إعلان

حكاية آخر صورة في حياة الصحفية ميادة أشرف

06:07 م السبت 28 مارس 2015

الصحفية ميادة أشرف

كتبت - دعاء الفولي:

كانت خطوات المتظاهرين ترج الأرض، يصدح صوتهم في الأفق، يقطعه أحيانا صليل مدرعات الشرطة تطوف في الأرجاء، الصحفيون يتحركون بين الطرفين لتأدية مهام الوظيفة الشاقة، يسير المصور محمود بكار بالقرب من زميلته ميادة أشرف، المحررة بجريدة الدستور، شوارع عين شمس معبأة بالتوتر، تتوقف الفتاة قليلا لتخبر ''بكار'' أن يلتقط لها صورة ''وابقى ابعتهالي على فيسبوك وخُد بالك من نفسك''، تبتسم ميادة مُتخذة وضع الاستعداد، يتطاير غطاء رأسها السماوي فتعدله، الساعة تشير إلى الرابعة عصرا، تُلتقط الصورة؛ وبعد نصف الساعة تخترق رصاصة رأس ميادة؛ فتموت.

حين بدأت الطلقات تنهال ومعها قنابل الغاز، ركض الصحفيون في اتجاه الأمن، ولم يكن لـميادة فرصة كافية لفعل ذلك، فحين أدارت وجهها قبل القوات باغتتها الرصاصة؛ في تلك الأثناء كان ''بكار'' وزملاءه يحاولون النجاة بحيواتهم ''قالولنا فيه حد صحفي اتصاب''، ولم يكن خبر وفاتها قد وصلهم. ساعتان قضاهما أصدقاء الفتاة العشرينية يحاولون الاتصال بها ''لأنه بعد شوية حد قالنا المصابة صحفية من الدستور فمكنش فيه غير ميادة''، ظل هاتفها لا يرد، حتى علموا مكان المسجد الذي اُخذت له، ومع وصولهم استوعبوا موتها.

اعتادت ابنة كلية الإعلام النزول وسط الاشتباكات لإنجاز عملها، لكنها ما كانت تجد في ذلك غضاضة رغم تحذيرات الأصدقاء ''كنت في المعادي مرة بغطي مظاهرة وكلمتها عشان متجيش وكان فيه ضرب جامد بس مسمعتش الكلام''، قال ''بكار'' الذي التقط لها صورا عديدة، فكلما كانا يلتقيان حال العمل تطلب منه بضحكة معهودة ''صورة''، عرفها بشهر رمضان الذي سبق مقتلها في تغطية لإفطار نقابة المحامين.

احتفظ صديق ميادة بابتسامتها الأخيرة، وعوضا عن إرسالها لها كما طلبت منه، نشرها على حسابه الخاصة بموقع فيسبوك يوم الوفاة، كاتبا كلمات حوارهما. انتشرت الصورة في أكثر من موقع وصحيفة، بينما عانى من التقطها بعد وفاة زميلته، لم يستطع الذهاب لتعزية أهلها بالمنوفية ''حاولت أروح ومقدرتش''، غير عالم من أين جاءت الرصاصة، لكنه موقن أن نقابة الصحفيين لم تفعل شيء لإعادة حقها حتى بعد عام من مقتلها ولا لأي من الذين قضوا نحبهم أثناء تغطية الاشتباكات. يردد كلمتي ''الله يرحمها'' حين يعلق أحدهم على المنشور الموجود بصفحته منذ 28 مارس الماضي، لا يفضل اقتران اسم ميادة بكلمة الموت كثيرا، فيستبدلها بجملة: ''اللي حصل لميادة''.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان