إعلان

التسويق التليفوني.. النصب في مكالمة

01:47 م الأربعاء 03 يونيو 2015

التسويق التليفوني

كتبت- علياء أبوشهبة:

اتصال من رقم مجهول يتفنن المتحدث في إقناعك بحسن حظك الذي جعلك من القلة المختارة بالصدفة، لكي يتم الاتصال بك واختيارك لتسلم الهدية المجانية التي لن تعلم عنها شيئا ثم يبادر المندوب بعرض قائمة طويلة من المنتجات رافضا مقاطعته عن عرضه غير المغري، هذا هو حال شركات التسويق التليفوني التي تحاصر المواطنين.

خصوصية بيانات المواطنين

لا يحق لشركات التسويق التليفوني الحصول على قاعدة بيانات المواطنين والإتصال المتكرر بهم، وما يحدث حاليا هو نتيجة عدم فعالية التشريع القانوني الحالي، وهو ما سوف يتم تداركه في مشروع القانون الجديد، هذه هي الحقيقة التي تحدث عنها اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، الذي أكد لمصراوي على ضرورة إصدار تشريع قانون جديد بتجريم استغلال البيانات الشخصية بدون مصدرها الشرعي ، مثل الإستعانة قاعدة بيانات النوادي والشركات والجهات المختلفة.

وأشار يعقوب إلى إنه عند تجريم استغلال البيانات لن تجد مجهولا يتصل بك ويخبرك بشراء منتج أو الترويج لعروض الشركات السياحية، مضيفا أن الجهاز يتعامل مع الشكاوى بشكل حاسم ويصل للمخالفين عن طريق قيام المسؤول بخداعهم بأنه مستهلك عادي، ويتم الإتفاق على المكان، موضحا أن غالبية الشركات لا تعط عنوانها الحقيقي خوفاً من المسائلة القانونية، وإذا أعطت عنوانا يكون عبارة عن شقة مفروشة متغيرة من الحين إلى الآخر.

في شهر سبتمبر الماضي حذر جهاز حماية المستهلك من التعامل مع شركتي "أورانج" و"تايم شوب" للتسوق عبر الهاتف، نظرا لترويجهما لأجهزة تليفون محمول صينية وأجهزة إلكترونية ومستحضرات تجميل معيبة، وتم تحرير المحضر 9436 لسنة 2014 جنح المعادي.

سباب وألفاظ نابية

رغم محاولات جهاز حماية المستهلك ملاحقة شركات التسويق التليفوني إلا أن محاولات الشركات مستمرة، ولا تقتصر على التسويق فقط بل تمتد إلى التطاول اللفظي من مندوبي بعض الشركات، هذا هو الموقف الذي مرت به مرفت محمد، ربة منزل، وتندم لعدم تقديم بلاغ رسمي في شرطة الإتصالات، وذكرت لمصراوي إنها تلقت إتصالا على التليفون المنزلي المسجل باسمها على موقع الشركة المصرية للإتصالات في قاعدة بيانات فاتورة التليفون.

أضافت مرفت محمد:" بعد بداية المكالمة عرفت أنها من مندوبة لشركة تسويق لأجهزة منزلية وأثناء سردها للعروض إعتذرت لها عن الإستماع لما تقول نظرا لظروفي المرضية لترد بألفاظ نابية ثم أنهت المكالمة وعندما حاولت الإتصال برقم الشركة سمعت رسالة صوتية دعائية للشركة ومع صدور فاتورة التليفون تفاجأت أن الإتصال تم حسابه ضمن أرقام المسابقات التي تبدأ برقم 0900".

نفس عبارات السباب إنهالت على مسامع نهلة مدحت، موظفة العلاقات العامة في إحدى الشركات، والتي أخبرت مندوبة التسويق بعدم رغبتها في الحصول على المنتج الذي تروج له، وكانت مندوبة إحدى شركات التسويق للكروت المستخدمة للحصول على خصم في المطاعم والمحال التجارية، وذلك نظرا لعدم استفادتها من هذا الكارت الذي اشتركت فيه مسبقا، لتسمع سيل من الألفاظ النابية وعندما إتصلت بالرقم تم خصم جنيه ونصف من الرصيد وكأنها إتصلت برقم خاص بالمسابقات رغم أنه رغم عادي بعدها تم حظر رقمها.

يبيعون الوهم

"حضرتك كسبت معانا رحلة مجانية لشرم الشيخ ليلة واحد لفردين لازم المندوب يجي يسلمك التذكرة " هذا هو العرض المغري الذي تلقاه المهندس شريف تادرس، عبر إتصال تليفوني غامض، ولأن ليلة واحدة غير كافية في شرم الشيخ طلب زيادة عدد الليالي وبعد دفع مبلغ 200 جنيها لمندوب شركة السياحة الذي حضر لمنزله وظل يتحدث ما يقرب من ثلاث ساعات عن نظام " Time share" بدون التحدث عن الهدية المجانية، والتي تتطلب زيارة فرع الشركة في موعد سوف يحدد لاحقا، أما النقود التي دفعها فهي مقابل مصروفات إدارية.

رحل المندوب ومعه مقابل المصروفات الإدارية ولم يتصل ولا رد على الإتصالات المتكررة، حتى أصبحت جملة "هذا الرقم غير موجود بالخدمة" هي الرسالة التي سمعها شريف كلما حاول الإتصال، وأكثر ما يحزنه أنه لم يعرف لمن يقدم شكواه، كما أنه تكاسل عن حقه.

جلسة مجانية لتنظيف البشرة تحضر فيها المندوبة إلى المنزل، هذا هو العرض المغري الذي تلقته ندى عثمان، مصممة جرافيك، من إتصال مجهول رفضت مندوبة شركة الماكياج إخبارها عن الوسيلة التي عرفت من خلالها رقم تليفونها، واستجابت للعرض رغم مخاوف والديها من تعرضهم للسرقة، وحضرت في الموعد ومعها منتجات تجميل محفوظة في عبوات مجهلة، ما أثار شكها وطلبت من المندوبة مغادرة المنزل وما زاد من مخاوفها تمسك المندوبة بعدم إخبارهم عن مقر الشركة.

إعتاد محمد بهاء الشاب العشريني الباحث عن فرصة عمل ترك بياناته الشخصية لدى مواقع وشركات التوظيف والتدريب، وتفاجأ بإتصال يخبره بأسعار مخفضة بشكل غير مسبوق لدورات تدريبية في برمجة الكومبيوتر فسارع بالحجز في شقة في حي روكسي بمصر الجديدة على أن يبدأ التدريب بعد شهر، وفي الموعد المحدد ذهب ليجد المقر مغلق وبالسؤال تبين أنه مكان مستأجر وأغلق أبوابه مؤخرا، ولم يجد من يساعده في استرجاع قيمة التدريب الذي لم يحصل عليه.

العمل يتطلب الحفظ فقط

"مطلوب أنسات حسنات المظهر للعمل لدى شركة سياحية كبرى بالتسويق التليفوني "تلي سيلز" بدخل شهري كبير وفرصة للطلبه من الساعة 11 صباحا إلى 5 مساء" هذا هو نص الإعلان المنشور في إحدى مواقع التوظيف بالتواصل معه تبين أن العمل لا يتطلب الحصول على مؤهل عالي، ولا يحتاج إلى الخبرة، لكنه يتطلب فقط الحفظ الجيد لكل المعلومات التي سوف يتم تدريب الموظفة عليها، مشيرا إلى العمولات المتزايدة كلما نجحت المندوبة في اصطياد زبائن.

كيفية الحصول على البيانات
الحصول على البيانات
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو كيفية حصول شركات التسويق التليفوني على أرقام تليفونات المواطنين وهي سرية وفقا للقانون ولا يجوز تسريبها.

"لو عندك شركة ومحتاج داتا عملاء متفضلش رايح جاي إفتح برنامج كومبيوتر وطلع أرقام العملاء" هذه هي صيغة الإعلان المنشور عبر موقع إلكتروني وعبر وسائل التواصل الاجتماعي وبتواصل مصراوي مع الشركة وإدعاء الحاجة إلى أرقام عملاء لتسويق فلاتر مياه ردت موظفة في الشركة قائلة إنهم شركة تسويق إلكتروني يقع مقرها في حي المهندسين ولديهم قواعد بيانات هائلة لأرقام تليفونات العملاء وتتنوع أسعارها وفقا لأسعار السلع المراد بيعها، موضحة أن البيانات مقسمة وفقا للنوع والمستوى المادي والاجتماعي.

وأضافت موظفة شركة التسويق الالكتروني التي تحمل اسم صاحبها أن الحصول على البيانات لا يتطلب وقتا، والحصول على ألف رقم مقابل 150 جنيها، ومرفق بها عناوين المنازل الخاصة بالأفراد، ويوجد مجموعة أخرى مقابل 300 جنيها كما يوجد قواعد بيانات خاصة بدول عربية منها الكويت في حالة الرغبة لتسويق السلعة المراد بيعها خارج مصر.

فوضى غياب الرقابة
فوضى غياب الرقابة
المهندس أحمد ريان، خبير تكنولوجيا المعلومات، أوضح لمصراوي أن التسويق الإلكتروني في حد ذاته هو نظام جيد وناجح جدا لكن تطبيقه في مصر يتضمن الكثير من المشاكل الناتجة عن عدم وجود ضوابط تحكم الأمر رغم وجود شركات ملتزمة.

أضاف قائلا: مبدئيا قد يكون موعد الإتصال غير مناسب أو غير مستعد لاستقبال مكالمات تسويق لسلعة أو أن السلعة غير مطلوبة أصلا لدى المستهلك، يضاف لذلك أحيانا يكون المنتج نفسه مهرب ويتم الدعاية لمنتج بمواصفات معينة وعند وصوله للمنزل يكتشف المستهلك إختلافه التام عن ما سبق الإعلان عنه، وتكتمل المأساة إذا حاول المستهلك التواصل مع الشركة لاسترجاع المنتج تكون النتيجة عدم الرد إضافة إلى عدم قدرته على معرفة مقر الشركة، والتي تكون في الغالب شقة مستأجرة، ما ينتج عنه ضياع حق المستهلك.

بينما يختلف الوضع في تجارب التسويق التليفوني العالمية بسبب حرص الشركات الحفاظ على التواصل مع المستهلك.

كما أوضح أن بعض الشركات المخالفة تستخدم تطبيق يمكنها من تغيير رقم التليفون ليعطي المتصل رقم غير حقيقي وهو برنامج رخيص يمكن لأي شخص شراءه واستخدامه، وبعض الشركات تستخدم أرقام لا يمكن معاودة الإتصال بها، أو تتعمد توجيه السباب للمواطنين وعند محاولة الإتصال بهم يكتشف المواطن ضياع 10 جنيهات من رصيده على الأقل، أو تظهر عند الإتصال كلمات "private number" أو "unknown number".

يتم تسريب قواعد البيانات من شركات المحمول بدون علم القائمين عليها وهو خطأ كارثي يفترض بجهاز تنظيم الإتصالات التصدي له.

حماية سرية البيانات
سرية البيانات
وفقا للموقع الرسمي للجهاز القومي لتنظيم الإتصالات يعتبر حماية خصوصية بيانات المستخدمين بما فيها أرقامهم واحدا من أهم البنود المذكورة ضمن قائمة حقوق المستخدمين.

أوضح مصدر مسؤول داخل الجهاز القومي لتنظيم الإتصالات رفض ذكر اسمه أن الجهاز يستقبل يوميا ألاف الشكاوى الخاصة بمشاكل مستخدمي التليفون المحمول والتليفون الأرضي، مضيفا أن ما يحدث هو نصب وليس تسويق تليفوني، وطالب بتقديم بلاغات من المستهلكين حول الأمر وهو ما لم يحدث حتى الآن رغم ضخامة أعداد الشكاوى التي يتلقاها الجهاز يوميا.

وأضاف أن حماية خصوصية المستخدم من مهام جهاز تنظيم الإتصالات، موضحا أن بعض المستهلكين يعطون أرقام تليفوناتهم للمحلات التجارية بهدف التواصل معهم عبر الرسائل sms لمعرفة العروض الجديدة لديهم، وهو ما تتبادله المحال التجارية فيما بينها، وتكون النتيجة تلقي المستهلك إتصالات لترويج بيع فلاتر المياه أو للاشتراك في عروض الشركات السياحية.

نفى المصدر تسريب شركات المحمول لقواعد بيانات العملاء وهو ما يعرضها لسحب الرخصة وفقا للقانون.

الإبلاغ عن المخالفين


الابلاغ عن المخالفين

من جانبه شدد اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك على أهمية تحذير المستهلكين من التعامل مع تلك الشركات التي تبيع سلعا معيبة ومقلدة لماركات عالمية بضمان وهمي، ما يلحق بالمستهلك أضرارا مادية بحقوقه.

مضيفا أن الإعلانات المضللة شهدت نموا متزايدا خلال الفترة الأخيرة، في ظل الزيادة الملحوظة في وسائل الإعلام سواء الصحف أو الفضائيات، خصوصا التي تبث إرسالها من خارج مصر، وتستهدف جمهور المستهلكين داخلها عبر التسوق من خلال الموبايل.

وأشار رئيس جهاز حماية المستهلك، إلى حملات الجهاز لضبط الأسواق سوف تستمر خلال الفترة المقبلة بشكل مكثف، لمكافحة جميع الممارسات الضارة بحقوق المستهلك، مطالبا المستهلكين بمعاونة الجهاز من خلال الاهتمام بالإبلاغ عن أية شكاوى لديهم عن طريق الخط الساخن 19588 حتى يتمكن جهاز حماية المستهلك من اتخاذ الإجراءات ضد المخالفين وضبط الأسواق.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان