مسابقة التأمينات "مرار" لشبابها.. والنتيجة "في علم الغيب"
كتبت – يسرا سلامة:
بين روابط الكترونية وهمية على شبكة الانترنت، وبين مجموعة "فيسبوك"، ظل "مصطفى قطب" (24 عاما) من أسيوط حائرا، لمدة تتجاوز الـ13 شهرا، انتظارا لنتيجة مسابقة التأمينات الاجتماعية، التي أعلنت عنها وزارة التضامن الاجتماعي في مايو 2014، تتشابه نفس الحيرة لدى "زينب فكري" المتقدمة من محافظة دمياط، من أجل البحث عن وظيفة في درب الحكومة.
"مصطفى" و"زينب" اثنان من أصل ما يقارب من 300 ألف متقدم لثلاثة ألف وظيفة أعلنت عنهم الوزارة العام المنصرم، في تلك الفترة ظهرت إعلانات المسابقة في جريدة الاهرام والجمهورية، ليلهث لها عدد كبير من خريجي كلية التجارة والحقوق وحاملي المؤهلات المتوسطة، بعد أن صرحت آمال عبد الوهاب رئيس صندوق التأمينات لقطاع الأعمال العام والخاص، عن حاجة القطاع التأميني للدولة لعاملين بعد خروج عدد من الموظفين للمعاش.
زينب: الحلم بوظيفة ينهتي بـ"مفيش جديد"
يعتبر التقدم لوظيفة أمرا عاديا تجاوز المئة طلب منذ تخرج "زينب"، تحلم خريجة عام 2007 بأن تلتحق بإحدى الوظائف الحكومية، والدها يرفض أن تعمل في القطاع الخاص، تقول إن في محافظتها يتطلب هذا جهدا شاقا على الفتيات، بجانب أن والدها لا يطمئن لذلك، لتظل الفتاة تطرق الأبواب وراء طلبات الحكومة كان آخرهم التقدم لمسابقة التأمينات الاجتماعية.
طريق قطعته "زينب" من دمياط إلى المنصورة بمحافظة الدقهلية من أجل الاختبار بعد تقدم أوراقها الرسمية، أسئلة شفوية ألقيت على مسامعها وردت عليها الفتاة بإتقان حسبما تقول، لينتهى الامتحان بـ"كله تمام" من الممتحنة، دون أي درجات أو تقييم رسمي منذ مايو قبل السابق، تخشى الفتاة مرور الزمن دون أن تلتحق بالوظيفة، لأنها ولدت قبل تخطي الحد الأقصى للمتقدمين في المسابقة بيومين فقط.
لا تملك "زينب" دخلا لها، تحمل من الشهادات ما يؤهلها لذلك، بداية من بكالريوس التجارة، إلى شهادات اللغة الإنجليزية، وشهادات الخدمة العامة، استوفت أيضا الفتاة كل الشروط من الامتحان الشفوي للتقدير، لتحصل على إجابات لسؤالها المتكرر في التأمينات تفيد بالتأجيل المتكرر، مثل "مفيش جديد" و"معندناش أخبار" و"النتيجة أول أبريل".
وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الوزراء سمعت عنها الفتاة وشاركت فيها تعاطفا فقط، لبُعد المسافة، لعدد من المتقدمين بسبب بطء ظهور نتيجة المسابقة، تقول "زينب": "نفسي نحس إننا بندي حاجة للبلد، واننا نتوظف في بلدنا، الحمد لله ذاكرنا واجتهدنا، فاضل إيه؟"، ترضى الفتاة بالنتيجة أيا كانت، "حتى لو ما كسبناش بس نكون ارتاحنا إننا عرفنا النتيجة، سمعنا عن لجان للتحقق من النتيجة، لكن في مسابقة أخرى في وزارة التربية والتعليم ونتيجتها ظهرت من فترة، إشمعنى ولاد التأمينات؟".
مصطفى "أسيوطى" يحلم بالوظيفة
الوظيفة الشاغرة يبحث عنها أيضا "مصطفى" خريج معهد فني تجاري شعبة التأمينات، تخصصه الأقرب إلى الوظيفة المطلوبة جعله يتقدم بأوراقه، يحلم خريج 2011 بأن يكون له نصيب من وظائف الدولة، كما يكفلها الدستور في مادته الثانية عشر "العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة".
"محصل مندوب رابع".. الوظيفة التي تقدم لها الشاب الأسيوطي، بعد أن قدم أوراقه إلى التأمينات، وقطع ما يقارب من أربع ساعات إلى محافظة قنا؛ من أجل أداء الاختبار الشفوي في شهر نوفمبر الماضي، ليبقى واحدا من الآف تم استبعادهم لعدم استيفاء الشروط، يحصل بموجب ذلك على جواب الامتحان الشفوي، ليجتاز ذلك الامتحان دون أي درجات أيضا كغيره من المتقدمين.
الطريق الشاق والتساؤلات المتكررة عن النتيجة هو ما يفعله الخريج الحديث، كغيره ممن يتعلقون بالنتيجة التي "في علم الغيب"، ينتقد المتقدم للوظيفة الامتحان التكميلي الذي أعلنت عنه وزارة التضامن الاجتماعي، قائلا أنه حتى في الإعلان عن الامتحان وفقا للبيان الصحفي "امتحان تكميلي في وقت لاحق"، دون تحديد موعد نهائي له، كالنتيجة تماما، ويقول "مصطفى": "أنا امتحن واستنى كل ده وامتحن تاني، طب اضمن منين انه ما يتأجلش؟".
شكاوى لمجلس الوزراء، بجانب وقفات احتجاجية، ووقفة يحضر لها بعض المتقدمين أمام قصر الاتحادية في الأيام المقبلة، كلها في مقابل تصريحات لوزيرة التضامن الاجتماعي في لقاءات تلفزيونية عن قرب إعلان النتيجة، والتأخر بسبب فحص الاوراق، لم تعلن فيها الوزارة حتى الانتهاء من فحص عدد منها، ولسان حال المتقدمين "ليه الحكومة أعلنت عن وظائف تعطل نتائجها لأجل غير مسمى؟".
الحكومة ترفع شعار "التسويف هو الحل"
في أبريل الماضي، أعلنت وزيرة التضامن الاجتماعي في لقاء تليفزيوني أن الإعلان عن نتيجة المسابقة قريبا جدا، ومر ما يقارب من ثلاثة أشهر دون الإعلان عن فائزين، مع العلم أنها ليست المرة الأولى التي تعلن فيها الوزير عن نتيجة المسابقة، لتعلن الأمر سابقا في تصريحات صحفية دون تحديد موعد.
وفي هذا السياق، قال مصدر من وزارة التضامن الاجتماعي، رفض ذكر اسمه، أن التأخر المتكرر في النتيجة جاء نتيجة تخوف من وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي من حدوث نفس المشكلات التي واجهت مصير مسابقة 30 ألف معلم التي أعلنت عن نتائجها، وتوافد التظلمات أمام ديوان عام الوزارة.
وقال المصدر لـ"مصراوي" إن الوزيرة شكلت لجنتين محايدتين من أجل بحث النتائج، وذلك بعد ورود شبهة فساد في المسابقة، وذلك لوجود تعيينات بالمحسوبية والواسطة، رغم أن الوزارة أقرت أن كل المتقدمين يؤدون الاختبارات في محافظات أخرى، تجنبا للمحسوبية والواسطة، وتنتظر الوزيرة أن تتأكد من نتيجة صحيحة للمسابقة، وتواصل "مصراوي" مع وزيرة التضامن الاجتماعي، وكذلك آمال عبد الوهاب رئيس صندوق التأمينات لقطاع الأعمال العام والخاص، لكن لم يرد أيا من هاتفهما، حتى كتابة هذا التقرير.
فيديو قد يعجبك: