إعلان

"شحططة" السفر و"مروحة ملاكي".. غرائب وطرائف الامتحانات في رمضان

09:03 م السبت 11 يونيو 2016

كتب - محمد مهدي:

اختبار صعب يخشاه الطلبة، يستعدون له بكافة الطرق، تحضيرات مسبقة، حالة طوارئ في المنزل، جداول لتنظيم الوقت، ساعات مكثفة من المذاكرة، ورقة معلقة على أبواب الغرف "امتحانات.. ممنوع العطلة"، كل هذا من أجل مرور فترة الامتحانات بسلام، غير أن الأمور تزداد صعوبة عندما تتزامن تلك الأيام مع شهر رمضان الكريم، يعاني عدد من الطلاب في الثانوية العامة ومختلف الجامعات في أنحاء الجمهورية من ضغوط إضافية، ويضطر كلا منهم إلى وضع خطة جديدة للتأقلم مع الظروف بأقل خسائر ممكنة.

السفر

على مائدة طعام بداخل منزل بسيط بالمنزلة بمحافظة الدقهلية، جلست "ندى محمد" بعد لحظات من آذان المغرب بعقل مشتت، تناولت إفطارها في عجالة، قبل أن تترك مكانها لإحضار حقيبة كبيرة، استعدادا للسفر لحضور أحد الامتحانات في صباح اليوم التالي بكلية تجارة انجليزي بجامعة المنصورة، وسط دعوات والدتها بأن يحفظها الرب من أي سوء"مكنش ينفع أفوت الفطار مع أهلي.. وفي نفس الوقت صعب أسافر الصبح وامتحن وارجع وأنا صايمة".

في ظلام الليل، كسرت "ندى" حدة الملل بتبادل الأحاديث مع زميلاتها عن الامتحان القادم أثناء تواجدهن بموقف "المنزلة" في انتظار وصول "ميكروباص" لينقلهم إلى المنصورة "المواصلات عندنا فيها مشكلة كبيرة، خاصة بليل، بس مفيش مفر"، خلال ساعات حضرت سيارة الأجرة، اكتمل الركاب، وشقت طريقها إلى المدينة التي تبعد عنهم نحو ساعتين "استغليت الوقت في المذاكرة لأن الوقت ضيق جدًا في رمضان".

حياة "ندى" التي تبلغ من العمر 18 عاما، تنقلب رأسًا على عقب خلال فترة الامتحانات التي تتزامن مع شهر رمضان الكريم-وفق حديثها- ساعات المذاكرة في الصباح تصبح أقل "لأنه الاستيعاب بيكون ضعيف قبل الفطار"، وليلًا يُستهلك الوقت في السفر، لكنها لا تنسى مرونة إدارة الكلية التي طرحت على الطلبة جدولين للامتحانات، للتصويت على الجدول المناسب لهم "التاريخ نفسه بس ترتيب المواد بيختلف.. واحنا اخترنا المواد اللي فيها جهد أكبر قبل رمضان" لكن هذا لا ينفي صعوبة أداء الامتحانات في رمضان.

عندما تصل "ندى" إلى المنصورة، تتجه إلى أحد البيوت المخصصة للطلبة، تُجهز "السحور" سريعًا مع زميلاتها، تطاردها أفكار عن صعوبة الاستيقاظ صباحًا وأداء الامتحانات أثناء الصيام، لكنها تحاول نسيان الأمر، تبدأ في مراجعة المعلومات التي حفظتها على مدار الساعات الأخيرة، قبل أن يغلبها النوم، وفي الصباح الباكر تستيقظ متجهة إلى كليتها بجسد مرهق "كل تفكيري وقتها إزاي أخلص وألاقي مواصلات عشان ألحق الفطار مع أهلي".

طواريء

معاناة مماثلة تتعرض لها "هدير نبيل" الطالبة في السنة الرابعة بكلية اقتصاد وعلوم سياسية بجامعة القاهرة، يتحول البيت إلى منطقة طوارئ، خاصة أن شقيقتها الصغرى في الثانوية العامة "الحالة في البيت أشد من الوقت الطبيعي"، فضلا عن وضع ترتيب جديد لساعات المذاكرة "بذاكر أول ما بصحى لأني مبحسش بالعطش، وبكمل بعد الصلاه لحدا الفجر.. ودا عكس يومي العادي".
dd1fe9c2-d2a4-49a2-b147-11a56c14bd87

الصعوبة الأكبر التي تواجه "هدير" هي الانتقال من منزلها ببنها إلى جامعتها لأداء الامتحانات "الموضوع متعب لأقصى درجة"، تنطلق الفتاة العشريني بعد الفجر بـ 3 ساعات إلى محطة القطار القريبة منها "بركب قطر الساعة 6 و10 دقايق" رغم الإنهاك الذي يبدو عليها في تلك اللحظات، تُمسك بأوراق المذاكرة وتبدأ في قراءتها بصوت عال "لو معملتش كدا هنام على نفسي"، ثم تترجل عن العربة في محطة شبرا أو رمسيس للحاق بموعد الامتحان في الساعة التاسعة "طبعًا بعمل حسابي في ساعة زيادة عشان لو القطر أتاخر ألحق أركب مواصلات تانية".
بعد الانتهاء من الامتحانات، تُنهي "هدير" أية أمور متعلقة بالكلية والامتحان القادم "لو هشوف ورق المذاكرة مثلًا" ثم تهرول ناحية السيارة المنطلقة إلى بنها، عندما تستقلها تستسلم سريعًا للنوم "لأن بكون محتاجة للراحة"، وعندما تصل إلى بيتها من جديد ترفع راية الاستسلام حتى ساعات الإفطار "الواحد مبيبقاش فيه نَفَس".

داخل المنزل ذاته، تخوض "هالة" شقيقة "هدير" غمار امتحانات الثانوية العامة، الفتاة حديثة العهد بالامتحانات المصيرية شعرت بالقلق فور علمها بأنها ستُجرى خلال شهر رمضان، لكن سرعان ما بدأت في إعداد نفسها لهذا الأمر "بس برده بكون متوترة وخايفة بزيادة لأن الواحد مبيكونش نايم كويس بسبب لغبطة اليوم والسحور".

الدروس الخصوصية التي تحصل عليها طالبة الثانوي، مفيدة لها، لكنها تقضي على ساعات المذاكرة التي تقضيها بمفردها "لما بيكون عندي درس برجع منه مش قادرة أذاكر"، وفي محاولة لعدم إهدار مزيدًا من وقتها هي وشقيقتها الكبيرة مُنعت الزيارات العائلية و"العزومات" الرمضانية حتى لا يعطلهما ذلك عن المذاكرة "ومبندخلش نساعد في المطبخ خلال فترة الامتحانات.

أمام ورقة الأسئلة، تنشغل "هالة" باسترجاع المعلومات وكتابتها في ورقة الإجابات، لكن يزاحمها العطش، وحرارة الجو التي لا ترحم "طبعًا بنضايق من أخبار الامتحانات اللتي بتتسرب.. بس الجو بيكون أصعب الصراحة".

مروحة ملاكي

منذ أيام، شاهد أهالي مدينة دكرنس بالدقهلية، طالب الثانوية العامة "حازم رمضان" منطلقًا إلى مدرسة "علي مبارك" حيث لجنة الامتحانات الخاصة به، ممسكًا بيديه "مروحة"، أثار المشهد دهشة الجميع غير أن الشاب كان لديه سببا وجيها لفعلته "مفيش مروحة في اللجنة فقولت أتصرف".

كان "حازم"- وفق تصريحاته لمصراوي- قد ذهب إلى أداء امتحان اللغة العربية في مدرسته، لكنه اكتشف عدم وجود "مراوح" في لجنته، طلب من رئيس اللجنة توفير واحدة على الأقل لصعوبة الجو "قالي مفيش في إيدينا حاجة. دي مسؤولية المدير"، عندما شعر أنه لن يتحرك أحد، مرر للمسؤولين حلا للمشكلة "استئذنتهم أجيب مروحة من بيتي لأن الوضع في رمضان هيكون صعب.. لقيتهم وافقوا".

لم يأخذ المسؤولون حديث "حازم" على محمل الجد لكنهم فوجئوا بدخوله إلى اللجنة مصطحبًا "مروحة" من بيته، وضعها بالقرب من الباب، وجهها ناحية المراقبين والطلبة لتتهلل أساريرهم "فرحوا جدًا المراقبين شكروني وزمايلي اتبسطوا من الفكرة"، ثم استلم ورقتي الأسئلة والإجابة ليبدأ الامتحان وهو ينعم بنسيم الهواء "الموضوع فرق جدًا.. ورسالتي اللي كنت عايز أقولها بإنهم مقصرين معانا وصلت".

انتهت أزمة حرارة الجو، لكن مصاعب إتمام الامتحانات خلال رمضان في ظن "حازم" لا تنتهي "الجو الأسري في رمضان بيتدمر، لأن الوحد مش قادر يروح يفطر مع قرايبه بسبب المذاكرة"، كما أن الطقوس التي اعتادها الطالب لم يتمكن من ممارستها نتيجة لضيق الوقت "الصلوات جماعة، ومقابلة الأصحاب بعد الفطار" فضلا عن الصداع الذي لا يفارق رأسه خلال ساعات الصباح لغياب "الشاي والقهوة اللي مبستغناش عنهم في وقت الامتحانات.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان