في ذكرى "الدفاع الجوي".. حكاية 3 مشجعين مروا بجانب الموت
كتب- محمد زكريا:
بالأمس، اجتمع الأصدقاء على مقهاهم المُعتاد، تداول الجمع "الزملكاوي" الحديث عن مباراة القمة المُقرر إقامتها بعد أيام، بادر "أحمد موسى" بالحديث عن ضعف اهتمامه بالحدث "الكروي" المُنتظر، زاد "مصطفى فتحي" في غياب متعة الكرة بغياب الجماهير عن المدرجات، وافقه "محمد السيد" الذي حدثهم عن حلول الذكرى الثانية لـ"أحداث الدفاع الجوي". وقتها ساد الصمت مجلس الأصدقاء، بعد أن استعادت ذاكرتهم الحادث الأليم.
مع حلول مباراة الزمالك وإنبي بدوري العام 2015، كان الأصدقاء على موعد مع حضور "الماتش" من المدرجات، حاول الأصدقاء الحصول على "تذكرة المباراة" قبل يوم من انطلاقها "لكن معرفناش لأن مرتضى كان بيتحكم في بيعها" يقول "فتحي". غير أن أهمية الـ90 دقيقة في تعزيز بقاء الزمالك على قمة الدوري العام في حينها، مع غياب الجماهير عن المدرجات بعد وقوع حادث بورسعيد بالعام 2012، دفع الشباب اتخاذ قرارهم الأخير بالذهاب لستاد دار الدفاع الجوي.
تقابل الأصدقاء قبل 5 ساعات من بدء اللقاء، غير أن "صاحبنا اللي هنروح بعربيته أبوه تعب فقرر يمشي" يقول "فتحي"، غصة أصابت حلق الشباب "الزملكاوي"، حدثهم "السيد" عن ضيق الوقت نظرًا لطول الطريق إلى ملعب المباراة، خالفه "موسى" الذي شبث رأيه بمشاهدة المباراة من المدرجات. وقبل ساعتين فقط من بدء اللقاء، اتخذ الأصدقاء الثلاثة طريق الوصول لأرض الملعب.
"مكنتش متخيل أن التذكرة ممكن تبقى أغلى من بني آدم"
على ناصية ميدان حي الأصدقاء الشعبي "ركبنا أتوبيس" يقول "السيد"، الدقائق مرت سريعًا، سارع الشباب ضيق الوقت بالهتاف "نادي الزمالك يا عمري"، حدث "موسى" السائق "إنه يدوس بنزين شوية"، تمنى "فتحي" ألا تتقدم عقارب الساعة، فيما سيطر على الجميع الرغبة في مشاهدة المباراة من الدقيقة الأولى. وقبل نصف ساعة من بدء اللقاء، اكتشف الشباب "إننا ركبنا أتوبيس بيلف كتيير وهيأخرنا".
قفز الشباب من بوابة الأتوبيس المُتباطئ بفعل الزحام، سئلوا عن الطريق الأقرب لـ"الدفاع الجوي"، ركضوا تجاه وجهتهم، العرق سال من جبهتهم المشغولة بالفريق الأبيض. قبل أن تأتي الأصدقاء مُكالمات تحذرهم من الذهاب إلى ملعب اللقاء "الناس كانت بتقولنا في ضرب كتيير"، رغم ذلك قرر الشباب مواصلة رحلتهم "عشان قطعنا مسافة طويلة".
على بعد أمتار قليلة من بوابات الدفاع الجوي، واجه الأصدقاء جمع من الشباب العائد في فزع "لقيت واحد زراير قميصه متقطعة، وبيجري بالشراب من غير كوتش" يقول "فتحي"، سأل "موسى" الشاب المفزوع عن ما جرى، لم يستطع الشاب العشريني الذي حضر من الإسكندرية التفوه بكلمة واحدة.
لمح "السيد" آخر يفترش الأرض بينما حاول أصدقائه إنقاذه من آثر الغاز المسيل لدموع وجهه، في الوقت الذي أبلغ شاب الجمع الواقف بـ"أوعوا تروحوا الناس بتموت"، فيما جاءت الطامة الكبرى على هيئة شاب تغطي الدماء يده. وقتها تيقن الأصدقاء أن مشاهدة المباراة من المدرجات عد أمرًا مستحيلًا.
"ناس بتسألنا إنتوا كويسين؟.. ده ناس كتير ماتت عند الاستاد"
توجه الأصدقاء إلى أحد المقاهي المتواجدة بمحيط المكان، سأل الشباب عن ما حدث أمام بوابات ملعب المباراة، في الوقت التي وصلتهم مكالمات "ناس بتسألنا إنتوا كويسين؟.. ده ناس كتير ماتت عند الاستاد"، لم يستوعب الأصدقاء الأمر للوهلة الأولى، لكن مع قرب نهاية شوط المباراة الأول كانت وسائل الإعلام تذيع خبر سقوط قتلى بأعداد متباينة، وقتها تملكت الصدمة عقول الشباب الصغار.
بعدها بساعات قليلة، وصل الأصدقاء أخبار تؤكد سقوط حوالي 20 قتيلًا من مشجعي الفريق الأبيض، من وقتها عد الثلاثة شباب الـ8 من فبراير أكثر الأيام حزنًا.
أبلغ شاب الجمع الواقف بـ"أوعوا تروحوا الناس بتموت"
مع حلول الذكرى الثانية لـ"اليوم الأليم"، لا تغب "مذبحة الدفاع الجوي" عن ذاكرة "موسى"، نفس الأمر بالنسبة لـ"فتحي" الذي يقول "مكنتش متخيل أن التذكرة ممكن تبقى أغلى من بني آدم"، ويقول "السيد" بصوت خافت "إحنا يوم الدفاع الجوي فقدنا أصحابنا اللي حلمنا ناخد معاهم البطولات.. هتفيد بأيه البطولة وإحنا ميتين.. مكنتش أعرف أن حكايتي مع الكرة هتنتهي بموتهم".
فيديو قد يعجبك: