إعلان

مع الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى..الشرق الأوسط على صفيح ساخن

02:10 م الخميس 09 أكتوبر 2014

الحرب العالمية الأولى

القاهرة - (أ ش أ):

تشير عقارب التاريخ هذا العام إلى مئوية الحرب العالمية الأولى، تلك الحرب التي دارت في الفترة ما بين 28 يوليو 1914 وحتى 11 نوفمبر 1918، ونشبت بين القوى الأوروبية، وهي الحرب الأولى التى أطلق عليها وصف ''العالمية'' حيث كان الصراع فيها برا وجوا وبحرا تحت السطح في آن واحد فهي ''حرب الأبعاد الأربعة'' التي شهدت في سابقة جديدة نمطا من التعبئة الشاملة لكل إمكانيات الدولة، وبالتالي شعر جميع البشر، محاربون ومواطنون، في الجبهة الداخلية بوطأتها، وتحملت الشعوب تكاليفها الباهظة في شكل ضرائب مباشرة وقروض استدانتها الحكومة من الشعوب في شكل سندات واتجهت دول الحلفاء إلى الاستدانة من الولايات المتحدة الأمريكية، ولجأت إلى طبع أوراق نقدية أدت إلى حدوث تضخم حاد بعد الحرب.

وتحل الذكرى المئوية لاندلاع الحرب العالمية الأولى فى وقت تعاظمت فيه بؤر التوتر والنزاعات والحروب فى عدة مناطق من العالم، وباتت فيه منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن، واستيقظ فيه أحفاد امبراطوريات تفككت على أحلام استعادة المجد والعرش المفقود، وتساؤل يدور فى خلد الأغلبية عما إذا كان ما يحدث هو إرهاصات لحرب عالمية ثالثة تتناسب أدواتها والتقدم المذهل في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، حرب من نوع جديد ومبتكر ولكنه سيؤدى إلى نفس النتيجة ''إعادة تقسيم الدول وتغيير الخريطة السياسية للعالم''.

وتقدر خسائر الحرب العالمية الأولى بأكثر من9 ملايين مقاتل لقوا حتفهم؛ وتفاقم معدلات الإصابات بسبب التطور التقني والصناعي للمتحاربين، وتعد أحد أعنف صراعات التاريخ، وتسببت في التمهيد لتغييرات سياسية كبيرة تضمنت ثورات في العديد من الدول.

وكانت الحرب العالمية الأولى أول حرب معلنة تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية على أرض القارة الأوروبية بقوات محاربة بلغ قوامها 2 مليون جندي أمريكي، متخلية بذلك عن سياسة العزلة عن مشاكل أوروبا ، ودارت رحاها في 12 مسرحا موزعة على ثلاث قارات (أوروبا وآسيا وأفريقيا)، في أوروبا الجبهتين الغربية والشرقية والبلقان وإيطاليا، وفي الشرق الأوسط مصر وفلسطين ـ العراق ـ الدردنيل ـ القوقاز، وفي أفريقيا شرق وغرب أفريقيا وفي المحيط الهادئ جزر متناثرة كانت مستعمرات لألمانيا.

وطالت مدة الصراع المسلح المتواصل في الحرب العالمية الأولى إلى٥١ شهرا كاملة دون انقطاع، وبلغ عدد الدول المشاركة فيها 28 دولة، منها 24 فى جانب الحلفاء، و4 في جانب المحور المركزي، وبنهاية الحرب كان 93 % عن سكان العالم مشتركين في المجهود الحربي بصورة أو بأخرى. وقد أدت سبعة أسباب حقيقية إلى اندلاع تلك الحرب وهى التنافس على المستعمرات بين المانيا وهى قوى عظمى وبريطانيا وفرنسا، والسيادة البحرية، والأطماع الإقليمية بين ألمانيا والنمسا من جانب، وروسيا من جانب آخر، وبؤرة القلاقل البلقانية، والاستقطاب والتكتلات، واحتفاظ القوى العظمى بجيوش كبيرة.

واستحدثت الحرب العالمية الأولى واستخدمت أدوات وأساليب قتال كانت جديدة على فن الحرب، ومنها الدبابة ولوري النقل الذي استخدم في نقل الجنود ونقل الذخائر وألغي تدريجيا دور حملة الدواب وذلك فى البر، وفي البحر (تحت الماء) تحدى الألمان السيادة البحرية البريطانية لكنهم عجزوا عن مواجهتها فوق سطح الماء فاستخدموا الغواصة وجعلوا منها سلاح فتاك خاصة بالسفن التجارية، وفي الجو استخدمت الطائرة وبدأت بمهمة الاستطلاع ثم انتقلت إلى دور المقاتلة وأضافت مهمة قاذفة القنابل، بالإضافة إلى أسلوب حرب الخنادق المحصنة في الدفاع الذى ظل الأسلوب السائد في القتال في الجبهة الغربية لمدة ثلاثة أعوام ونصف العام، حتى توصل البريطانيون إلى حل معضلات حرب الخنادق بسلاح الدبابة، والغازات السامة التى حققت مفاجأة شديدة عند استخدامها لأول مرة ـ ثم ظهرت سلبياتها ـ وتحولت إلى مجرد سلاح إزعاج من دون حسم تكتيكى، كذلك التلغراف اللاسلكي الذي استخدم كوسيلة للاتصال البرى والبحري.

وبلغ حجم القوات المسلحة فى الجانبين أعدادا هائلة حيث بلغ إجمالى جيوش الحلفاء ٤٢ مليونا وجيوش المحور المركزى ما يقرب من ثلاثة ملايين مجند، فيما وصل مجموع القتلى والجرحى والأسرى والمفقودين ٣٧ مليونا و٥٠٠ ألف، وهو ما يمثل ٥٨ فى المائة من إجمالى القوات المسلحة المعبأة، واستنزفت الحرب أموالا طائلة حيث وصلت تكلفة الساعة الواحدة فى نهاية عشرة ملايين دولار وبلغت التكاليف المباشرة لأعمال القتال والإنتاج الحربى أكثر من ١٨٧ تريليون دولا ر، فيما قدرت تكاليف وخسائر الاقتصاد المدنى غير المباشرة بحوالى ١٥٢ تريليون دولار.

ودخلت دول أوروبا جميعها في الحرب عدا مجموعة من الدول آثرت الحياد وكتب لها النجاة من ويلاتها وهى السويد والنرويج والدنمرك وهولندا وسويسرا وأسبانيا وألبانيا. وغيرت نتائج الحرب العالمية الأولى الخريطة السياسية في أوروبا وأطاحت بأربعة عروش لامبراطوريات هى روسيا القيصرية، وألمانيا، والنمسا والمجر، والدولة العثمانية ـ وخلقت دولا جديدة وخرجت الدول العظمى وخاصة بريطانيا وفرنسا وهي أشد هيمنة وسطوة على مسار السياسة العالمية.

ودار الصراع الرئيسي للحرب في أربع مراحل ما بين كر وفر ونصر، وكانت الخاتمة في الهجوم العام النهائي للحلفاء الذي انتهى بالنصر النهائي لهم وهزيمة دول المحور المركزي، وبنهايتها لم يعد هناك وجود للامبراطوريات الألمانية، والروسية، والنمساوية المجرية، إضافة إلى نهاية الدولة العثمانية. وفقدت الإمبراطوريتان الأوليتان العديد من الأراضي بمساحات شاسعة، بينما تفككت الأخريين ولم يعد لهما وجود، وأعيد رسم خريطة أوروبا بالدول المستقلة، واستحدثت دول بسبب التقسيمات الجديدة، وتشكلت عصبة الأمم بهدف منع أي تكرار لمثل هذا الصراع المروع، ولكن هذا الهدف قد فشل تماما بسبب ضعف الدول وتجدد القومية الأوروبية، إضافة لشعور الألمان بالمهانة الذى ساهم في صعود الفاشية ووقوع الحرب العالمية الثانية.

 

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان