عرض مسرحية "مُسافر ليل" داخل قِطار.. وضع المشاهدين في التجربة
كتبت - شروق غنيم:
في ساحة مركز الهناجر بدار الأوبرا تدبّ الحركة ذهابًا وإيابًا، إذ إنه يحتضن عروضًا من مهرجان القاهرة السينمائي، لكن أمامه مباشرةً تبدأ الحركة في الخفوت، يتسمّر الوافدون أمام نموذج لقِطار، تنبعث منه الأضواء والموسيقى وضحكات الحاضرين، من نوافذه يستطلعون المشهد من الداخل، إذ تجري أحداث مسرحية "مُسافر ليل".
تدور أحداث "مُسافر ليل"، وهي مسرحية شِعرية من تأليف صلاح عبدالصبور، داخل قِطار، لذا قرر المخرج ومهندس الديكور محمود فؤاد أن يُقام العرض في مسرح مفتوح على هيئة قِطار، يحمل نوافذ ومقاعد، بعيدًا عن "مسرح العلبة الإيطالي"، كما يقول لـ"مصراوي".
أراد فؤاد في تجربته الاحترافية الأولى أن يخلق حميمية أكثر بين المُشاهد وأحداث المسرحية "بدل ما يبقى عندي عبده واحد- راكب القِطار وهو أحد أبطال النّص المسرح- هيبقى عندي أكتر من راكب، وهقدر أعمل تفاعل غير مباشر ما بين العمل والجمهور"، فيما يستمر العرض حتى الأسبوع المُقبل.
أسرت مسرحية مُسافر ليل عقل فؤاد، حاول منذ خمس سنوات العمل تقديمها بهذا الشكل "لكن مفيش أي مدير فرقة آمن بالفكرة لحد ما قابلت محمد دسوقي، مدير مركز الهناجر، واللي رحّب جدًا بيها"، ومنذ شهر يوليو الماضي بدأ العمل على تنفيذها، فيما استغرق العمل على نموذج القطار شهرًا واحدًا فقط.
داخل القِطار؛ يجلس المشاهدون على مقاعد خشبية مُقسّمة على جانبين، تُسمع أصوات أجراس القطار ليدخلوا في التجربة أكثر، فيما يتحرّك الممثلون بحُرية بينهم، أما من الخارج، فهناك حالة مماثلة، كل من يمر يقف مشدوهًا للأصوات والأضواء، يبحثون عن نوافذ تسمح لهم بالرؤية للاستمتاع بالعرض.
يتابع مخرج العمل كل ذلك من الخارج، لا ينزعج من متابعة أحدهم للمسرحية دون حضورها ودفع تذكرة "كان من أهدافي أن العرض يخطف الناس اللي بتعدي من برة، ويبصّوا من الشبابيك، عشان كدة استخدمنا نوع معين من القماش يديني شفافية وميقفلش المنظر".
للمسرح المفتوح معوقات أيضًا؛ تتعلق بالتكلفة، تجهيز الصوت والإضاءة، درجة الأمان وعوامل الطبيعة التي قد تطرأ بشكل مفاجئ، لكن رغم ذلك فضلها فؤاد عن المسرح المُغلق "تشكيليًا أمتع وأحلى، وبراح أكتر، وبقدر أتحكم في كل حاجة، ودورنا على حلول، بقينا نغطي السماعات بكراتين عشان الهواء، في طفايات حريق والهواء، وراعينا الأمن الصناعي في بناء القطر، وغطيناه بقماش يحميه من المطر".
لمدة 45 دقيقة يصطحب "فؤاد" الحضور في رحلة مع "مُسافر ليل"، والتي يؤديها ثلاثة ممثلين؛ الدكتور علاء قوقة، الدكتور صفوت الغندور والفنان مصطفى حمزة. لم يخشَ مخرج العمل من أن يؤثر المسرح المفتوح على عدد المشاهدين "كل يوم الحفلة بتبقى كومبليت، والقطر بيساع 60 متفرج، زي بعض مسارح الدولة المقفولة".
بالنسبة للدكتور صفوت الغندور، والذي يؤدي دور الراوي في المسرحية، فإن تجربة التمثيل داخل القِطار لها مذاق مختلف "الجمهور يبقى شريك في الحدث وبيسمعه عن طريق الرواي اللي بيخاطبهم في عيونهم، وأحيانًا التعليق نيابة عنهم".
فيما تبدو المسرحية ذات الإطار الفانتازي والعبثي أكثر نفاذًا إلى عقل المُشاهد حينما تقدم بهذه الطريقة "لإن العرض هو حالة نقاش بين علاقة الحاكم والمحكوم في دول العالم التالت، ونهايتها بنترك الأمر للمتفرج، يا ترى هيستمر في إنه يتذلل بهذا الشكل، ولا هناك طريق آخر".
بين التراجيديا ولحظات الكوميديا السوداء؛ تبدّلت تعابير المشاهدين أثناء العرض، وحينما انتهى تعالى التصفيق، فيما تتجلى السعادة على ملامح فؤاد "ببقى مبسوط إن إحنا قادرين نقدم صورة مختلفة للمسرح وتعجب الناس".
فيديو قد يعجبك: