حلوان.. استراحة الملوك قديمًا ومسرح للأحداث المأساوية حاليًا

كتبت- دعاء الفولي:

جهاز جرامافون عتيق، تجاوره أريكة خشبية المظهر، نموذج لمركب قديم وُضع على طاولة، تمثال فرعوني يُزين الغرفة الصغيرة، نافذة خضراء اللون مفتوحة، تطل على مدينة حلوان، حين كانت ملجأ الملك فاروق ليستريح بعيدًا عن إزعاج القاهرة. غير أن الواقع لا يبقى هادئًا حتى النهاية، ففي الأسابيع الأخيرة تداولت الأخبار حلوان، كمنطقة حوادث، بداية بمنزل خاطف الطائرة المصرية القابع هناك، مرورًا باشتعال محطة وقود، وحتى فجر الأمس الذي شهد مقتل 8 أفراد شرطة على يد مسلحين.

بالشارع الغربي جنوب حلوان، قطع ملثمون الطريق على سيارة ميكروباص كانت تحمل ملازم أول و7 معاونين مباحث، قبل أن يفتحوا النيران على من بداخل السيارة، وقد أعلن ما يُسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مسئوليته عن الحادث وقالت وكالة أعماق، الذراع الإعلامي، للتنظيم إن أعضاءه نصبوا كمينًا لرجال الشرطة، وجاء في البيان أن العملية تأتي "ثأرًا للنساء العفيفات الطاهرات في سجون المرتدين في مصر".

ورغم إعلان التنظيم عن ارتكابه العملية، إلا أن صفحة تابعة لحركة "المقاومة الشعبية"-ظهرت منتصف 2014- على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أعلنت مسئوليتها أيضًا عن الحادث، قائلة: "حذرناكم لن يمر ما فعلتوه ببلادنا إلا على اجسادنا.. العملية إهداء لشهداء رابعة بمناسبة مرور 1000 يوم على المجزرة"، وتشهد منطقة الحادث الآن حالة استنفار أمني.

كانت حلوان مدينة فرعونية. بها أول سد مائي في التاريخ بمنطقة وادي حوف، اتخذها الخليفة الأموي عبد العزيز بن مروان، في عهد الأمويين، كعاصمة مؤقتة بدلًا من الفسطاط، وفيها ولد ابنه عمر بن عبد العزيز بن مروان، وقد عُرفت بمزارعها المتسعة ومناظرها الخلابة، نظرًا لإطلالها على نهر النيل.

في العصر الحديث كذلك كان لحلوان أهميتها أيضًا، إذ تم بناء قصر خوشيار هانم، أم الخديوي إسماعيل عام 1873 شمال حلوان، وقد كان من أعظم المباني الموجودة، وكذلك بُني بها قصر الأميرة خديجة، ابنة الخديو توفيق، عام 1895 وشيّد فيها الخديوي عباس حلمي الأول بها حمامًا كبريتيًا بغرض الاستشفاء، فيما اُنشئ في حلوان مرصد فلكي يُعد ضمن أقدم المراصد بالشرق الأوسط، وعقب ثورة يوليو 1952، كان الاتجاه إلى إنشاء المصانع بها، لبعدها عن ازدحام السكان، غير أن هذا أدخل لها التلوث.

لم يكد الشهر الماضي ينتهي حتى شبّ حريق ضخم يوم 30 إبريل، بـ"بنزينة مصر" بشارع التروللي في حلوان، حيث كان سببه اشتعال النيران بسيارة مُحمّلة بالبنزين، وقد نجح رجال الحماية المدنية في السيطرة عليه دون إصابات.

قبل ذلك الميعاد بحوالي الشهر، استيقظ العالم على خبر اختطاف طائرة ركاب كانت متوجهة من الإسكندرية للقاهرة، حيث أجبر سيف الدين مصطفى، قائد الطائرة على الذهاب إلى قبرص اليونانية، حيث تعيش طليقته وأولاده الأربعة.

اتجهت الأنظار عقب ذلك الحادث لمنزل الخاطف، حيث اعتاد أن يعيش مع والدته في منطقة أطلس بحلوان، توافدت وسائل الإعلام العالمية والمحلية على المدينة الهادئة مرة أخرى، فيما قامت قوّات الشرطة عقب الحادث بساعات، باصطحاب شقيقتي الخاطف وأحد أبناءهما من منزليهما بنفس المنطقة إلى القسم للتحقيق معهم.