في 11 عاما.. 1600% زيادة أسعار الوقود والدخل "لا يواكب" (تقرير بيانات)
كتبت- مارينا ميلاد:
بات مألوفًا لدى أيمن حسني (الموظف الحكومي)، خلال السنوات الأخيرة، أن يستيقظ على خبر زيادة أسعار الوقود، فيعيد حسبته من جديد لركوب المواصلات وفقًا للأجرة المعلنة.
فيستقل "أيمن" من بيته بمنطقة حدائق القبة بالقاهرة إلى عمله بإحدى مدارس منطقة النزهة أتوبيس "عادي" ثم ميكروباص. كان ذلك يكلفه نحو 30 جنيها في الذهاب والعودة. والأن، سيكلفه المشوار نفسه نحو 40 جنيهًا بعد أن رفعت الحكومة أسعار الوقود اعتباراً من اليوم (الجمعة)، على أن تكون الزيادة الأولى في عام 2025.
فتسعى مصر إلى خفض دعم الوقود كما تقتضي حزمة الدعم التي يقدِّمها صندوق النقد الدولي، وقيمتها 8 مليارات دولار. وخلال الحادي عشر سنة الأخيرة، تحديدًا منذ عام 2014، شهدت أسعار الوقود والمنتجات البترولية تحريكا نحو 15 مرة، بنسبة زيادة نحو 1600% لبنزين 80، ونحو 845% لبنزين 92 ونحو 1400% للسولار، وفي كل مرة، يتبعها زيادة أجرة ركوب وسائل النقل العام والخاص.
وعلى الخط، الذي يسلكه "أيمن" كل يوم إلى عمله، تتكرر مشادات بين السائقين والزبائن مع بداية تطبيق أي أجرة جديدة، فإما لمفاجأتهم من الزيادة، كما يقول، أو "لأن سائقي الميكروباص لا يثبتون سعر في أغلب الوقت، فيقومون بتقسيم المحطات، ويبلغون الزبائن بأسعار مختلفة حسب وجهاتهم".
وقد يصعد أحد المشرفين من المواقف ليسأل "أيمن" ومن معه عن الأجرة، لكن ذلك، كما يوضح، "يحدث بالأيام الأولى للزيادة ثم ينتهي الأمر".
وبالنسبة لسيد فتحي – سائق ميني باص على الخط نفسه، فبات يضع ورقة بالتسعيرة الجديدة على زجاج السيارة الأمامي، "لتكون أمام المشرفين والزبائن على حد سواء"، كما يحكي، لكن ذلك "لا يجنبه المشاحنات"، ويضيف: "مثلا، إن كانت الأجرة سبعة جنيهات ونصف، فيرفض البعض دفع النصف جنيه".
وفي عام 2019، بدأت الحكومة تطبيق آلية "التسعير التلقائي لأسعار الوقود (البنزين والسولار)"، التي تتم عبر لجنة من المختصين تجتمع كل 3 أشهر لمراجعة أسعار الوقود عالميا وتقر إما تثبيتا أو زيادة أو تخفيضا في أسعار الوقود بمصر. وفي أغلب الأحيان، تقر اللجنة زيادات في جميع المنتجات البترولية أو بعضها، وتثبت الأسعار في مرات قليلة.
وبالتزامن مع تلك الزيادات، زاد أيضًا راتب "أيمن" بالعلاوات الدورية و"الاستثنائية لمواجهة غلاء المعيشة"، ما بين 4 – 5 مرات، والذي ينفق منه على أسرته المكونة من أربع أفراد. لكنه كما يرى، "الأسعار تزيد بصورة أسرع، وزيادة الوقود تحديدًا تؤثر على كل شئ، فلا تتماشى زيادة الرواتب مع كل ذلك".
وكان "أيمن" يحصل على راتب 1200 جنيه وهو الحد الأدنى للأجور بما يعادل 170 دولار في عام 2014، وهو نفس المبلغ الذي يتقضاه تقريبا بعد الزيادات المتتالية في راتبه الذي وصل إلى 9 آلاف جنيه شهريا (176دولار)، رغم ارتفاع الحد الأدنى للأجور إلى 7 آلاف جنيه (137دولار).
وفي أبريل 2024، قدّر صندوق النقد أن دعم الوقود في مصر يتعين أن ينخفض من 331 مليار جنيه مصري (6.8 مليار دولار) في العام المالي الماضي 2023-2024 إلى 245 مليار جنيه (5.1 مليار دولار) في 2024-2025. وذلك على خلفية مراجعات واشتراطات يجريها الصندوق لبرنامج القرض الموسع بقيمة ثمانية مليارات دولار.
وتقول وزارة البترول إن "خطوة رفع أسعار الوقود تأتي في إطار الحرص على توفير المنتجات البترولية وضبط أداء السوق، ولتقليل الفجوة بين أسعار بيع المنتجات البترولية وتكاليفها الإنتاجية والاستيرادية المرتفعة".
رغم ذلك "تراعي الحكومة البعد الاجتماعي، فتقوم بتوجيه الجزء الأكبر من الدعم إلى منتجات السولار والبوتاجاز وبنزين 80/92"، وذلك وفقا لبيان الوزارة، اليوم. على الرغم من أنها تستورد 40% من كمية استهلاك منتج السولار، و50% من كمية استهلاك منتج البوتاجاز، و25% من كميات استهلاك منتج البنزين، ليبلغ الدعم اليومي، وفق الأسعار المعلنة، حوالي 366 مليون جنيه يوميًا، بما يعادل 11 مليار جنيه شهريًا، بحسب الوزارة.
ويعمل في مصر المركبات نحو ثمانية ملايين و242 ألف و222 مركبة بالبنزين حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
فيديو قد يعجبك: