرب" قال إنه يجري جمع القمامة ونقلها إلى 3 محطات وسيطة هي "محرم بك بوسط، وأم زغيو غربًا، والمنتزه شرقا"، ومنها إلى المدفن الصحي أو مصانع التدوير لتحويلها إلى سماد عضوي أو وقود بديل RDF "".

وأوضح الخولي، أن الإسكندرية يوجد بها 3 مصانع لتدوير القمامة والمخلفات، مملوكة للمحافظة تديرها شركة النهضة، وهي "المنتزه، أبيس 1، أبيس2"، وتقوم بتحويل القمامة إلى سماد عضوي ووقود بديل.

وأضاف المدير التنفيذي لشركة نهضة مصر، أن ظاهرة "النباشين" أو "الفريزة" أفقدت القمامة قيمتها، لافتا إلى أن نسبة المفروزات أصبحت لا تزيد على 01.%.

مصنع أبيس 2

يعد مصنع أبيس 2 والذي أنشئ عام 1998 ويعمل بتكنولوجيا يابانية، واحدًا من 3 مصانع لتدوير القمامة بالإسكندرية، وتصل طاقته الاستيعابية لنحو 350 طنا يوميا.

ويعتبر العاملون في المصنع الذي يقع بالقرب من طريق "الإسكندرية – القاهرة" الصحراوي، القمامة كنزًا يجب استغلاله بالشكل الأمثل، من خلال تحويلها لسماد عضوي للزراعة ووقود بديل لمصانع الأسمنت.

ووفقا للمهندس محمد البسيوني، مدير مصنع أبيس 2، تمر عملية تدوير القمامة بـ 12 مرحلة داخل المصنع هي "استقبال القمامة، ساحة الفرز الأولي، التغذية بالقمامة، الفرز اليدوي، المصنف الطاحن، منطقة الكابس، المغناطيس، المرفوضات، سير السماد، ماكينة التقليب، ساحة نضج السماد، وحدة الغربلة".

ويشير البسيوني إلى أن المرحلة الأولى تشمل وزن القمامة بميزان بسكول قبل تفريغها واستبعاد القطع الكبيرة كالكاوتش والأخشاب التي يمكن أن تتسبب في تلف الماكينات وإعاقة حركة السير الناقل.

وأضاف مدير المصنع:"يجري نقل القمامة عبر سير إلى ساحة الفرز اليدوي، حيث يقوم العمال بفرز القمامة يدويًا لمواد عضوية وأخرى بلاستيكية، وكرتون وغيرها"، لافتا إلى أن المصنع يعمل به نحو 90 عاملًا وموظفًا مقسمين على 3 ورديات.

السماد العضوي

وحول كيفية إنتاج السماد العضوي، أوضح تامر محمد، مسئول وحدة السماد، أن ماكينة المصنف الفارز تقطع المواد العضوية التي تصلح للتحويل إلى سماد إلى قطع صغيرة، تمهيدًا لتصنيع السماد وذلك بعد انتهاء مراحل الفرز.

وأضاف محمد، أنه يجري نقل السماد عبر سير لوضعه في منطقة التخمير لمدة شهر، ويجري تقليبه على فترات لضمان خلطه بقدر كاف من الأوكسجين لتكوين السماد، ويستغرق نضج السماد شهرًا كاملًا، يعقبها نقله للغربلة للحصول على السماد الناعم.

وأوضح مسئول وحدة السماد، أن باقي القمامة غير العضوية يتم توجيه كل صنف منها إلى المكبس المخصص لها مثل الورق والكرتون والأكياس وغيرها، وتستخدم كوقود بديل لمصانع الأسمنت.

120 جنيها للطن

ووفقا لنتيجة تحليل عينة السماد العضوي المنتج بمصنع أبيس 2 والتي أجرتها وحدة بحوث وتحاليل ودراسات صحة البيئة بالمعهد العالي للصحة العامة بجامعة الإسكندرية، تبين أنه يحتوي على عدة عناصر منها "الرطوبة 18.4%"، المواد العضوية 31.6%، الكربون 16.4%، النيتروجين 07%، الأمونيا 002% الفوسفات 24%، كلوريد الصوديوم 9% ، كالسيوم 45%، حديد 14.6%، منجنيز 07%".

ويتراوح سعر السماد العضوي - حسب درجة النعومة- بين 43 و120 جنيها للطن، وهو مناسب لكافة أنواع الأراضي والمحاصيل الزراعية خاصة الخضروات والفاكهة، ويزيد من إنتاجية الفدان بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30%.

750 طنا

بحثا عن الكنز المفقود في القمامة، وقعت محافظة الإسكندرية برتوكول تعاون مشترك "حق انتفاع" لمدة 15 عاما، مع شركة نهضة مصر للخدمات البيئية، لتطوير مصنع أبيس 2، بإضافة معدات جديدة لزيادة الطاقة الاستيعابية من 350 طن إلى 750 طن يومي، لتحويل المخلفات الصلبة لسماد عضوي ووقود بديل.

وتضمن بروتوكول التعاون، قيام الشركة بتوريد وتركيب وتشغيل جهاز الفرم والتعقيم طراز "ECODAS T 300" بمركز المعالجة القائم في منطقة محرم بك؛ للتخلص الآمن من المخلفات الطبية وفقاً للاشتراطات البيئية، على أن تكون مدة التعاقد 3 أعوام.

مصنع المنتزه "الزياتين"

وفي محاولة لزيادة نسب القمامة التي يعاد تدويرها، قال الدكتور عبد العزيز قنصوه، محافظ الإسكندرية، إنه جرى افتتاح خط إنتاج الوقود البديل (R.D.f) بمصنع الزياتين التابع لحي المنتزه ثان، بالتعاون مع إحدى الشركات الكورية.

وأوضح قنصوه، أن الخط الجديد يأتي ضمن خطة لإعادة تأهيل ورفع كفاءة خطوط الإنتاج القائمة بمصنع الزياتين، ليتمكن من زيادة الطاقة الاستيعابية له لتصل إلى 800 طن يومياً، بدلاً من ٣٠٠ طن يومي مع إنتاج RDF بطاقة ٢٠٠ طن يومي.

وأشار إلى أن خطة تطوير معدات المصنع تكلفت 35 مليون جنيه، بالإضافة إلى 12 مليون جنيه تكلفة البنية التحتية والإنشاءات لخدمة الخط ما يوفر عددًا من فرص العمل.

وأضاف المحافظ، أن خط إنتاج الوقود البديل لمصانع الأسمنت يوفر ١٠٠ طن من المازوت و24 ألف طن غاز طبيعي، ما يوفر على الدولة دعمها للطاقة ويساعد في حل مشكله القمامة.

توليد الكهرباء

واستكمالًا لتطوير منظومة تدوير المخلفات الصلبة، وقعت محافظة الإسكندرية خطاب نوايا مع شركة أوشينيا للنظم الهندسية، لإتمام الإجراءات اللازمة للبدء في تنفيذ محطة لتوليد الكهرباء بالمدفن الصحي بمنطقة علم نائل بمدينة الحمام.

ويهدف الخطاب إلى استغلال الغاز المستخرج من تحلل النفايات بالمدفن الصحي "مدفن المخلفات العضوية" في محطة لتوليد الكهرباء كوقود بدلًا من حرقة في الهواء بدون أي فائدة، حيث تعمل بالغاز المستخرج من المدفن، والذي يتكون من "غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون".

وتقوم الشركة بتصميم وإنشاء وتشغيل تلك المحطة بالغاز الناتج عن المدفن، والذي كان يجري حرقه كونه غاز شديد الضرر على البيئة بشكل عام والإنسان والزراعة بشكل خاص، ليتم عقب ذلك التعاقد لتوصيله بشبكة الكهرباء القومية.