إعلان

هيكل.. رحيل "الجورنالجي"

04:27 م الأربعاء 17 فبراير 2016

محمد حسنين هيكل

كتبت- رنا الجميعي:

بين دفّات التاريخ المعاصر لمصر حجز محمد حسنين هيكل موقعه، الذي لن يستطيع أحد بعده احتلاله، في المنتصف من قلب الأحداث التي عركتها بلد كبير بحجم مصر، كان هيكل أحد الوجوه الهامة بها، وحتى مع تنحيه عن الحياة السياسية والصحافية، لم يزل حتى وفاته تُنصت إليه الآذان لمعرفة آرائه، سواء عن طريق تصريحات تتسارع الصحف لكتابتها، أو مُقابلات تذاع تلفزيونيا.

أعطى حسنين هيكل قيمة لمعنى الصحفي، حتى وان اختلفت الآراء في تحركاته وقربه وبعده عن الرؤساء، لكنه استطاع باقتدار اعلاء مهنة "الجورنالجي"- اللقب الذي يحبه-، ولد هيكل عام 1923 بحي الحسين، جذبته والدته للسير التاريخية والحكايات "إن هذا الكلام يأتيني ويدخل رأسي ويفتح لي أشياء كثيرة، ولكن أبي وأمي لم يكن في بالهما أن كل هذا سيؤثر فيّ"، أظهرت الكتب بابًا لم يتوقعه الصغير، والثقافة التي تفتّح عليها، ورغم أنه التحق بمدرسة التجارة المتوسطة، لكنه أكمل دراسته في القسم الأوروبي بالجامعة الأمريكية.

ولج هيكل عالم الصحافة عام 1942، اشتغل مراسل في صحيفة "الايجيبشان جازيت"، التاريخ كان في صالح هيكل، الذي استطاع موالاته لصالحه باقتدار، بدأ بتغطية الحرب العالمية الثانية التي وقعت بالعلمين، كانت أول خبطة صحفية له عن فتيات الليل ومقابلاتهن، حيث أصدر عبد الحميد حقي، وزير الشؤون الاجتماعية آنذاك، قرار بإلغاء البغاء الرسمي، بسبب إصابة عدد من جنود الحلفاء بالأمراض التي انتقلت إليهم من فتيات الليل.

تعرّف هيكل على الصحفي محمد التابعي، خلال لقاء عُقد بمكتب "هارولد إيرل"، رئيس تحرير الإيجيبشان جازيت، وحينها أقنع التابعي هيكل للانتقال لمجلة آخر ساعة، ولُقب بـ"ساحر آخر ساعة".

كان نجم هيكل في طريقه للبزوغ، نشاطه الصحفي جعلاه يفوز بجائزة فاروق عام 1947، بسبب تحقيق عن قرية "القرين" الموبوءة بالكوليرا، وسط منطقة مشتعلة يُمكن فيها لصحفي مُتحمس أن يُصبح اسمًا لامعًا، غطى هيكل حرب فلسطين، انقلابات سوريا، ثورة محمد مصدق في إيران، واغتيالات ملوك العرب، ليعلو كرسي رئاسة تحرير "آخر ساعة" في 1952، بعد استقالة علي أمين.

في تلك الأوقات تفتحت الحياة السياسية أمام هيكل، يُشاهد في اجتماعات مجلس قيادة الثورة، وبالقرب من جمال عبد الناصر عاش هيكل سنوات مجده، الصحفي تحوّل إلى صديق للرئيس، ورئيس تحرير جريدة الأهرام لسبعة عشر عامًا.

كتب هيكل خطاب التنحي لعبد الناصر، وخطاب ما بعد الحرب للسادات، لكن في عام 1974 تبدّلت علاقة الصحفي بالرئيس السادات، أراد تهميشه وتحويله لمستشار له، غير أن هيكل ظلّ على براعته، خرج من جريدة الأهرام بعد قرار الرئيس ونقل تصريحاته للعالم أجمع "إن الرئيس يملك أن يقرر إخراجي من الأهرام، وأما أين أذهب بعد ذلك فقراري وحدي، وقراري هو أن أتفرغ لكتابة كتبي وفقط".

أصبح هيكل واحد من أهم 11 صحفيا في العالم، تفرّغ للكتابة، وحاور رؤساء العالم، كتب هيكل أكثر من خمسين كتاب، محللًا للحياة السياسية المصرية، أصدر أول كتبه عام 1951 "إيران فوق البركان"، وآخر كتبه "من المنصة إلى الميدان" عام 2012.

في عام 2002 ألقى هيكل مُحاضرة بالجامعة الأمريكية أن هناك مخطط لتوريث الحكم، وهو ما ينبأ بالعلاقة بين هيكل ومبارك، التي لم تقترب كعبدالناصر أو تبتعد باعتقال السادات له عام 1981، منذ التسعينات وحتى وفاة هيكل ظلّ "الجورنالجي" في رُكن قصي من النجومية لا يزاحمه عليه أحد.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان