رضوى عاشور.. حكاية قابلة للرواية
كتبت – نسمة فرج:
حاولت الراحلة الدكتورة رضوى عاشور تخفيف وجعها وأن تعرف القارئ من هي رضوى عاشور ولكن على طريقتها على مدار فصول الرواية.
يعد "أثقل من رضوى" سيرة متحرّرة، تستحضر حكايات الورم الشرس و"البرتقالة الخبيثة" التي تم استئصالها من الرأس أكثر من مرة، إلا أنها كانت تعاود الظهور مرة أخرى.
فالرواية تسرد الراحلة تفاصيل عائلية، تبدأ من الجد "عبدالوهاب عزام" الذي تخيّر لحفيدته اسماً بوقع خاص، مقتبساً إياه من مثل عربي شهير هو "أثقل من رضوى"، الذي يستدل به على الرسوخ والتمكن، وكذلك تخيّر الجد لأخيها الأكبر اسم طارق.
وكان للأب المحامي مصطفى عاشور، وكذلك الأم مية عبدالوهاب عزام، حكايات في الكتاب، وتستعيد المبدعة سيرة كل هؤلاء الأحبة، كأنها كانت تحاورهم، وتودع القارئ.
رضوى عاشور التي عشقت العربية، وأبدعت فيها، حرمت من التحدث بها في سنوات طفولتها خلال الدراسة في "ليسيه الحرية" المدرسة الفرنسية التي التحقت بها في البداية.
رغماً عنها، انساب وجع "البرتقالة التي نبتت في الرأس" إلى الكتاب وقارئه، واعتذرت الكاتبة مرارًا وتكرارًا عن الوصف الدقيق لمرضها والإجراءات الطبية التي اتخذتها بأمر من الأطباء المصريين والأجانب لاتخاذ القرارات الصائبة لتخفيف من وجعها.
تبوح رضوى إلى قارئها بتفاصيل صغيرة، حيث كانت تصف يوميات الحياة في شقة ضيقة بواشنطن انتظاراً للجراحة الدقيقة، وتحكي عن الزوج الذي احتجزته الثلوج في فرنسا، ولم يرد على هاتف الابن، وكذلك الأبن شديد الكرم مع والديه ليس لانهم والديه وطاعتهم واجبة وانما هي طبائعه الأصيلة.
ولم تنسَ رضوى عاشور أن تسجل تقديرها لأصحاب مواقف دعموا العائلة معنوياً خلال تلك المرحلة.
ولم يمنعها المرض من متابعة الثورة التونسية وهي في واشنطن وبعدها ما حدث في مصر من مطالبات بإسقاط النظام، على الرغم من ان رضوى عاشور لم تشارك في الثورة منذ بدايتها بسبب المرض الا انها مهدت لها وذلك من خلال عملها السياسي مع دكتور ليلي سويف حيث كان يتظاهرون من أجل حقوق المعلمين والطلاب.
فكانت رضوى عاشور منحاز ة دائما لجبهة شباب الثوار دائما، كانت تصفهم كأنها تقابلوا قبل هذا، وتتحدث عن الأشخاص المجهولة التي تقدم أرواح فداء للثورة، حيث يموت الفقير الجاهل فيها وهو يحمي المتعلم اثناء الاشتباكات وهو يقول له "خليك انت ورا.. انت شكلك متعلم.. احنا اللي نموت عشان انتو تفيدوا البلد".
تختتم رضوى عاشور كتابها بالأمل، قائلة "أقول لنفسي: لا يصح أو يجوز لأنني من حزب النمل، من حزب قشة الغريق، أتشبث بها ولا أفلتها أبداً من يدي، من حزب الشاطرة التي تغزل برجل حمارة، لماذا لا أقول إننا، كل أسرتنا، لا أعني أنا ومريم وتميم وحدنا، بل كل تلك العائلة الممتدة من الشغيلة والثوار والحالمين الذين يناطحون زمانهم، من حزب العناد؟ نمقت الهزيمة، لا نقبل بها، فإن قضت علينا، نموت كالشجر واقفين، ننجز أمرين كلاهما جميل شرف المحاولة وخبرات ثمينة، تركة نخلفها بحرص إلى القادمين. عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة، أستدرك لأنهي حديثي بالسطر التالي “هناك احتمال آخر لتتويج مسعانا بغير الهزيمة، ما دمنا قررنا أننا لن نموت قبل أن نحاول أن نحيا".
فيديو قد يعجبك: