بعد ارتفاع أسعاره.. تجار المياه الساخنة: "حبة السكر بحساب"
كتب - محمد زكريا:
وسط مقهى يعج بزبائنه الدائمين، وقف أحمد الحوال على كرسي صغير، يعلق ورقة بجديد أسعار مشروباته الساخنة، يرمقها عدد من رواد المقهى الشعبي، يهز أحدهم رأسه ويضرب أخر يده بالأخرى، يحوقل ثالث، بعد أن تأكد من رفع سعر مشروبه اليومي "شاي خمسينة". يتبادل جمع من الشباب أطراف الحديث عن ارتفاع الأسعار، يقطع الحديث طلب أحدهم كوب من الشاي "سكر برة"، قبل أن يأتيه رد "القهوجي" في ضحكات تحمل معاني السخرية "ده كان زمان، دلوقتي حبة السكر بحساب، عندك المعلم أسأله".
مع نهاية العام الماضي كان كوب الشاي يصل سعره إلى 1.5 جنيه، في مقهى "الحوال" بحي المطرية بالقاهرة، غير أن موجة ارتفاع الأسعار التي سادت تلك الفترة، دفعت "أحمد" صاحب المقهى، إلى رفع سعره إلى 2 جنيها.
قبل أيام من عيد الأضحى كان موعد "أحمد" مع شراء ما يحتاجه من مخزون السكر "ملقتش في المربع بتاعي نهائي، عشان المصانع غلت على التجار فمبقوش يشتروا"، وقتها تحسس الشاب الصغير بوادر أزمة".
بعدها توجه الشاب إلى أحد تجار الجملة بالمطرية "قالي الباكتة بـ65 جنيه.. والباكتة بيبقى فيها عشر أكياس سكر كل كيس كيلو"، دفع ذلك "الحوال" إلى التفكير خارج المتجر للحظات، ليدلف في النهاية مُضطرا لقبول السعر، حتى ضربته مفاجأة أخرى "التاجر ساعتها قالي هبيع البكتة بـ66 جنيها"، لكن عقب التفاوض استطاع الحصول عليها بالسعر الأول.
اضطر "الحوال" لرفع سعر كوب الشاي مرة أخرى إلى جنيهين ونصف، اعترض بعض زبائنه بشدة "كان في شد وجذب"، غير أنه وجد مبررا قويا لرفعه أسعار مشروباته "دلوقتي الباكتة بـ67 جنيه من أولاد رجب.. هعمل أيه"، غير أنه بنفس الوقت يتلمس العذر لرواد مقهاه الشعبي "الزبون بيحسب الجنيه.. الـ10 جنيه دلوقتي متكفيش الشاب وهو قاعد على القهوة"، قبل أن يقدم وعد لزبائنه بتخفيض سعر "الشاي" في حالة انخفاض أسعار السكر.
الأمر لم يختلف كثيرا، على مقهى واسع يتوسط بنايات شاهقة، تعلو مدخله يافطة تشير إلى "كوفي شوب سلطانة"، بحي السواح بالقاهرة، إذ وصل سعر "الشاي" إلى 3 جنيهات، غير أنه لم يكن كذلك منذ البداية.
قبل رمضان الماضي، كان "سليم" صاحب المقهى، يُسعر "الشاي" الأكثر استهلاكا بين زبائنه، بـ1.5 جنيها "للعادي" و2 جنيها "للفتلة"، وقتها كانت "الباكتة" تُساوي 42 جنيها فقط، لكن مع حلول شهر رمضان وصلت إلى 47 جنيها، ذلك ما دفعه إلى رفع السعر إلى 2 جنيها "للعادي"، و2.5 جنيها "للفتلة".
وبعد أن وصل سعر "الباكتة" إلى ما يزيد عن 60 جنيها للواحدة، تم توحيد سعر كوب الشاي إلى 3 جنيهات "مش عايز أغلي على الناس، بس غضب عني".
لم تقتصر الأزمة على المقاهي التي تتمركز على جنبات المناطق الشعبية، بل امتدت إلى أحياء القاهرة الراقية وفنادقها الفاخرة، إذ ظهرت بأحد مطاعم فندق "إنتركونتننتال"، عندما وصل سعر "الشاي" إلى 50 جنيها بزيادة قدرت بـ15 جنيها في شهرين فقط، هو ما تسبب في نشوب أزمة بين أحد نزلاء الفندق الفاخر وإدارة المطعم، التي وصلت حد تهديد العميل بعدم الدفع، حسب أحد عاملي المطعم.
وعلى مقهى "كذا ميزة" بحدائق القبة، يتنقل طارق "أبو إسلام" بين مقاعد الزبائن، يقدم الطلبات ويتلقى الشكر. يناديه أحدهم "الحساب يا أبو إسلام"، يتوجه له سريعا دون أن تنطفئ ابتسامته "2 شاي بـ3 جنيه".
يُرجع "أبو إسلام" لمصراوي عدم رفع "كذا ميزة" السعر إلى سياسة صاحب المقهى "هنغلي ليه.. هما الناس معاها فلوس؟"، قبل أن يضيف "هما بيقولوا يومين، والأزمة تتحل.. صاحب القهوة مستني.. لو السكر فضل غالي.. هيغلي".
فيديو قد يعجبك: