لا مستقبل ولا أمل في غزة بعد الحرب
برلين – (دويتشه فيله):
ما هو مستقبل غزة وكيف ستسير الأمور؟ في حوارها معDW تشك الباحثة الأمريكية ساره روي في إمكانية نهوض قطاع غزة وأي أمل ومستقبل لسكان القطاع بعد الهجمات الإسرائيلية والحرب الأخيرة التي خلفت دمارا هائلا.
"هذه المرة كل شيء مختلف" تقول ساره روي، فهذه المرة لا يمكن إعادة بناء قطاع غزة كما أن الجراح التي خلفتها الحرب لن تندمل أبدا. وبعد العمليات العسكرية والهجمات التي نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة ليس هناك أي أمل لدى سكان القطاع، البالغ عددهم 1.8 مليون، في إعادة البناء وتحسين وضعهم. "فالناس يهربون من الأوضاع التي لا تحتمل"، إذ يسارعون لمغادرة القطاع سرا وتهريبا عبر الأنفاق إلى مصر ومن هناك يستقلون قوارب للوصول إلى أوروبا، التي يغرق بعضها مع ركابها.
ففي الآونة الأخيرة غرق مركب قرب سواحل مالطا وعلى متنه 500 راكب بينهم الكثير من أهالي غزة، و"هذا ما لم يحدث من قبل" تقول ساره روي، وتضيف "حتى في أسوأ الظروف لم يفكر الناس بمغادرة قطاع غزة"، لكن الآن يغادر الناس من مختلف الفئات الاجتماعية والاتجاهات السياسية القطاع، فحتى أعضاء حماس وحركة الجهاد يدفعون أبناءهم للسفر إلى الخارج لتأمين مستقبلهم.
تدمير الطبقة الوسطى
ساره روي، الباحثة في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفرد، ربما تكون من خيرة العارفين الأجانب بشؤون قطاع غزة، فهي تهتم بالوضع الاقتصادي والاجتماعي للقطاع منذ 30 عاما، وقد نشرت عددا لا يحصى من المقالات وعدة كتب عن القطاع من بينها كتاب عن اقتصاد قطاع غزة وآخر عن حركة حماس.
وقد جاءت إلى العاصمة الألمانية بدعوة من مؤسسة هاينريش بول، للمشاركة في ندوة حوارية عن الأوضاع في قطاع غزة، مع عصام يونس من مركز الميزان لحقوق الانسان والمدونة أسماء الغول اللذين لم يستطيعا تلبية الدعوة والقدوم إلى برلين، حيث لم يقدرا على مغادرة القطاع غزة بسبب إغلاق الحدود.
روي كانت في القطاع في شهر مايو الماضي اي قبل اسابيع قليلة من الحرب، وتقول في حوارها مع DW، آنذاك كان اليأس واضحا على وجوه الناس، فبعد نحو ثماني سنوات من الحصار انهار اقتصاد القطاع ووصلت نسبة البطالة فيه إلى 40 بالمائة وبين الشباب إلى 60 بالمائة، وجاءت الحرب لتزيد من انهيار الوضع، حيث تم تدمير ما لا يقل عن 175 ورشة ومعمل، بينها شركة إنتاج الإسفلت ومطحنة الحبوب الوحيدة في القطاع ومعمل لإنتاج البسكويت.
وأدى تدمير تلك المعامل والورشات إلى فقدان آلاف فرص العمل وضاع معها مورد رزق ومعيشة عشرات الآلاف من سكان القطاع الذين أصبحوا في فقر مدقع ويعتمدون على المساعدات الإنسانية لتأمين قوت يومهم، وتقول روي إن ذلك أدى إلى "فناء الطبقة الوسطى" وقصم ظهر اقتصاد قطاع غزة، ولم يبق في القطاع سوى القليل من الميسورين. والشبكة الاجتماعية الفريدة التي كانت تساند السكان اقتصاديا واجتماعيا، قد تمزقت وانهارت.
التكلفة الباهظة لإعادة البناء
تشير تقديرات السلطة الفلسطينية إلى أن تكلفة إعادة بناء قطاع غزة، تصل إلى ما لا يقل عن 7,8 مليار دولار. حيث يجب إعادة بناء أحياء القطاع والبينة التحتية وشبكة المياه والصرف الصحي ومحطة توليد الطاقة وشبكة الكهرباء أيضا. لكن روي ترى أن هذا المبلغ (7,8 مليار دولار) قليل جدا وتشكك في إمكانية إعادة بناء القطاع أصلا، "والسؤال هو: ما لذي يجب إعادة بنائه؟ فهل يجب تعويض خسائر عام 2014 أم الخسائر التي سببتها العمليات العسكرية أعوام 2000 و2003 و2005 و2006 وما بعدها أيضا؟".
وترى الباحثة الأمريكية أنه لا يمكن استمرار هذا الوضع، حيث تقوم إسرائيل بتكرار تدمير البنية التحتية من خلال عملياتها العسكرية، ويقوم المجتمع الدولي بإعادة البناء. وتقول روي "يجب على ألمانيا والاتحاد الأوربي التساؤل: هل نريد أن نكون جزءا من المشكلة وأحد أسباب انهيار هذه المنطقة؟ أم نريد أن نكون جزءا من الحل؟". وتقول روي جيب على المجتمع الدولي الضغط باتجاه حل للنزاع في الشرق الأوسط، ويبدأ ذلك برفع الحصار وضمان حرية حركة الأشخاص والبضائع، وبذلك يمكن لقطاع غزة الوقوف على قدميه من جديد.
لقد أصبح وضع الفلسطينيين مشكلة إنسانية، تقول الباحثة في جامعة هارفرد، إذ بات معظمهم يعتمد في معيشته على المساعدات الإنسانية، وتقول الإحصاءات إن 450 ألف منهم ليس لديهم مياه شرب نظيفة، فضلا عن أن أكثر من 350 ألف طفل يعاون من صدمات نفسية كبيرة.
وهذه المشاكل لا يمكن حلها من خلال المساعدات المالية ومؤتمرات المانحين وإعانات إعادة البناء، مادامت مشكلة قطاع غزة لم تحل سياسيا "فالناس في قطاع غزة لا يحتاجون مساعدات إنسانية فحسب وإنما يحتاجون للحرية".
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: