لماذا تدافع مصر عن وحدة الأراضي السورية؟
كتب - علاء المطيري:
تمثل سوريا عمقًا استراتيجياً وعسكرياً لمصر على مر التاريخ الذي يشهد بأن مفهوم الأمن القومي المصري يبدأ عند سلسلة الجبال الواقعة في شمالها، ويشير خبراء إلى أن وجود سوريا ومصر مُوحَدتين يجعل المنطقة العربية تقف على أرض صلبة في مواجهة التحديات الخارجية.
وعن دور مصر الثابت في الدفاع عن وحدة الأراضي السورية في ظل الحرب الطاحنة التي يغذيها صراع بين قوى إقليمية ودولية يرى خبراء عسكريون وسياسيون أن بقاء سوريا موحدة يحمى المنطقة من انهيارات قد تكون لها تبعات كارثية على دول المنطقة برمتها، لأن سقوط سوريا بمثابة انهيار مركز الاتصال والطرق التي تربط المنطقة برمتها عبر التاريخ.
عمق استراتيجي
قال اللواء طلعت مسلم، الخبير العسكري، "أيًا كان النظام الحاكم في سوريا فإنها تمثل عمقًا استراتيجياً لمصر"، مشيرًا إلى أنها تمثل عنصرًا أساسياً في حسابات مصر العسكرية من ناحية الشمال الشرقي، لأن ضعفها يؤثر على توازن القوي بين مصر وإسرائيل.
وأضاف أن مصر يمكن أن ترسل قوات عسكرية إلى سوريا لتأمين استقرارها عند الضرورة، لكني لا أعتقد في وجود قوات عسكرية مصرية في الوقت الحالي.
وأشار مسلم إلى أن سوريا كانت شريكًا أساسياً في الحرب التي خاضتها مصر ضد إسرائيل بتنسيق مشترك ومقاتلين مصريين وخبراء عسكريين كانوا يتواجدون في سوريا أثناء الحرب.
من ناحيته، قال السفير أحمد القويسني، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن العلاقة الاستراتيجية بين مصر وسوريا تتأكد عبر التاريخ، حيث تمتد خلفيتها التاريخية إلى عصر الفراعنة ومعركة قادش في منطقة شمال سوريا.
وأضاف القويسني "على مر التاريخ كان الأمن القومي المصري يبدأ عند سلسلة الجبال الواقعة في شمال سوريا، وكلما كانت سوريا ومصر موحدة كلما كانت قدرة الدول العربية للدفاع عن أمنها القومي بشكل أكبر."
وأكد القويسني أن مبادئ السياسة الخارجية المصرية تٌصر على وحدة التراب السوري ولا مصلحة لمصر في تجزئة سوريا.
وقال "مصر لا تريد أن ترى دولة علوية أو كردية في سوريا."
"أفضل السيناريوهات"
وعن نظام الأسد في سوريا قال القويسني: "للأسف الشديد فإن استمرار النظام الحالي في سوريا ربما يعد أفضل السيناريوهات لأن البديل هو انقسامها إلى دول طائفية وعرقية، وهذا يهدد الأمن القومي المصري ويخل بالتوازن الاستراتيجي في الإقليم العربي والشرق الأوسط"
ولفت القويسني إلى أن غياب دمشق عن أهم دول في اتخاذ القرار العربي - "القاهرة والرياض ودمشق" - أخل بمنظومة اتخاذ القرارات العربية، مؤكدًا أن تقسيم سوريا سيكون مقدمة لسقوط أنظمة قومية وتجزئة دول المنطقة.
وأوضح القويسني أن الهدف الاستراتيجي لإسرائيل أن تكون محاطة بدول طائفية وعرقية تعبر عن كيانات صغيرة جدًا لا تقوم لها قائمة وهذا يذكر بممالك الطوائف في إسبانيا قبل سقوط الحكم العربي في الأندلس، مشيرًا إلى أن بشار الأسد هو الدواء المر للحفاظ على سوريا موحدة رغم أنه نظام إجرامي.
وأكد أن مصر لا تنسى رفقة السلاح مع السوريين في النكسة وفي حرب أكتوبر وأن التاريخ المصري يحتفظ بتلك المواقف في ذاكتره لأننا هزمنا معًا وانتصرنا معًا.
وأشاد القويسني بالوعي الاستراتيجي لمصر في ثباتها على موقفها من سوريا رغم تذبذب المواقف الدولية والإقليمة، لأن أولويات السياسة المصرية أن تظل سوريا موحدة، ومسألة القيادة تترك للشعب السوري.
انهيارات محتملة
من ناحيته، قال الدكتور مصطفى الفقي، الخبير السياسي: "يوجد ترابط تاريخي بين الدولتين، فمصر وسوريا كانتا دولة واحدة مرتين، وكانت المرة الأولى في الفترة بين عامي 1931 و1940 والمرة الثانية بين عامي 1958 و1961، وعلى مر التاريخ كان المزاج المصري قريب جدًا من المزاج السوري ويوجد ترابط بين شعبي الدولتين".
وأوضح أن مصر تدرك أن تقسيم سوريا يؤدي لانهيارات ضخمة بالمنطقة سيكون لها عواقب وخيمة على كل الدول وليس على سوريا فقط.
وتابع: "مصر تتعاطف مع الشعب السوري وتسعى لانقاذ سكان حلب من المعاناة الأليمة التي يعانون منها"، مشيرًا إلى أن السياسة الخارجية المصرية ثابتة ولا تتغير بتغير النظام في سوريا.
وأكد الفقي أنه لا توجد علاقة بين موقف مصر من سوريا وبطبيعة النظام الحاكم بها، مشيرًا إلى أن اهتمام مصر ينصب على وحدة الأراضي السورية سواء بقي بشار الأسد - الرئيس الحالي - أم رحل.
وأوضح الفقي أن القضية التي تهم مصر في سوريا هي أن يبقى الشعب السوري وأن تبقى سوريا موحدة وأن تخفف المعاناة عن السوريين الذين تحولوا إلى قتلى وجرحى ولاجئين.
وعن ميزان القوى في الصراع العربي الإسرائيلي أوضح الفقي أن معظم الجيوش العربية القوية أصبحت مخصومة من ميزان القوى في الصراع مع إسرائيل، وهذا أمر لا يخفى على أحد.
واعتبر الفقي أن الحديث عن وجود قوات عسكرية مصرية في سوريا ليس إلا تكهنات.
فيديو قد يعجبك: