من "سمير" لـ"توك توك".. كيف تطورت مدرسة "الكوميكس" المصرية؟
كتب – مصطفى ياقوت:
في ستينيات القرن الماضي، شهدت الأوساط الثقافية والفنية المصرية، ظهور شكل أدبي جديد يحمل اسم فن "الكوميكس" أو فن القصص المصورة، على أيدي العديد من رواد فن رسم الكاريكاتير، كما شهد النوع ذاته مراحل وأطوار استطاعت أن تؤسس لمدرسة مصرية خالصة في "الكوميكس".
وعلى الرغم من تواتر الأدلة التي تؤكد أن بدايات الكوميكس كانت فرعونية خالصة عبر نقوش مصورة تروي قصص الملوك السابقين، إلا أن المدارس الثلاث اليابانية والتي عرفت باسم "mangas" والفرنسية "BD" والأمريكية " Comic Books" كان لهم السبق في توثيق الفن الوليد عبر مجلدات للصغار والكبار.
ويقدم لكم مصراوي تعريفًا برواد هذا الكادر الثقافي من مؤسسي المدرسة المصرية لفن الكوميكس، ممن حملوا على عاتقهم مسئولية انتشاره منذ نشأته، وكذلك مراحل تطوره إلى الآن.
أحمد حجازي
لعل الفنان الكبير أحمد حجازي هو أحد أول من وضع لبنات فن القصص المصورة بأعمال كاريكاتيرية تميزت بالانتقادات اللاذعة والسخرية من الأوضاع السياسية والاجتماعية، أعقبها بقصص مصورة موجهة للأطفال، حيث كانت شخصياته الكارتونية المبتكرة -والتي احتضنتها كلا من مجلة ماجد الإماراتية ومجلة سمير- هي الأكثر تأثيرًا في الأطفال على المستوى العربي حتى أيامه الأخيرة، وكذلك رائعته المصورة "تنابلة السلطان".
محيى الدين اللباد
عبر "نظر" اللباد وهوالاسم الذي اختاره الراحل لكتاباته في مجلة ماجد للأطفال، استطاع الفنان التشكيلي المصري إثراء المدرسة المصرية للكوميكس من خلال شخصيات مستوحاة من الشارع المصري تخاطب الأطفال، واستطاعت موهبة اللباد أن تفرض نفسها على إدارة مؤسسة صباح الخير لتفرد له مساحة تتجاوز الصفحتين؛ يعرض من خلالها قصصه المصورة، حتى أصبح مديرًا لتحرير مجلة سمير، ومساهمًا رئيسيًا في تدشين عدة دور نشر أخرى.
حسين بيكار
تجدر الإشارة إلى جهود الفنان الراحل حسين بيكار، الذي أصدر مجلة "سندباد"، وهي المجلة التي تضمنت على بذور ناضجة لفن الكوميكس بشخصيات مصرية وعربية مخترعة، ورسوم تعبر عن البيئات المحلية، مثل قصة "البداية" والتي استطاع من خلالها بيكار سرد بداية فن الكوميكس على ألسنة شخصيات كارتونية، كما ساهم بتجربة ناجحة في القراءة من خلال الصورة المرسومة، عبر قيامه برسم كتاب القراءة الجديدة للصفوف الأربعة الأولى بالمرحلة الابتدائية "كتاب الأرنب شرشر"، وهي التجربة القصصية التي لاقت رواجًا فتح الباب أمام اتشار وذيع صيت فن القصص المصورة.
مجدي الشافعي
امتدت رواج فن الكوميكس للألفية الثالثة، وامتدت معه المحاولات الفنية، حتى استطاع الفنان مجدي الشافعي –الأب الروحي للرواية المصرية المصورة- كما أطلق عليه بعض النقاد، أن يخرج للنور أول رواية مصرية مصورة موجهة للكبار تحت اسم "مترو" في أوائل القرن الحادي والعشرون، وهي الرواية التي اتخذت من الواقع السياسي مادة للمحتوى الساخر، و ما تسببت فيه من إثارة ضجة واسعة في الأوساط الثقافية بل والسياسية كذلك؛ لما احتوته من نقد لاذع للرئيس الأسبق حسني مبارك، وراح البعض لتصنيفها بـ"رصاصة انطلاق" مضمار فن الكوميكس في مصر.
تحت السيطرة
ألهمت رواية مترو أصحاب دور النشر لإنتاج روايات مماثلة لذوي موهبة الرسم والسرد عبر القصص المصورة، واتخذت دار العين للنشر والتوزيع زمام المبادرة حينما احتوت خريجي ورشة عمل "كادرات" لكتابة ورسم القصص المصورة، وأنتجت لهم كتابًا تحت اسم "تحت السيطرة" احتوى على 18 قصة مصورة تناقش قضايا اجتماعية وسياسية متباينة.
كوميكس الثورة
أخذ فن الكوميكس أطوارًا مختلفة في أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير وما واكبها من توسع في الفنون المستحدثة، حيث أصدر الكاتب محمد هشام عبية، أول كتاب كوميكس مصور يعرض لأحداث الثورة المصرية خلال 18 يومًا، واتخذ عدد من الشباب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لعرض شخصيات سياسية وغير ذلك لسرد قصصي مصور على ألسنتهم، ناقشوا من خلاله مستجدات كافة الأصعدة بحس فكاهي ساخر، في الوقت الذي ظهرت بعض المحاولات لإنشاء مجلات متخصصة في فن الكوميكس لعل أبرزهما مجلتي "الدشمة" و"توك توك"، وهما المجلتان اللتان تصدران بشكل دوري وتتناولان قضايا المجتمع الحديثة بأسلوب ساخر، في الوقت الذي بدأت بعض المؤسسات الثقافية بتنظيم ورش عمل لتعليم فنون ومهارات فن الكوميكس وآليات التعبير من خلاله.
فيديو قد يعجبك: