مواطنون فلسطينيون يُديرون ظهرهم للرئيس "أبومازن": "لم يراعِ دماء الشهداء"
كتب - محمد مهدي:
في القُدس، اليوم الجمعة، حضر عدد كبير من قادة العالم للمشاركة في جنازة الرئيس السابق لدولة الاحتلال شيمون بيريز، من بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ونظيره الفلسطيني محمود عباس، الذي فجرّ ظهوره في الصفوف الأولى للجنازة وتبادله الحديث مع مسؤولين إسرائيليين، الغضب لدى عدد من المنازل الفلسطينية، وموجة من الاستياء على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
المفاجأة
داخل منزله برفح، جلس الكاتب الفلسطيني، محمود جودة، في انتظار متابعة الجنازة، وفي ظنه أنه لن يرى الرئيس الفلسطيني بين الحضور "اعتقدنا إنها مناورة ليس أكثر"، كان يرى أن "أبومازن" صرح باعتزامه التواجد من باب كسب المواقف والمناورة السياسية، لكن "جودة" فوجئ برئيسه في الصفوف الأولى.
انقطعت الكهرباء، غير أن "جودة" شاهد صور الجنازة وتصريحات الرئيس الفلسطيني عبر الإنترنت، شعر بالاستياء "الزيارة تأتي في واقع فلسطيني متأزم.. لذلك نرفضها مهما كانت المبررات"، مشيرًا إلى أنه كان يمُكن أن تكتفي السلطات الفلسطينية ببرقية تعزيه.
كان الرئيس الفلسطيني، قد صرح أمس الأربعاء، باعتزامه التواجد في جنازة "بيريز"، من أجل بعث رسالة إلى المجتمع الإسرائيلي بأن الفلسطينيين يسعون إلى السلام.
بنظرة مختلفة يرى الكاتب الفلسطيني "جودة" أن ما فعله "محمود عباس" هو إمعان في الامتهان، وأن المجتمع الدولي يعرف كل شيء وليس بحاجة إلى مثل هذه البراهين للتعبير عن بحث السلطة الفلسطينية عن السلام.
ويعتبر جودة أن الشعب لم يرفض شيء كما تعامل مع هذه الزيارة، مؤكدًا أنها تسببت في استفزاز المشاعر الوطنية لدى أبناء وطنه.
الغضب
هاجر حرب، صحفية فلسطينية حُرة، تابعت مراسم الجنازة عبر وسائل الإعلام المختلفة، حالة من الغضب انتابتها، مستنكرة ما فعله رئيس الدولة مشيرة إلى أن ما أقدم عليه لا يُمثل إلا نفسه.
من جانبها دافعت حركة فتح عن حضور "عباس" للجنازة، في بيان رسمي، اليوم الجمعة، حيث أوضحت أن التواجد في القُدس جزء من مسؤوليات تقع على رئيس الدولة تجاه التفات العالم أجمع لهذا الحدث، مُضيفة: وعملية لقطع الطريق على حكومة نتنياهو في مشروع الترهيب الذي يُمارس ضد السلطة الفلسطينية ومحاولة لإقناع العالم بأننا في جبهة لا تؤمن إلا بالعنف والسلاح.
التعجب بدا واضحًا على "هاجر" التي ترى أن الرئيس لم يراعِ مشاعر ذوي الشهداء والدماء التي نزفت على أرض فلسطين، ولم يضع في حساباته آهات الثكالى والأرامل والمقدسات التي تُستباح ليل نهار-وفق حديثها-.
ألم والد "الدُرة"
مرّ الألم على قلب "جمال الدُرة" اليوم الجمعة، ليس فقط من أجل ذكرى استشهاد ابنه مُحمد في انتفاضة الأقصى عام 2000، لكنه شعر بذلك بعد متابعته لمشاركة الرئيس الفلسطيني وبعض الوفود العربية في عزاء الرئيس السابق لدولة الاحتلال قائلا "عندما تشارك عدوك وقاتل شعبك فأنت شريك في الجريمة".
"الدرة" أضاف لمصراوي أنه "بدلا من محاكمة قتلتنا نقف بجانبهم هذا شيء مخزي"، مُضيفًا أن القتلة والمستبدين ومن يشاركهم ويقف بجانبهم إلى الجحيم بينما الشهداء هم الخالدون-بحسب تعبيره-.
"هناك دعوات باستقبال محمود عباس في مدن الضفة الغربية بالطماطم والبيض تعبيرًا عن الغضب" كلمات لفظتها "هاجر" بأسى.
رفض التطبيع
كانت حركة حماس، قد دعت أمس الخميس، "محمود عباس" إلى الرجوع في قراره من المشاركة، لأنها ترفض تشجيع التطبيع مع الاحتلال من خلال تلك الزيارة إلى القُدس.
وعلى الدَرب نفسه، أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بيانا طالبت فيه بعدم مشاركة الرئيس الفلسطيني في جنازة ما وصفته "بمجرم الحرب" موضحة أن تواجده أو أي قيادة فلسطينية أخرى هو استمرار لوهن التأثير في المجتمع الإسرائيلي.
المحامي محمود "أبو ندى"، لم يفاجئ من الأمر، كان يعلم مسبقًا أن ذهاب "أبومازن" إلى الجنازة فعل يتسق مع سياسات "فتح" منذ ثمانينات القرن الماضي.
وأشار إلى أن عندما شاهد الجنازة أحس بغصة في القلب، مُضيفًا: "أن تمشي في جنازة قاتلك وتبكي عليه، بينما عدونا وقاتلنا لا يفوت فرصة ليفتك بنا وبهذه البلاد".
أراء الكبار
في محاولة لمعرفة أراء الكبار من الفلسطينيين، قامت الشابة العشريني بيسان عبدالسلام، بتسجيل مقطع فيديو قصير-حصل مصراوي عليه- لجدتها "عايشة شحادة" التي تبلغ من العمر 96 عاما تسألها عن رأيها في الأمر، لترد الأخيرة غاضبة من فِعلة الرئيس الفلسطيني.
وتقول بيسان -من غزة- التي تشعر بالخجل من تصرف "محمود عباس" أن جدتها الغاضبة عُمرها أكبر من وجود دولة الاحتلال الإسرائيلي، وإنها رفضت موقف السلطات الفلسطينية.
الموقف ذاته، تكرر مع الشاب "أمير سبيتان"، الذي نَشر فيديو مع جدته "فخرية" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تتعجب فيه السيدة العجوز من ذهاب "أبومازن" إلى الجنازة، معبرة عن عدم رضاها لما جرى.
وشاهد الفيديو المنشور على الصفحة الشخصية لـ "سبيتان" نحو 390 ألف شخص، ومرر نحو 11 ألف شخص الفيديو عبر صفحاتهم.
وفي تصريح لمصراوي، قال "سبيتان" إنه الفيديو الذي صوره مع جدته في إحدى ضواحي القدس، يُمثل رأي الشارع الفلسطيني.
ووجهت جدته في نهاية الفيديو سؤال إلى السلطات الفلسطينية: "هل لو مات إسرائيل راح تيجي تعزي؟ ليش بتروحوا عليهم؟ مات أبوعمار هل جيه وعزونا؟".
فيديو قد يعجبك: