بالصور - لأطفال الشاطبي "هانم" تخفف الألم
كتبت – يسرا سلامة:
على باب مستشفى الشاطبي بالإسكندرية، كان يرتاد أطفال تختلف أعمارهم، ويجمعهم وطأة المرض على نفوسهم الصغيرة، بين أروقة المستشفى الحكومي، يقضون ساعات في المرض والألم وانتظار العلاج، في الوقت الذي يلهو فيه آخرون بعيدا عنهم، لأيام أو ربما شهور، في افتقاد للمسة حنان فكرت فيها "هانم".
"هانم عبد الله".. إحدى المشرفات على ممرضات مستشفى الشاطبي، بدأت عملها في قسم الدم عام 1998، تقضى معظم وقتها بين الأطفال، بهجة قليلة وسط مرضهم، وخذ الإبر تؤلم روحها قبل أن تؤلمهم، سرائر الموت تسلب منها دموع وذكريات تأبى النسيان، فكرت في أن تخفف من وطأة كل ذلك بأن تخلق لهم أجواء تشبه حياة الأطفال الطبيعية خارج أسرة المرض، أدوات رسم وتلوين بسيطة، كتب للترفيه وأخرى للقراءة والتعلم، فكرة تتمنى لها أن تنمو، قليل تستقدمه لكثير من الألم.
دراسة السيدة للتمريض وللتثقيف الصحي للأطفال دفعها للابتكار، قلب الأم النابض بداخلها جعلها بأقل الإمكانيات تؤسس لمكتبة صغيرة، بها أدوات للرسم، تخفف على الأطفال حدة المرض، بدأت الفكرة من مستصغر الأدوات حولها، تقول "نفسي نتعامل مع الطفل المريض على إنه طفل برضه، من حقه يلعب ويتبسط مش بس ياخد جرعات علاج"، من بالونات صغيرة أو قلم للتلوين أو رسمة كارتون تخلق "هانم" روح البهجة للطفل وإن كانت أيامه معدودة بحسابات الطب.
عدد من الوحدات العلاجية تستقبل الأطفال بالشاطبي، منها وحدة الفشل الكلوي والكبد والتنفس والجراحة وغيرها، تقول "هانم" إن الغالبية من المرضى تأتي من محافظات مجاورة لعروس البحر المتوسط، منها البحيرة ودمنهور ومطروح وكفر الشيخ والدقهلية وغيرها إلى المستشفى الرئيسية في المحافظة، من فئات عمرية مختلفة، تبدأ من عمر الشهر وحتى السادسة عشر عاما، تذكر الممرضة إن الغالبية منهم يأتي من الأرياف، ولا يقدرون على تكاليف العلاج، وتنفس عنهم لمسات بسيطة من رسومات وأدوات للعب.
بيد ممرضة وقلب أم أفسحت "هانم" المجال قليلا داخل المستشفى، لا مكان محدد للترفيه عن الأطفال، الزحام والإقبال الشديد يجعل مكان للترفيه في "الشاطبي" رفاهية لا تقدر عليها مستشفى حكومي، تجعل من العلاج أولوية للأطفال، تقول الممرضة إن الفكرة تحتاج إلى دعم، وأغلب التبرعات يذهب إلى العلاج كأولوية، لم ينقص ذلك من عزيمة "هانم" لتوفير احتياجات الطفل النفسية للعب والرسم والقراءة بحسب سنوات عمرهم ورغبتهم.
تذكر "هانم" إن طلبات الأطفال لا تتوقف، كما لا تسمح الميزانية الصغيرة للمستشفى بأن يتم توفير طلباتهم "احنا عندنا نقص في بعض الأدوية ونتمنى إن تتم ليها استجابة".
تسعى الممرضة الأم للحفاظ على كل الاجراءات الوقائية للأطفال أثناء الترفيه، أدوات اللعب بعضها يستخدم لمرة واحدة فقط من قبل بعض الأطفال؛ لتجنب العدوى، ألعاب أخرى تخضع للتعقيم من طفل لآخر، تشجيع من مدير المستشفى "مجدي عبد الفتاح" يُسرى الحماس في نفس "هانم" وزملائها من الممرضات، وعلى خطى الأم "تريزا" آمنت بأن "في هذه الحياة لا نقدر أن نعمل أشياء عظيمة، بل نقدر أن نعمل أشياء صغيره بمحبه عظيمة".
في البداية كانت تستقدم "هانم" كتب أولادها المدرسية عقب انتهاء عامهم الدراسة للمكتبة الصغيرة بالشاطبي، تسأل الجيران بدأب عن كتب للأطفال زائدة عن الحاجة، نما الحلم ووصل لطبيب آخر بالمستشفى شجعها وأعطها مجموعة أخرى من الكتب، عدوى الثقافة أثرت في نفس طبيب مماثل اشترى كتب مستعملة من النبي دانيال بالإسكندرية واعطاها للمكتبة.
مناشدات ترسلها الشاطبي من أجل نقص في الأدوية تذكرها "هانم"، بيد ناعمة وقلب يملأه الرحمة، وببسمة ترتسم على شفتيها، تحلم السيدة أن يكبر حلمها، وأن يطير إلى كل مستشفيات الأطفال وليس الشاطبي وحدها، أن يكون بكل مستشفى روح تساعد الأطفال على الشفاء، خبراتها دفعتها للإيمان بأن الطفل يتحمل المرض ويتحسن في تقبل علاجه إن كان يصاحبه لمسة من حنان ومحبة أمومة.
ساعات وتفتح الشاطبي الحضانة الصغيرة أبوابها، بعد أن أسست لها "هانم" على مدار شهور، ورغم انتهاء التحضيرات للافتتاح، إلا أن الممرضة تقول إنها تحتاج إلى المزيد من أدوات اللعب؛ لزيادة عدد "أي لعبة مهما كانت صغيرة بتساهم في بسمة لطفل".
فيديو قد يعجبك: