''حليم'' و''الأفلام الممنوعة''.. أبرز الإنجازات الفنية لـ''23 يوليو''
كتبت - نوريهان سيف الدين:
لم تكن السينما المصرية بعيدة يومًا عن الأحداث الاجتماعية والسياسية، ونقل نبض الشارع من خلال ''الشاشة الفضية''، وتصوير مشاهد فرح وحزن ومعاناة وانتصار الشعب المصري عبر ذاكرة السينما والفن منذ نهاية العشرينات وبداية ثلاثينيات القرن الماضي، مع ظهور السينما الصامتة والناطقة، و قبلها أيضًا عبر ''فن الأغنية'' والمسرح.
وأدركت ''ثورة يوليو'' تأثير الفن على وعي وحس الشعب المصري، وسعت لتدعيم صلتها ونشر إنجازاتها من خلال الأعمال الفنية المتنوعة ومن أبرزها ''السينما''؛ فالإنتاج السينمائي المصري تميز بالغزارة الشديدة وجودة الإنتاج في القرن الماضي ''عصر السينما الذهبي''، وقدمت عدة أفلام تمجد في الثورة و دورها وأهدافها، وتنتقد ''العصر البائد'' والظلم الواقع على الأمة المصرية خلاله.
أفلام ممنوعة من العرض في الحقبة الملكية، بادرت الثورة بالسماح بعرضها، كان في مقدمتها ''لاشين''، والذي يصور ''ثورة أمير'' على الملك وخلعه عن عرشه، وأيضًا فيلم ''مصطفى كامل'' والذي يحكي قصة كفاح الزعيم المصري مصطفى كامل، ولكنه لم يتثنى له العرض قبل الثورة.
لعل فيلم الثورة الأبرز في ذاكرة المصريين كان ''رد قلبي''، قصة الأديب ''يوسف السباعي''، وإخراج ''عزالدين ذوالفقار''، وإنتاج ''آسيا''، وبطولة ''شكري سرحان، مريم فخر الدين، صلاح ذوالفقار، حسين رياض، أحمد علام''، وصور هذا الفيلم حياة الإقطاع والظلم الواقع على طبقة الفلاحين، وتبدل الحال بعد اضمام ''علي'' نجل ''عبد الواحد الجنايني'' إلى صفوف الجيش المصري وقيام الثورة.
توالت الأفلام التي تبرز تباين الأوضاع قبل وبعد الثورة مثل ''غروب وشروق، الأيدي الناعمة، في بيتنا رجل، بداية ونهاية، القاهرة 30''، وأفلام كفاح الاستعمار ''بورسعيد''، و''جميلة بوحيرد'' الذي يروي أحداث الثورة الجزائرية، إضافة إلى سلسلة أفلام ''اسماعيل يس'' في ''الجيش والطيران والأسطول و البوليس الحربي وفي دمشق''، والتي أبرز خلالها بروح الكوميديا جوانب حياة الجيش والعسكرية المصرية في إطار فكاهي مجتمعي.
''أفلام ممنوعة من العرض''.. بدايتها كان فيلم ''الله معنا'' والذي أنتج عقب قيام الثورة، ولم يعرض إلا بموافقة ''عبد الناصر'' في 1955، وأيضًا فيلم ''شيء من الخوف''، بطولة شادية ومحمود مرسي ويحيى شاهين، أنتج مباشرة بعد ''نكسة 67''، ويحكي ثورة قرية بقيادة ''فؤادة - رمز مصر'' على ''عتريس - رمز الطغيان والجبروت''، وينتهي الحال بإحراق ''عتريس'' وخلاص القرية منه، الفيلم لم يعرض إلا بعد موافقة ''عبد الناصر'' أيضًا.
أفلام أخرى انتجت في ستينات وسبعينات القرن الماضي ومُنعت من العرض، أبرزت زيغ بعض رجال الثورة و''مراكز القوى'' وانحرافاتهم عن مبادئها، و استغلال نفوذهم داخل المعتقلات، مما أدى لوقوع نكسة 67، من هذه الأفلام ''الكرنك، إحنا بتوع الاتوبيس، البريء''.
''تأميم السينما'' كان خطوة في تراجع الإنتاج السينمائي المصري، وتسخيره فقط لصالح ''تمجيد الثورة'' دون خروج أعمال تبرز أوجه النقص فيها؛ فتأميم ''بنك مصر'' المؤسس لستوديو مصر و''شركة مصر للتمثيل والسينما''، وكذلك تأميم شركات التوزيع الكبرى مثل ''الشروق ودولار فيلم''، فضلاً عن تأميم شركة الاسطوانات المملوكة للفنان ''محمد فوزي'' ومسارح القطاع الخاص.
مطربون غنوا أمام ''الملك فاروق'' وعند قيام الثورة مجدوها وغنوا لـ''جمال عبد الناصر'' في مقدمتهم ''أم كلثوم''، والتي كانت إحدى مطربات القصر وعلى صلة طيبة به، وغنت في حضرة الملك ليكرمها بـ''وسام الكمال''، ويمنحها لقب ''صاحبة العصمة''، لتأتي ثورة يوليو وتمنع أغانيها من ''الإذاعة'' لغنائها للعهد البائد، ولا تعود إلا بواسطة من ''البكباشي عبد الناصر''، لتشرع في الغناء للثورة والتمجيد لها ولقائدها ''ناصر''.
مطرب الأمراء ''عبد الوهاب'' هو الآخر كان ضمن المطربين المحسوبين على القصر، وغنى للملك فاروق أيضًا ، إلا أنه بعد ''ثورة يوليو'' حمل على عاتقه تأليف ''الأوبريتات الوطنية''، ووضع الأناشيد الوطنية لعدد من الدول العربية، وبأمر ''لطيف'' من الرئيس ''عبد الناصر'' تعاون لأول مرة مع ''أم كلثوم'' ليخرج لقاء السحاب بأغنية ''أنت عمري''، ويصفها البعض بأنها ''الثورة ذات نفسها''.
''عبد الحليم حافظ - مطرب الثورة''.. شهادة ميلاده سطرت في احتفالات عيد الثورة، وغنائه الأول كان أمام ''ناصر وحكيم'' ووفد من الضباط الأحرار بحديقة الأندلس بالقاهرة، وخلال مسيرته قدم عشرات الأغنيات للاحتفال بالثورة وعبد الناصر والجيش، كذلك قيم ثورية مثل العروبة والسد العالي والمصانع، كما غنى للنكسة ''عدى النهار'' و''أحلف بسماها وبترابها''، وغنى بعد انتصار أكتوبر للرئيس ''السادات'' أغنية ''عاش اللي قال''.
''التليفزيون .. ماسبيرو''.. أبرز إنجازات الثورة في مجال الإعلام ، والذي أنشيء في 1959 بقرار من الرئيس ''عبدالناصر''، ليكتمل البناء في 21 يوليو 1961، إلا أن البث بدأ في 21 يوليو 1960 في الاحتفالات بالعام الثامن للثورة بساعات بث بلغت (5 ساعات) يوميًا، ويصبح اسمه ''التليفزيون العربي''.
فيديو قد يعجبك: