قائد الطائرة المصرية في حكايات المقربين: عاش للطيران ومات بسببه
كتبت-رنا الجميعي:
بصوت يقطر حزنًا، تحدّث ''شهاب شقير'' عم قائد الطائرة المصرية المنكوبة، محمد شقير، عن ذكرياته معه. كيف كانت علاقاته طيبة، كيف كان مقدسًا لعمله، ضحوكًا، لا يهوى وجهه العبوس. أما الصديق ''شريف المتناوي'' فيحكي عن ربع قرن يربط بينهما، منذ أن كانا بالمرحلة الإعدادية، رافقه في حلمه بالطيران حتى تحقق الحلم. بين ''الكوماندو'' كما يصفه أصحابه، ونائب مجلس الشعب ''صبحي الدالي'' الذي يعتبره بمثابة ابنه، إذ كبر أمامه بمركز البدرشين، بالجيزة، ثم انتقاله بعد ذلك للتجمع الخامس، ليصبح قريبًا من عمله الذي أحبّه. تواصل مصراوي مع شهاب والمتناوي والدالي، ليسردوا تفاصيل علاقتهم به.
عزاءان لشقير؛ الأول حدث أمس بمسقط رأسه، مركز البدرشين، بين أهل البلد التي وُلد فيها ''عشان منتعبش الناس إنهم ييجوا القاهرة''، كما يقول ''الدالي''، وآخر اليوم بمسجد ''آل رشدان'' في مصر الجديدة. تنقّل كابتن الطائرة بين الجيزة والقاهرة، سكن في بناية تضم أسرته وعمه ''شهاب''. منذ صغره اصطحبه العم إلى الجامعة، عندما كان طالبًا. ''باخده معايا ويقعد مع صحابي وكل واحد فيهم ياخده شوية، كان واد لمض''، وحينما يُحضر له أصدقاؤه الهدايا ''بيجيبوها لمحمد''.
ظلّ شقير بالبدرشين حتى التحاقه بشركة مصر للطيران، وقتها غادرها إلى مساكن شيراتون، ثُم امتلك قطعة أرض بالتجمع الخامس ''بنى فيلا هناك''، لدى الشاب الثلاثيني الراحل شقيقتين تكبرانه، فقد والدته منذ ثلاثة أعوام، كانت خسارته كبيرة حينذاك، فقد تعود على مرافقتها إلى رحلة العمرة ''بياخد أجازة ويروح معاها ولو هي موجودة دلوقت كنا رحنا دفناها'' يقول شهاب، أما أبناء العم فيعتبرون الطيّار الراحل مثلا أعلى لهم، حيث يدرسون الآن في مجال الطيران.
يحكي المتناوي عن اجتهاد شقير، حتى التحاقه بمعهد الطيران المدني، يؤكد على أن الطيران هو حلمه الذي وصل إليه، أنفق والده ''بهجت'' الكثير حتى تمكّن من العمل بشركة مصر للطيران.
معوقات كبيرة باغتت الطيار الراحل حتى يعمل بتلك بالمهنة؛ منها التحاقه بالثانوية العامة قسم الأدبي، كما يذكر عمه إذ كان يُمنع من الالتحاق بمعهد الطيران المدني طلاب ذلك القسم، ما جعل احتمالات سفره إلى الخارج مطروحة، غير أن القدر كان له حديث آخر، حيث سُمح لطلبة الأدبي في ذلك العام بالانضمام للمعهد. ''وقت الدراسة كان لازم يمر على شغلي لأنه قريب من المعهد'' يروي العم.
ارتبط شقير بعمله، فكلما سأله المتناوي عن سبب عودته للمنزل باكرًا ''يقولي بذاكر''. هو القائد الذي يمتلك سجل مميز من عدد ساعات الطيران وصلت إلى 6275 ساعة. الطُموح ملمح واضح في حياة شقير ''كان في رابطة الطيارين''، وكان له مواقف جديّة من أجل المهنة، فأثناء أزمة اضراب الطيارين في شهر مايو الجاري، جمّع زملائه وأقام لهم ''عزومة''، ليناقش معهم استمرار العمل والسعي في نفس الوقت خلف مطالبهم ''كان بيقولهم: ليهم حق ياخدوه بس ميوقفش العمل''، فيما يعتبره عمّه أنه قائد ''مش بالعافية لكن بحب الناس''.
لم تنقطع زيارات شقير عن البدرشين، كما عاون نائب مجلس الشعب أثناء الانتخابات ''كان بيلف على صحابه يقولهم (على انتخاب الدالي)''. كلما رآه الدالي تندّر قائلًا ''فين يا عم زمايلك''، لم ينشغل الطيار بواجباته عن تواجده ببدرشين ''لما يبقى موجود في مصر ميتأخرش، في كل المناسبات معانا''.
ذكريات خاصة تجمع بين المتناوي وشقير ''بينا حاجة كبيرة''، يتذكر الصديق بأسى كيف بحث كثيرًا عن الفتاة ''اللي يرتاح لها وتسمعه''، حتى يربطهما الزواج، لكنه لم يعثر على من ترافقه عمره القصير.
البيزنس الشخصي كان اهتمام شقير بعد الطيران ''بيحب يبيبع الأراضي''، ثم يأتي ولعه للسيارات ''كان معاه بي ام''، حيث يبيع أحدها ليقتني أخرى أحدث، السفر حول العالم أيضًا كان مما اهتم به، يُحب رفقة المتناوي ''لما تكون التذكرة غالية يقولي خلاص هدفعلك نصها''، مُدن العالم كلها ظلت وجهة شقير سواء في عمله أو وقت فراغه، أما مكة فاختصها بالسفر مرات عديدة ''اعتمر تسع مرات''.
اهتم دائمًا بعمل الخير، سائلًا عمّه قبل رحيله بفترة ''هنعمل شنط رمضان امتى؟''
فيديو قد يعجبك: