بحثًا عن البهجة.. لاعبة أعادت معتزلات إلى "الملعب" من جديد
كتب- محمد مهدي:
كلما جاءت سيرة كرة اليد يخفق قلبها، حين تُذاع مباراة للعبتها المفضلة يتملكها الحنين، تُفكر دائمًا فيما تركته خلفها من قيادة فريق نادي المعادي النسائي من أجل القَدر وتصاريفه من التزامات وزواج وولادة.
تتمنى لو تعود إلى الملاعب تتحرك بخفة، تَلمس الكرة، قبل أن تخطو نحو حلمها. "قررت أعمل يوم أجمع فيه المعتزلات ونلعب سوا" تقول نادين الشوبري بسعادة.
منذ أسابيع، تواصلت- اللاعبة المعتزلة منذ عامين- مع إدارة كرة اليد بنادي المعادي تطلب منهم توفير ملعب لإقامة مباراة للاعبات المعتزلات "حسيت بعد الخلفة إن الهاند بول وحشني، وإن فيه غيري عايزين يلعبوا". لم تجد صعوبة في الموافقة على رغبتها، رحبوا بالفكرة وتم تحديد يوم 20 أكتوبر لاستقبال اللاعبات.
على الفور أطلقت الشوبري مبادرتها على فيسبوك. كانت تعتقد أن عددا قليلا سيهتم بالفكرة لكنها فوجئت بإقبال شديد. "لقيت الموضوع كبر والناس مهتمة، وفيه ناس بتسأل لو ينفع يجوا من بره النادي".
تُرجع اللاعبة المعتزلة الاهتمام بالمشاركة إلى أن "مشكلة اللعبة الجماعية لما بتوحشك مش بتعرف تلعبها زي الفردية" فباتت المبادرة متنفس لهؤلاء.
استعدت نادين الشوبري للمباراة "نزلت التمرين عشان لما ألعب ميحصلش إصابة" وفي اليوم المُحدد، اكتشفت حضور عشرات اللاعبات من أعمار متفاوتة "فيه ناس جات من مواليد 87".
وصلت صاحبة المبادرة برفقة زوجها وأسرتها "أكتر ناس اتبسطوا بالموضوع وشجعوني أنفذها"، وأيضًا حضرت شقيقتها- لاعبة معتزلة منذ سنوات- جاءت للمشاركة.
لأنها المرة الأولى، تعاملت نادين بتلقائية في تنظيم الحدث "حظنا لقينا فرقة صغيرة بتلعب، فطلبنا إننا ندخل معاهم ونقسم نفسنا بينهم" خاصة أن لياقة المعتزلات لن تسعفهن كثيرًا.
كان مشهدًا بديعًا، لاعبات معتزلات وأُخريات من مواليد 2004 في ملعب واحد، تنطلقن بحيوية، تمرر كل واحدة الكرة للأخرى بسعادة بالغة، في لحظة خلت عقولهن من هموم الحياة اليومية، خلعن لباس الأمومة والمسؤولية، انغمسن في عشقهن للعبة، صارت أرواحهن أخف، وابتسامتهن كبيرة "تحس إن الناس كانت عايزة تفرغ طاقة في اللعب".
في المدرجات جلست أسرهن، الأزواج والأطفال، الآباء والأمهات، تعلوا هتافاتهم بالتشجيع "جوزي كان شايل ابننا، وبابا وماما مبسوطين"، بينما تلعب "نادين" دارت ذاكرتها، سنوات طفولتها وشبابها في لعبة كرة اليد "بلعب من وأنا 7 سنين، كانت كل حياتي"، قرار الاعتزال وهي قائد الفريق نظرًا لزواجها وعملها "كان صعب أواظب، كنت يدوبك بلحق الماتشات بس والتمرينات صعب".
الآن تقف على قدميها في الملعب، تستعيد دورها القيادي بين اللاعبات، ليست في كامل لياقتها ولا هن، لكنهن سعيدات وهو أمر عظيم "فضلنا نلعب وقت طويل من فرحتنا"، وحين انتهى اليوم، طغت المشاعر الدافئة بين الجميع، مع المطالبة باستمرار اللعب بصورة دائمة "أنا كنت ناوية على ماتش واحد بس حماس الناس ودانا لمنطقة جديدة".
انهالت التعليقات على "نادين" من اللاعبات وأعضاء النادي وعلى "فيسبوك"، مهنئة بالمبادرة "كنت سعيدة إن الناس مبسوطة وعايزانا نكمل"، حتى قررت مع إدارة النادي تحويل الأمر من مجرد مباراة إلى حدث شهري "تحت اسم لم شمل اللاعبات المعتزلات" يُقام الجمعة الأولى في كُل شهر.
فيديو قد يعجبك: