مشرحة زينهم.. ''قِبّلة'' المصريين في 2013
كتبت - دعاء الفولي:
بدا الشارع الذي تتواجد به عاديا، به قهوة يجلس عليها الناس يتضاحكون، وبعض العقارات التي يلهو قاطنوها الصغار أسفلها، ولا مانع من حفل زفاف كبير يمر بجانبها كل فترة، مُعلنا فرح جديد قد يطغى على حزن يُشكل ملامح جدرانها الصماء. هي كالضيف الثقيل، لا يستطيع أحد رفضه ولا يستسيغ استقباله أيضا، أصبحت في السنة الأخيرة مقصد لا مفر منه، فارتوت بدماء من كل اتجاه، ودموع أحباء فقدوا ذويهم، فلا يجمع بين كل من يُساقون لها سوى أنهم موتى وأنهم مصريون.
مشرحة زينهم بالسيدة زينب، تلك التي تردد اسمها عام 2013 مرات عديدة، في كل مرة بسبب حدث مختلف يسقط فيه ضحايا جدد يجتمعوا فيها، وتتحول الأجساد المسجاه داخل أروقتها إلى أعداد في كشوفات الموتى، يبحث فيها الأهل عن أسماء ذويهم، أو ينتظرون شهادة وفاة أو تقرير طبي خاص بأبناءهم.
عهد محمد مرسي
بدأ عام 2013 بأحداث ذكرى ثورة 25 يناير؛ حيث سقط فيها العديد من القتلى في المحافظات المختلفة، ورغم أن عدد الموتى في القاهرة كان يناهز الاثني عشر قتيلا، وفي السويس ارتفع العدد أكثر من ذلك، إلا أن مشرحة زينهم استقبلت خمس جثث في تلك الأحداث، اشهرهم الطفل عمر صلاح، الذي قُتل برصاص الجيش في محيط السفارة الأمريكية.
في أوائل شهر مارس اندلعت اشتباكات بين متظاهرين وعناصر من الشرطة في محيط كوبري قصر النيل، على إثر الحكم في أحداث بور سعيد، وأسفر ذلك عن قتيلين استقبلتهما المشرحة.
30 يونيو
بعد اندلاع مظاهرات في أكثر من محافظة مصرية، للمطالبة برحيل محمد مرسي، انتهت موجة التظاهرات بعزل مرسي عن شدة الحكم، وذلك في اليوم الثالث من شهر يوليه، ولكن قبيل عزل مرسي، لم تتوقف الأحداث عن التدفق، ففي يوم 2/7 حدثت اشتباكات بين الأهالي بمنطقة الكيت كات بإمبابة، وسقط على إثرها ثلاثة قتلى، ذهب أحدهم إلى المشرحة.
وفي نفس اليوم بدأت اشتباكات طفيفة بين مؤيدي مرسي ومجهولين، بمنطقة بين السرايات، بينما كان اعتصام النهضة قائما، وأسفرت الأحداث عن 21 قتيلا، وتم نقل جثة واحدة منهم أيضا لمشرحة زينهم.
بعد 30 يونيو
رغم تواتر الأحداث التي سقط فيها قتلى، في النصف الأول من عام 2013، إلا أن الفترة التي تلت عزل مرسي، كانت المشرحة فيها بمثابة البطل، حيث استقبلت مئات القتلى، في أحداث مختلفة بدايتها أحداث الحرس الجمهوري.
في الثامن من يوليه، وبينما كان مؤيدو الرئيس السابق مستمرين في اعتصامهم بمحيط رابعة العدوية، قرر بعضهم الاتجاه للاعتصام بالقرب من نادي الحرس الجمهوري، وعقب الفجر بدأت قنابل الغاز والطلقات تنهال على المعتصمين، ورغم أن الروايات عن واقعة الحرس الجمهوري متضاربة بين تصريحات رسمية وتصريحات حزب الحرية والعدالة، إلا أن هناك 61 قتيل سقطوا من جانب مؤيدي مرسي، ومنهم من ذهبوا كمن قبلهم على مشرحة زينهم، ليتسلم أهاليهم الجثث منها.
مرت أيام ثقيلة عقب أحداث ''الحرس الجمهوري''، لم تخلُ فيها الشوارع من دماء سالت من أكثرمن طرف، لكن المشرحة لم تستقبل أحدا، كأنها تستعد لأكبر عدد جثث يدلف إليها منذ بداية الثورة، ففي منتصف شهر أغسطس، قامت قوات الجيش والشرطة بفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، ومع سقوط أكثر من ألف قتيل لم تستوعب أكثر من مستشفى عدد الجثث الوافدة، ولا حتى المشرحة.
يوم فض اعتصامي ''رابعة والنهضة'' وفي الأيام التي تلت الفض ارتفعت أعداد القتلى المتوافدة على المشرحة، لدرجة اصبح معها الشارع الموجودة به مليء بثلاجات الجثث، والروائح الكريهة المنبعثة من الجثث، والتي لم يستطع السكان والأهالي أن يتخلصوا منها حتى برش ماء الورد أو المعطرات.
لم يمر يومان، حتى انضمت للمشرحة جثث أخرى؛ حيث فقد 37 شخص حياتهم داخل عربية ترحيلات الشرطة أثناء ترحيلهم لسجن أبو زعبل، بسبب تركهم داخل السيارة لساعات طويلة، وإلقاء قنابل غاز وهم داخلها.
لم تتوقف اشتباكات الأهالي والمتظاهرين عقب أحداث الفض؛ حيث وقعت اشتباكات أخرى في أواخر شهر سبتمبر سقط على إثرها عدة قتلى، منهم طالب جامعي يُدعى ''محمد صلاح''، تم نقل جثته للمشرحة أيضا، بعد إصابته بطلق ناري وخرطوش.
الذكرى الثانية لأحداث محمد محمود 2011، شهدت مناوشات بين الشرطة والمتظاهرين بميدان التحرير، وتطور الأمر لسقوط قتيل يُدعى عبد المعبود مجدي، الذي سقط بطلق ناري حي في الصدر طبقا لتقرير الطبي الذي خرج من مشرحة زينهم.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة..للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: