إعلان

محمد الفيتوري.. شاعر أفريقيا في حضرة القدير

12:41 م الأحد 26 أبريل 2015

الشاعر محمد الفيتوري

كتب - هاني سمير:

في حضرة من أهوى عبثت بي الأشواق حدقت بلا وجه ورقصت بلا ساق
وزحمت براياتي وطبولي الآفاق عشقي يفني عشقي وفنائي استغراق
مملوكك لكني سلطان العشاق

هكذا ينشد شاعر أفريقيا محمد مفتاح الفيتوري في قصيدته "معزوفة درويش متجول"، لا ينفصل عن جذوره الصوفية فهو ابن الشيخ مفتاح رجب الفيتوري الولي الصوفي في الطريقة الشاذلية، العروسية، الأسمرية، اهتم بقضايا القارة السمراء محاربا العبودية والاستعمار بقصائده التي كانت تلهب المشاعر، واهتم بقضايا الوطن العربي والقضية الفلسطينية.

رحل الفيتوري عن عالمنا أمس بعيدًا عن وطنه الذي لطالما دافع عن قضاياه، رحل ليصبح في حضرة من يهوى بعد معاناة مع المرض، رحل لتظل قصائده ودواوينه تسطر مرحلة مهمة للشعر العربي الحديث، ويظل صوته يدوي مطالبا بالحرية لكل من يفتقدها.

ولد محمد مفتاح رجب الفيتورى، في 24 نوفمبر عام 1936 في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور الحالية بالسودان، ووالده هو

نشأ الفيتوري في الإسكندرية بمصر وحفظ القرآن الكريم في مراحل تعليمه الأولى، ثم درس بالمعهد الديني وانتقل إلى القاهرة حيث تخرج في كلية العلوم بالأزهر الشريف.

عمل الفيتوري محرراً أدبياً بالصحف المصرية والسودانية ، وعُيّن خبيرًا للإعلام بجامعة الدول العربية في القاهرة في الفترة ما بين 1968 و1970. ثم عمل مستشارًا ثقافياً في سفارة ليبيا بإيطاليا. كما عمل مستشاراً وسفيراً بالسفارة الليبية في بيروت بلبنان، ومستشارا للشؤون السياسية والإعلامية بسفارة ليبيا في المغرب.

أسقطت عنه الحكومة السودانية في عام 1974 إبان عهد الرئيس جعفر نميري الجنسية السودانية وسحبت منه جواز السفر السوداني لمعارضته للنظام آنذاك وتبنّته الجماهيرية الليبية وأصدرت له جواز سفر ليبي وارتبط بعلاقة قوية بالعقيد معمر القذافي وبسقوط نظام القذافي سحبت منه السلطات الليبية الجديدة جواز السفر الليبي فأقام في المغرب مع زوجته المغربية رجات في ضاحية سيدي العابد، جنوب العاصمة المغربية الرباط.

وفي عام 2014 ، عادت الحكومة السودانية ومنحته جواز سفر دبلوماسي.

محمد مفتاح الفيتوري ، شاعر سوداني بارز يعد من رواد الشعر الحديث ويلقب بشاعر إفريقيا والعروبة.

وتم ّ تدريس بعض أعماله ضمن مناهج آداب اللغة العربية في مصر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي كما تغنى ببعض قصائده مغنّون كبار في السودان.

أعماله الأدبية:
يعتبر الفيتورى جزءًا من الحركة الأدبية العربية المعاصرة، ويعد من رواد الشعر الحر الحديث، ففي قصيدة "تحت الأمطار" نجده يتحرر من الأغراض القديمة للشعر كالوصف والغزل، ويهجر الأوزان والقافية، ليعبر عن وجدان وتجربة ذاتية يشعر بها وغالبًا ما يركّز شعره على الجوانب التأملية، ليعكس رؤيته الخاصة المجردة تجاه الأشياء من حوله مستخدماً أدوات البلاغة والفصاحة التقليدية والإبداعية.

وتعد أفريقيا مسرحا أساسياً في نص الفيتوري الشعري، شكلت فيه محنة الإنسان الأفريقي وصراعه ضد الرّق و الاستعمار ونضاله التحرري أهم الموضوعات التي تناولتها قصائده، وألف عدة دواوين في هذا المضمار منها ديوان "أغاني أفريقيا" عام 1955، و "عاشق من أفريقيا" عام 1964م ، و"اذكريني يا أفريقيا" ونشر في عام 1965 ، وديوان "أحزان أفريقيا" والصادر في عام 1966، حتى أصبح الفيتوري صوتَ أفريقيا وشاعرها.

يقول في إحدى إفريقياته:
جبهة العبد ونعل السـيد وأنين الأسود المضطهد
تلك مأساة قرون غبرت لم أعد أقبلها لم أعــد

وللشأن العربي أيضاً مكانة في أعمال الفيتوري من خلال تناوله للقضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية.

وتنقل الفيتوري بين العديد من بلدان الوطن العربي من الإسكندرية وحتى الخرطوم ومن بيروت ودمشق حتى بني غازي وطرابلس، وكتب العديد من القصائد المهمة التي جعلته واحدا من كبار الشعراء العرب المعاصرين

فهو يقول:
لقد صبغوا وجهك العربي آه... يا وطني
لكأنك، والموت والضحكات الدميمة حولك، لم تتشح بالحضارة يوما
ولم تلد الشمس والأنبياء

وكتب الفيتوري عن الحرية والإنعتاق ومناهضة القيود والاستبداد والاعتزاز بالوطن منذ بداياته الشعرية ففي قصيدة "أصبح الصبح" والتي تغنى بها المغني السوداني محمد وردي يقول:
أصبح الصبح ولا السجن فلا السجن ولا السجان باق
وإذا الفجر جناحان يرفان عليك

وإذا الحسن الذي كحل هاتيك المآقي التقى جيل البطولات بجيل التضحيات

التقى كل شهيد قهر الظلم ومات بشهيد لم يزل يبذر في الأرض بذور الذكريات

أبدا ما هنت يا سوداننا ويوما علينا بالذي اصبح شمساً في يدينا
وغناء عاطرا تعدو به الريح، فتختال الهوينى

وفي قصيدة أخرى يقول:
كل الطغاة دُمىً ربما حسب الصنم، الدمية المستبدة
وهو يعلق أوسمة الموت فوق صدور الرجال
أنه بطلاً ما يزال

وإلى جانب نظمه للشعر نشر الفيتوري العديد من الأعمال النثرية والنقدية وبعض الدراسات في الصحف والمجلات العربية وتمت ترجمة بعض أعماله إلى لغات أجنبية، ومن بين تلك الأعمال المترجمة: نحو فهم المستقبلية (دراسة)، والتعليم في بريطانيا، وتعليم الكبار في الدول النامية

جوائزه:
حصل محمد الفيتورى على "وسام الفاتح" الليبي و"الوسام الذهبي للعلوم والفنون والآداب" بالسودان.

دواوينه الشعرية
أغانى إفريقيا (صدر في عام 1955)
عاشق من إفريقيا (1964)
اذكرينى ياإفريقيا (1965)
أحزان إفريقيا (1966)
البطل والثورة والمشنقة (1968)
سقوط دبشليم (1969)
سولارا (مسرحية شعرية) (1970)
معزوقة درويش متجول (1971)
ثورة عمر المختار (1973)
أقوال شاهد إثبات
ابتسمى حتى تمر الخيل (1975)
عصفورة الدم (1983)
شرق الشمس... غرب القمر (1985)
يأتي العاشقون إليك (1989)
قوس الليل... قوس النهار (1994)
أغصان الليل عليك
يوسف بن تاشفين (مسرحية) (1997)
الشاعر واللعبة (مسرحية) (1997)
نار في رماد الأشياء
عريانا يرقص في الشمس (2005)

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان