إعلان

عمرو حمزاوي يتحدث عن استراتيجيات ''أخونة الدولة المصرية''

06:44 ص الأربعاء 23 يناير 2013

كتب – سامي مجدي:

انقسم الحوار معه إلى شقين؛ أولهما تحدث فيه بصفته محلل ينظر للأمور من منطلق أنه أستاذا للعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وثانيهما كطرف فيما يمكن أن نسميه الصراع السياسي الدائر في مصر الآن والذي بدأ مع إصدار الرئيس إعلانا دستوريا في 21 نوفمبر من العام الماضي والذي رآه البعض وهو منهم بداية لـ''استبداد رئاسي'' مما استدعى أن تصطف بعض القوى فيما سمي بجبهة الانقاذ الوطني، هو أحد قادتها لمعارضة الإعلان والجمعية التأسيسية قبل الاستفتاء والدستور بعد إقراره.

قرارات الرئيس
في تحليله للمشهد السياسي الراهن، يقول الدكتور عمرو حمزاوي إن رئيس الجمهورية أصبح هو الفاعل الرئيس في الحياة السياسية المصرية؛ فالتفاعلات التي جرت في مصر في آخر ثلاثة أشهر من العام المنصرم ارتبطت بقرارات ومواقف اتخذها الرئيس.

ويضيف حمزاوي، خلال لقاءٍ له مع مصراوي مؤخرا، إن الرئيس سيبقى الفاعل الرئيس في السياسة المصرية حتى استكمال بناء مؤسسات الدولة من برلمان (النواب والشورى) وخلافه، وهذا يأتي في إطار ما يسمى بـ''أخونة الدولة المصرية''.

وكان الرئيس محمد مرسي قد أصدر إعلانا دستوريا في 21 نوفمبر الماضي منح به نفسه سلطات واسعة وحصن الجمعية التأسيسية التي كانت تُصيغ الدستور ومجلس الشورى المهيمن عليهما من الإسلاميين، كما عزل النائب العام وعين آخر ما اعتبره كثيرون اعتداءً على السلطة القضائية، وأدخل البلاد في أزمة سياسية تركت آثارها على مختلف مناحي الحياة في مصر.

ورغم أن صلاحيات الرئيس تقلصت بموجب الدستور الجديد، وانتقلت سلطة التشريع إلى مجلس الشورى، إلا أن حمزاوي يرى أنه لم يتغير في الأمر شيء بالنظر إلى أن ''الرئيس هو الذي حدد المسار الذي تسير فيه الحياة السياسية المصرية بتحصنه للتأسيسية والشورى الذي حُصن أيضا في الدستور.

تحفظات على الشورى
لدى حمزاوي بعض التحفظات على مجلس الشورى لخصاها في أن ثلث أعضاءه عينهم الرئيس قبل إقرار الدستور بأيام قليلة، فضلا عن وجود أغلبية كاسحة لجماعة الرئيس وحزبها والسائرين في ركبها، كما أن المجلس يبدو أنه يعمل كإطار موازٍ للحوار الوطني الذي تسيطر عليه أحزاب الإسلام السياسي والحلفاء.

وضرب حمزاوي مثلا بقانون الانتخابات الذي نوقش في جلسات الحوار الوطني ثم ذهب كما هو إلى مجلس الشورى!!! ويقول ''نحن أمام حوار يسمى بالمعنى السياسي مخاطبة أحادية (مونولوج) ''.

''بالنظر إلى الحوار الوطني ومجلس الشورى أنت أمام سيطرة لفصيل واحد على الحياة السياسية؛ وجوهر المسألة لا علاقة له لا بحوار ولا بشراكة ولا بتوافق ولا أي شيء من هذا القبيل''، يرى حمزاوي.

الاتحادية.. المقطم.. المنيل
ويقول حمزاوي، النائب السابق في مجلس الشعب المنحل قضائيا، إن هناك تداخلا بين الاتحادية (الرئاسة) والمقطم (مكتب إرشاد الإخوان المسلمين)، وتداخلا بين الاتحادية والمنيل (الحرية والعدالة)، مشيرا إلى أنه إن كان التداخل الأخير مقبول فالأول غير مقبول على الإطلاق.

وجهة نظر حمزاوي هذه تنطلق من أن جماعة الإخوان المسلمين لا أساس قانوني لوجودها ولا أحد يعرف مصادر أموالها ولا أوجه صرفها، كما أنه لا يجب أن تتدخل في الحياة السياسية طالما أنشئت حزبا سياسيا (الحرية والعدالة).

ويشير حمزاوي إلى أن ما يراه هو أن هناك أكثر من مطبخ لصنع القرار المصري من الاتحادية إلى المقطم حتى المنيل.

ويؤكد حمزاوي أن تحول الرئيس إلى مركز الثقل في السياسية المصرية أمر خطير، لأن مصر عانت طوال الستين سنة الماضية من ''استبداد رئاسي'' تمثل في مركزية رئيس الجمهورية لا ترد له كلمة، و''استبداد أمني'' تمثل في الآلة الأمنية.

جبهة الانقاذ
في البداية، يقول حمزاوي إن جبهة الانقاذ الوطني تشكلت في لحظة حراك شعبي وسياسي ارتبطت بإعلان الاستبداد الرئاسي – كما يسميه – حيث تنادت قوى سياسية مختلفة من اليمين إلى اليسار لرفض هذا الإعلان وكل ما تضمنه من إجراءات استبدادية وعصف للسلطة القضائية.

ويضيف ''في هذه الظروف تشكلت الجبهة، واستمرت في عملها في رفض إعلان الاستبداد الرئاسي ورفض الدستور؛ وذلك الرفض بدأ من الانسحاب من الجمعية التأسيسية الأولى ثم الثانية ووصل الأمر إلى رفض جماهيري واسع''.

ويوضح حمزاوي أنه حتى الاستفتاء كانت قضايا الجبهة الرئيسية إسقاط الإعلان الدستوري والدستور. أسقط الأول لكن حصنت الآثار المترتبة عليه، ملفتا أن العمل الجماهيري استمر في رفض الدستور ومواجهة الجمعية التأسيسية من خلال الكتابة اللقاءات والمناظرات.

رأيان حول الاستفتاء
''بهذه الكيفية كانت مص تقترب من الاستفتاء، وكان بالجبهة أكثر من رأي؛ البعض رأى المقاطعة لعدم إضفاء الشرعية على دستور باطل وضعته جمعية باطلة، وكانت نقطة الانطلاق لهؤلاء،وكنت منهم، أن الدساتير عندما تعصف الحقوق والحريات تبقى باطلة حتى وإن كانت مقبولة في استفتاءات''، يقول حمزاوي.

ويكمل حمزاوي أنه كان ''هناك رأيا آخرا يرى التعبير إجرائيا عن رفض الدستور بالتصويت بـ(لا)، واستند هذا الرأي على الرفض الشعبي الواسع للمنهج الانفرادي لإدارة شؤون البلاد من قبل الإخوان وحلفاءهم.. وحسم الأمر بالمشاركة والدعوة لرفض الدستور''.

ويؤكد حمزاوي أن الجبهة منذ نشأتها تمثل استجابة للشارع ولا تحركه، ملفتا إلى أن هناك ''وهم لدى الناس أن الحركات والجماعات السياسية هي التي تحرك الشارع''. 
 
تباينات لا انقسامات
لا يخفي حمزاوي أن الجبهة بها تباينات في تقدير الموقف السياسي والمجتمعي وتحديد الأولويات وخلافات في الرأي واستراتيجيات التحرك، إلا أنه ينفي بشدة وجود انقسامات بالجبهة، نظرا لما يقول إن هناك آلية ديمقراطية لاتخاذ القرار وإدارة الاختلاف.

ويوضح أن هذه التباينات تظهر في طريقة التعامل مع الدستور بعد إقراره وكيفية المشاركة في الانتخابات والتعامل مع الحراك الجماهيري في 25 يناير 2013.

بالنسبة للدستور، يقول حمزاوي إن هناك فريق يرى السعي لحصد نسبة جيدة من مقاعد مجلس النواب ومن ثم التعامل من خلالها مع الدستور والتأثير على التعديلات، وهناك فريق آخر - حمزاوي ضمنه - يرى أنه لابد من توظيف الحراك الجماهيري بصورة إيجابية.

ويلفت إلى أن هناك حوار وطني يجب أن تقدم الجبهة رؤية متماسكة بشأن إمكانية الانضمام له حال تحول إلى حوار حقيقي، موضحا أنه الوصول إلى صفة إلزامية لتمرير التعديلات الدستورية من قبل القوى الإسلامية في البرلمان المقبل، وليس تعهد من الرئيس بطرحها على المجلس، كما يقال الآن.

أما الاحتجاج السلمي، فينظر إليه حمزاوي على أنه هو المسار الذي تسبب في النقلات النوعية الكبيرة في مصر خلال السنتين الماضيتين.

ويقول إن البعض يحاول أن يقلل من هذا المسار.. إلا أن الجبهة لا تملك وجود فجوة بينها وبين الشباب المحرك الرئيس لهذا الاحتجاج، وعليها العمل لتقريب وجهات النظر وتوضيح الأمور وتقديم بديل حقيقي لهؤلاء الشباب.

انتخابات مجلس النواب
في الجبهة هناك رأيان بالنسبة للانتخابات البرلمانية المقبلة - كما يقول حمزاوي - أحدهما يرى المشاركة في جميع الأحوال، والآخر يرى المشاركة المشروطة، وطرح أحد عشر شرطا لضمان النزاهة والشفافية.

ويزيد حمزاوي على هذه الشروط ضرورة الوصول إلى حل أو تسوية بشأن مسألة الدستور.

ويرى حمزاوي أن المشاركة في الانتخابات لها علاقة بما أسماه ''حياد الحكومة'' المتمثل حياد المؤسسة وليس الأشخاص، على حد تعبيره.

ويؤكد حمزاوي على ضرورة التواصل مع الحركات والقوى السياسية الأخرى خارج الجبهة وتحديد القواسم المشتركة، مشيرا إلى أنه ضد تحولها إلى ''نادي امتيازات'' أو ''بجهة أيديولوجية''.

ويقول إن الانقسام الأيديولوجي لم يعود على القوى المدنية بالخير؛ وحدها القوى الإسلامية استفادت منه في كل انتخابات واستفتاءات.

ويقول حمزاوي أن الجبهة لا يجب أن تكتفي بالمعارضة فقط إنما عليها أن تطرح حلولا حقيقة للمشكلات التي يعاني منها المواطن، ''بمعنى أن تتحول الجبهة إلى معارضة حقيقية لا معارضة شعارات أو معارضة رفض فقط''.

تطوير الجبهة
وفي هذا الصدد يقول حمزاوي أن جبهة الإنقاذ طورت من هيكلها التنظيمي وأنشئت ''مكتب سياسي'' من رؤساء الأحزاب وشخصيات عامة (14 عضوا) و''لجنة سياسية'' مهمتها الإطار السياسي الذي تتحرك من خلاله الجبهة وتطرح برنامجا انتخابيا حال قررت خوص الانتخابات.

هذا بالإضافة إلى تشكيل ''لجنة اقتصادية'' تعمل على تطوير حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والأزمات المتعاقبة التي تمر بها مصر.

ويشير حمزاوي أن الجبهة تتعرض لـ''ظلم'' عندما يقال عنها أنها ''جبهة خراب''، وغير ذلك من الأقاويل، وهو يقول إن الجبهة وافقت على المشاركة في الحوار الوطني ووضعت شروط على مشاركتها بخصوص تعديلات الدستور وإلزام القوى السياسية بنتائج الحوار.

وبرر حمزاوي مشاركة جبهة الانقاذ في الاستفتاء على الدستور بأنها ''لم ترد إحباط المصريات والمصريين وخافت من عنف قد يحدث''، مشددا على أن الجبهة على استعداد للمشاركة في جلسات الحوار الوطني لكن في ظل وجود ضمانات.

ويرد حمزاوي على الاتهامات التي تكال للجبهة بأن بها ''فلول'' وغير ذلك، أشار حمزاوي إلى أن الجبهة بات لها ''مبادئ وأهداف'' ومن يلتزم بها فهو عضو فيها. وقال ''الجبهة ليست جهة لتوزيع الأختام والصكوك''.

ويلفت إلى أن حزب الوفد الذي يعترض البعض على وجوده بالجبهة كان حليفا لجماعة الإخوان المسلمين وحزبها حتى قبل إجراء الانتخابات البرلمانية وانهيار التحالف الديمقراطي من أجل مصر؛ فالإسلاميين هم أول من تعاون مع الوفد والمؤتمر.

غياب النضج وافتقاد الكفاءة
في تقييمه لأداء جماعة الإخوان المسلمين وزراعها السياسي حزب الحرية والعدالة، يرى حمزاوي أن الأداء اتسم بغياب النضج في حالات كثيرة منذ قيام الثورة حتى اللحظة الراهنة، مرجعا ذلك إلى أن الجماعة اكتسبت خبرتها السياسية من خلال العمل السري تحت الأرض والانفتاح النسبي على نظم الحكم منذ خمسينات القرن الماضي.

ويقول حمزاوي إن أزمة الجماعة تكمن في غياب العلانية والشفافية، وعدم الفصل بين الدعوي والسياسي، كما أن الإخوان وجماعات الإسلام السياسي الأخرى لم يحسموا أمرهم بشأن الديمقراطية وقيمها وآلياتها.

ويضيف أن السنتين الماضيتين بينتا أن الجماعة وحزبها يفتقدان الكفاءات، حتى أن الفشل بات هو الحقيقة الأبرز في المجتمع المصري، وقال ''هناك اعتيادية للفشل، من حوادث قطارات وطرق وغياب أمني وظروف معيشية أسوأ، وهذا يعكس غياب الكفاءة وكان ذلك ظاهرا في مجلس الشعب المنحل وظهر بشدة بعد انتخاب مرسي''.

''استراتيجيات الأخونة''
في تحليله لطريقة تحرك الإخوان منذ تولي مرسي السلطة، قال حمزاوي إن الجماعة تتحرك في ثلاث استراتيجيات من أجل السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها.

أول هذه الاستراتيجيات تمثل فيما أسماه حمزاوي بـ ''الإحلال'' بمعنى تغيير وزراء ومحافظين، وثانيها تمثل في ''تحالفات جزئية'' مع مراكز القوة بمؤسسات الدولة مثل التحالف مع العسكر والأمن وبيروقراطية الدولة حتى التحالف مع عائلات الحزب الوطني القديم التي تسعى للحفاظ على مصالحها كما كانت من قبل.

أما ثالث الاستراتيجيات التي تتحرك من خلالها الجماعة أوضح حمزاوي أن الجماعة تعمل وفق ما اسماه بـ ''استراتيجية الكيانات الموازية'' بمعنى أمن مواز ومخابرات موازية لأجهزة الدولة، وضرب مثلا بما يقوم به مساعد الرئيس للشؤون الخارجية الدكتور عصام الحداد، وقال إنه يدير الملفات الخارجية دون أن تعلم وزارة الخارجية شيئا، على حد قوله.

ويرى استاذ العلوم السياسية أن هذه الكيانات تنسجم مع ما كانت عليه الجماعة طوال الستين سنة الماضية؛ حيث كانت بمثابة ''دولة داخل الدولة.. وهنا تكمن الخطورة''، على حد تعبيره.

''مرسي المسؤول''
ويلقي حمزاوي بالمسؤولية السياسية على كاهل الدكتور مرسي لا على الحكومة لأنه هو الذي عينها، ويقول ''الشعب لا يحاسب معينين بل يحاسب منتخبين''، وهو أيضا لم يبرأ الأحزاب السياسية الأخرى بل اتهمها بالسعي وراء تحقيق مصالح حزبية ضيقة قد تكون منقطعة الصلة بالهم العام، وهنا تكمن الخطورة، على حد قوله.

ورفض الدكتور عمرو حمزاوي دعاوي إسقاط الرئيس مرسي، ويرى أن هذه ممارسة غير ديموقراطية. ويوضح أن هناك إجراءات ديمقراطية أخرى حال لم يقدم الرئيس المنتخب المصلحة الوطنية وبقى رئيسا لكل المصريين تتمثل في ''الدعوة انتخابات مبكرة'' و''الاحتجاج السلمي''.

في نهاية اللقاء قال حمزاوي إن شرعية الرئيس محمد مرسي اهتزت عندما سالت دماء المصريات والمصريين أمام قصر الاتحادية، وعندما أزهقت أرواح المصريين والمصريات في حوادث القطارات وانهيارات المنازل على رؤوس ساكنيها، فضلا عن عدم الوفاء بالعهود.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان