في جمعة الغضب.. كواليس صورة بكى فيها "عسكري"
كتبت- دعاء الفولي:
تصوير- طارق الفرماوي:
كانت الشمس تبسط دفئها الناعم على السماء، فيما اختلفت الأجواء على الأرض، إذ استمر الكر والفر بين المتظاهرين وقوات الشرطة. وسط الحشود اعتكف طارق الفرماوي خلف الكاميرا، يُجمد لحظات من الزمن هُنا وهُناك، يطير من موقع لآخر، إلى أن وقع بصره على صورة خلّدت انسحاب الشرطة من الإسكندرية في 28 يناير 2011.
عقب ساعة ونصف من بدء التظاهرات، سمع مصور المصري اليوم عن نهب مبنى المحافظة، وبينما يتجه إلى المكان، رأى سيارة شرطة تحترق خلف مسجد القائد إبراهيم "وسمعت واحد بيكلم صاحبه في التليفون قاله إحنا جبنا ميكروباص أهو وواقفين". فضول دفع الفرماوي لتتبع المشهد، سار خلف الرجل ليرى ازدحاما على رأس أحد الشوارع الضيقة "وعرفت إن فيه ضباط شرطة مستخبيين في بيت جوه".
اخترق المصور الخمسيني الجمع المنتظر أمام الشارع، صوّب الكاميرا تجاه المنزل "أول حد خرج كان ضابط مضروب ومتعور ومعاه عساكر ساندين على بعض". لم يسمع الفرماوي ما قاله المواطنون وقت خروج أفراد الشرطة، فقط بقيت عيناه قابعتان داخل العدسة، حتى رأى بطل صورته الأشهر؛ فركع على ركبتيه ليلتقط المشهد.
"عمري ما هنسى العسكري ده.. آخر واحد خرج فيهم.. كان ماسك الخوذة في إيد والعصاية في إيد ودول رمز القوّة بتاعته.. كأنه نكّسهم وبيستسلم". أراد الفرماوي إعطاء المشهد جلالا "عشان كدة جبت الصورة من تحت"، لكن الأمور أخذت منحى أسوأ، فبمجرد أن لاحظ العسكري الكاميرا حتى نظر إلى السماء وفاضت عيناه بالدموع "صعبت عليه نفسه"، بينما يدا المصور ما زالت تضغط على زر الالتقاط.
في تلك اللحظة لم يُدرك مصور الجريدة الخاصة ما حدث "في الشغل ببقى منفصل تماما عن العالم"، لكنه أفاق على أصوات تتعالى وشتائم تنهال عليه "الناس قالولي امشي عشان انت اللي خليته يعيط". شعر حينها بالتهديد فترك المكان سريعا.
عقب انتهاء الفرماوي من عمله كانت الساعة تجاوز الرابعة، عاد للمكتب كي يُرسل الصور، وفوجئ بثناء رؤساء الجريدة عليه "قالولي إنها أكتر صورة لخصت 28 يناير"، ليتم نشرها في اليوم التالي بالصفحة الأولى.
ظلت ردود الأفعال الإيجابية تحيط بالمصور، حتى أن أحدهم طلب منه منذ عامين اصطحابه للشارع الذي شهد الحدث "أخدت وقت على ما وصلت هناك" يقولها الفرماوي ضاحكا، قبل أن يضيف "أنا كنت منبهر بالصورة وقتها بس بعد فترة الموضوع بقى عادي".
مقابل الامتنان بالتعليقات الجيدة، يعتري المصور ضيق عندما ينشر أحدهم الصورة مُعلقا عليها بشكل مسيء أو عنصري "العسكري في النهاية بني أدم، حظه بس إنه كان موجود في الحدث وتعبيراته هتفضل متسجلة للأبد".
تابع باقي موضوعات الملف:
الثورة.. لقطة (ملف خاص)
من إيطاليا إلى التحرير.. ''ماركو لونجاري'' يروي لحظاته مع الثورة المصرية
جنازة ثائر مجهول.. نظرة على ''يناير'' من الشباك
الثورة في الزمالك.. قصة أول مظاهرة في الحي الراقي
بين الدخان والأصابع المكسورة.. ''صائد القنابل'' يُعانق الثورة
في ميدان الساعة.. عندما ثار الإسكندر الأكبر مع المتظاهرين
''كاب وطفّاية وبنزين''.. صورة التناقضات من ثورة السويس
''من أجلك أنت''.. قصة احتراق الحزب الوطني
فيديو قد يعجبك: