جرائم الحرب في غزة.. إسرائيل فوق المحاسبة وفلسطين في انتظار ما لا يأتي!
كتبت - دعاء الفولي:
النوائب التي ألمت بفلسطين على مدى السنين كثيرة، نكبة 1948، مذبحة "صابرا وشاتيلا"، حرب 2008، 2012 والأخيرة في يوليو الماضي 2014، المواطن الغزي هو من يتكبد العناء، بداية من القتل والتشريد في المخيمات، وحتى التضييق الأمني وحصار القطاع الذي لا ينفك يزداد، على الجانب الآخر من عالم غزة وفلسطين، تظهر أصوات منددة بما يحدث في كل مرة، من منظمات حقوقية، الأمم المتحدة، وحتى المحكمة الجنائية الدولية، التي أعلنت أمس عزمها على التحقيق الأولي في حرب غزة 2014. مع محاولات التمسك بأمل إدانة إسرائيل، غير أن الأمر ينتهي دائما بإفلاتها من العقاب، ويظل صوت العاقلين يتساءل "ماذا بعد؟"، فحتى إذا اُدينت إسرائيل؛ كيف سيمنع ذلك وقوع ضحايا آخرين.
"نحن نختلف مع الخطوة التى قامت بها المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، إنها لمفارقة مأساوية أن تكون إسرائيل، التى واجهت آلاف الصواريخ الإرهابية التى أطلقت على مدنييها وأحيائها، هي الآن موضع تدقيق من جانب المحكمة الجنائية الدولية"، كان ذلك رد فعل المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جيفري راتكي، على ما طُرح أمس من قبل المحكمة، بينما لم يختلف رأي الجانب الرسمي للاحتلال، إذ وصفوا الخطوة بـ"الفضيحة"، أقرت المحكمة الدولية بأنها ستفتح تحقيق أولي فقط، ما قد يفضي إلى فتح تحقيق مطول في الجرائم وقد يستغرق سنوات لإدانة إسرائيل، تلك الخطوة ليست الأولى عالميا لنبذ العنف الإسرائيلي، وكذلك ليست الأولى التي تنبئ بعدم الجدوى رغم جديتها.
هناك تراكم في جرائم إسرائيل، لا يعتمد فقط على الحروب القريبة، فقبل عام 48 نزح حوالي 350 ألف فلسطيني من منازلهم وأراضيهم بسبب إرهاب العصابات الصهيونية، وإلى الآن فالمجالس الحقوقية الدولية لم تشير إلى هذه المجازر، وتتعامل معها كأنها لم توجد، وكثير من المواطنين العرب لا يعلمون تاريخ تلك العصابات، على حد قول محمد خالد الأزعر، المستشار الثقافي للسفارة الفلسطينية بالقاهرة.
في أكتوبر 2009 ناقش مجلس حقوق الإنسان تقرير يُدعى "جولدستون"، قدمته بعثة الأمم المتحدة للتقصي عن حرب غزة التي وقعت عام 2008، متحدثا عن ارتكاب إسرائيل لجرائم ضد الإنسانية، ومؤيدا لتقارير أصدرتها منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش خرجت بنفس النتيجة، حرب 2008 التي استمرت 21 يوما وأسفرت عن سقوط 1285 فلسطيني، انتهت بعدم مساعدة الحكومة الإسرائيلية لبعثة الأمم المتحدة أثناء التحقيق، إذ رفضت إدخالها عن طريق معابرها، فدخلت من خلال معبر رفح، ورغم الضجة التي أثارها التقرير حينها، لكنه لم يفض إلى تحجيم هجوم القوات الإسرائيلية على المدنيين فيما بعد.
استقبل "الأزعر" تصريح رئيس المحكمة الجنائية بشيء من الحذر، يعلم أن إسرائيل وامريكا ستبذلان قصارى الجهد لعرقلة جهود المحكمة، لكن سبل الدفاع السلمي عن الأرض تضيق يوما بعد الآخر "إسرائيل سدت أمام الجهات الفلسطينية كل الفرص.. رفضت التفاوض ونكصت عهودها وأمريكا من الجهة الأخرى تساعدها"، لذا فمحاولات التصعيد تتجه إلى نفق مظلم. لأن المحتل يريد توريط الجانب الفلسطيني في العنف، ليستخدمه كذريعة لدك المدنيين ويعاملهم كدروع بشرية يجرب عليها الأسلحة، على حد قول "الأزعر".
22 % فقط من أرض فلسطين، هو الرقم الذي صرّح به الرئيس محمود عباس، لإقامة الدولة الفلسطينية عليه في نوفمبر 2014، مع الوقت ينخفض سقف طموحات المواطن الفلسطيني، فبينما كانت الانتفاضة الأولى عام 1987 تدعو للتحرير الكامل، صار المرجو رفع يد إسرائيل عن قطاع غزة فقط، أو زيادة حصة الكهرباء التي تصل مدد انقطاعها به إلى 12 ساعة يوميا، يعتقد "الأزعر" أنه لا خيارات أخرى عن المجالس الحقوقية واللجان، إسرائيل جعلت ظهر النظام الفلسطيني للحائط، موضحا: "اعتراف المجالس الدولية بجرائم إسرائيل سيكون له تأثير معنوي جبار على المحتل ومن يسانده"، حتى لو لم يؤت هذا التأثير ثماره على الشعب المهضوم حقه.
لجنة "جولدستون" لم تكن الأولى التي أقرت بجرم إسرائيل، سبقتها تقارير من العفو الدولية وغيرها تدين الاعتداءات، لكن الطرف المُدان يتعامل بمنطق "البلطجة" مع القوانين الدولية، فعلى حد قول المستشار الثقافي "إسرائيل تخاف ماتختشيش"، فقد منعت أيضا لجنة من الأمم المتحدة من دخول ما تقول عنه أراضيها للتحقيق بشأن الحرب الأخيرة، بزعم أن التحقيق ليس من اختصاصات هذه اللجنة. فرغم أن إسرائيل تدرك خرقها للمواثيق الدولية وتتنبأ بالاستنكار العالمي لما تفعل، إلا أنها تأمن العقاب.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: