مشهد النهاية.. كيف خطف البرلمان "الموافقة" على تيران وصنافير؟
كتب- رنا الجميعي وإشراق أحمد:
مع كل جلسة جديدة، كان الجدل يتزايد في ظل نقص المعلومات القانونية والتاريخية حول اتفاقية إعادة تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية التى تقضي بنقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير من مصر إلى المملكة. وبعد 4 أيام من المواجهات الساخنة، استقر البرلمان أمس على سعودية الجزيرتين.
عبر مُشاهدات محررة برلمانية وشهادات عدد من النواب، رصد مصراوي مواقف من مشهد النهاية لتيران وصنافير داخل مجلس النواب.
1-النصاب مكتمل
بعد التصويت، أمس الأول، من اللجنة التشريعية، بموافقة 31 نائب على رأسهم بهاءالدين أبوشقة، رئيس اللجنة، والوكيل نبيل الجمل، أحيلت الاتفاقية إلى لجنة الأمن والدفاع القومي، وفي جلسة مُغلقة أمس، لم يحضرها الصحفيون، وافق النوّاب على إحالتها للجلسة العامة للتصويت النهائي.
انتشر خبر غياب 22 نائبًا من لجنة الأمن، من أصل 37 نائبا، وحضور 15 فقط، فيما قالت رانيا ربيع المحررة البرلمانية، إن النصاب كان مُكتملاً، وتأكدت من المعلومة عبر 3 من النواب المُنسحبين.
2-التصويت بالاسم
"التصويت بالاسم"، كان مطلبا أساسيا لنواب تكتل "25- 30" أكثر من مرة، غير أن أمين عام المجلس أرجأ الأمر "لحين طباعة نموذج الطلب" كما قال النائب هيثم الحريري في حوار سابق لمصراوي، وهو ما أكدته النائبة نادية هنري، إذ أوضحت أنه حتى صباح أمس لم يحصلوا على النموذج، كما لم يتمكن النواب من لقاء رئيس المجلس بعد إصرار الأمين العام على أن تلك الورقة لابد أن تكون بموافقة الأول.
بدأت الجلسة العامة، أمس رغم أنها لم تكن مدرجة على جدول أعمال المجلس، حسب قول نادية هنري، إذ تضمن الجدول الموزع على النواب مع مطلع الأسبوع، جلسة للجنة الدفاع والأمن القومي، ودُون في خانة الموضوع "لقاء مع السيد وزير الخارجية".
داخل القاعة تقدم عدد من النواب المعارضون للاتفاقية، كانوا قد جمعوا توقيعات نحو 70 نائبًا، لتطبيق المادة 325 من اللائحة التي تنص على أن تقدم 30 نائبًا بطلب للتصويت بالاسم يحقق الأمر "لكن الطلب اترفض ولم يعرض على المجلس واستمر حجب ومنع حقنا" كما قالت نادية، ما دفع النواب إلى محاولة منع التصويت؛ إذ غادروا أماكنهم ونزلوا إلى منتصف القاعة، وطالبوا مرة أخرى أن يكون التصويت بالاسم أو إلكترونيا، غير أن علي عبدالعال، رئيس البرلمان، قرر التصويت وُقوفًا، متجاهلا إعطاء الفرصة لتسجيل اسم كل نائب رفض أو وافق على تمرير الاتفاقية.
3-سرعة التصويت "موافقة"
كانت مُدة الجلسة العامة حوالي ساعتين، كما ذكر النائب محمد فؤاد من حزب الوفد، قائلا إن ائتلاف دعم مصر وحزبي المصريين الأحرار والنور والنائب مصطفى بكري تمكنوا من قول كلمتهم بالموافقة على الاتفاقية، لكن عبدالعال اعترض على إعطاء الكلمة لحزب الوفد، وسارع بالتصويت النهائي، بحسب فؤاد، وهو ما تؤكده أيضا رانيا ربيع المحررة البرلمانية، وقالت إن رئيس المجلس طلب إنهاء المناقشة من النواب، برفع الأيدي.
"ملحقناش نصوت خطفوا الجزيرتين" بتلك الكلمات بدأت النائبة منى جاب الله حديثها لمصراوي، وأوضحت أنه في لحظات أعلن عبدالعال للنواب قائلاً "من يوافق على الاتفاقية يتفضل برفع يده.. موافقة"، لم تتمالك نفسها أمام ما وصفته بـ"حالة فوضى مزرية جدً"، أجهشت في البكاء، وكذلك فعلت أكتر من سيدة داخل القاعة، التي ضجت بالصراخ "باطل باطل.. مصرية مصرية".
لم يكن هناك حصر لأعداد النواب الحاضرين وضمه لمضبطة المجلس، كما أكد النواب، وهو ما يجعل الأمر يشوبه الخلل والتشكك كما قالت نادية هنري، نائبة تكتل 25-30 "إيه اللي يأكد أن نصاب الموافقة عدى تلت المجلس يعني أكتر من 120 نائب خاصة إن كان في ناس بتدخل وتخرج"، فيما أكدت منى جاب الله أن هذا ما تشهده جلسات المجلس دائمًا "مفيش حاجة اسمها حصر النواب قبل التصويت".
4- الكتل المؤثرة
تذكر رانيا ربيع أن أغلبية النواب كانوا حاضرين، عدا العشرات الذين لم يُلحظ غيابهم، وسط حضور "كل الكتل المؤثرة" كما قالت المحررة البرلمانية.
وأضافت رانيا أن أكثر من 98 نائبًا أعلنوا خلال مؤتمر صحفي اعتراضهم على تمرير الاتفاقية، وتُضيف أن نواب 25 30 هم الكتلة الأكبر الرافضة، كذلك بعض النواب المستقلين مثل سعيد شعيب من الإسماعيلية، فيما أحصتهم نادية هنري في 102 نائبًا.
أما الأحزاب، فقد وافق حزب النور على تمرير الاتفاقية، وبين مؤشرات تقول إن أغلبية حزب الوفد وافقت أيضًا، رفض محمد فؤاد هذا الحديث قائلًا "إحنا الوحيدين اللي طلعنا بيان بالرفض، ودا الشيء الثابت، وما أقدرش أعد مين رفض ومين وافق"، يُذكر أن عدد نواب الوفد 45، بينما تذكر المحررة البرلمانية أن أغلبية الحزب وافقت على الاتفاقية عدا البعض مثل "محمد فؤاد ومحمد عبده وليلى أبوإسماعيل ومحمد خليفة".
كذلك وافقت أغلبية نواب حزب المصريين الأحرار عدا النواب: "أحمد علي وشريف نادي ومنى جاب الله"، على حد ما رأته رانيا ربيع، وعن مخالفتها موقف حزبها المنتمية إليه قالت منى جاب الله منفعلة "في الموقف ده أنا بنتمي لنفسي.. لو نزلوا دايرتي 99% بيقولوا مصرية أجي أنا أقول سعودية إزاي؟"، تنكر نائبة دائرة منشية ناصر والجمالية أن يكون ضغط أهل الدائرة وراء رفضها للاتفاقية، تعيد ما صرخت به فور الموافقة على الاتفاقية "يعني القاضي قعد سنة عشان يقول حكمه وإحنا نقعد 3 أيام بس ونوافق".
5-مؤشرات سابقة
جميع المؤشرات السابقة للجلسة الأخيرة بالنسبة لـمنى جاب الله كانت تدفع لتمرير الاتفاقية، غير أنها لم تتصور إتمام الأمر على هذا النحو "إحنا متناقشناش وده مبيحصلش" قالت نائبة دائرة منشية ناصر والجمالية، ضاربة المثال باتفاقية قرض تحلية مياه البحر التي ناقشها المجلس إبريل الماضي "قعدنا 3 ساعات كل حد يقول اللي عنده لغاية ما صوتنا ودي تحلية ميه مش تنازل عن أرض".
فضلا عن ذلك غاب أي دليل ملموس من قِبل الحكومة كما قالت منى جاب الله، وأشارت إلى تقدم النائب عبدالمنعم العليمي بطلب يشمل مجموعة من الأسئلة ليجيب عنها الخبراء وممثلو الحكومة لكن الطلب قوبل بالرفض، وقالت النائبة "والله لو كانوا عرفوا يردوا على الأسئلة دي كنت قلت إنها سعودية".
وأضافت نائبة حزب المصريين الأحرار، أن "المزايدة" على موقف النواب استمرت حتى اللحظات الأخيرة قبل التصويت، يرميهم النواب المؤيدون للاتفاقية بتهم "الخيانة للجيش والرئاسة"، فيما ظل الرد من المعارضين "متدخلوش الجيش في الموضوع"، مؤكدين أن بين الرافضين من ينتمي للمؤسسة العسكرية.
6- مشهد النهاية
بين فرحة المؤيدين وصدمة الرافضين انتهت الجلسة، أصر النواب المعارضون على تجميع التوقيعات والتقدم بها لإلحاقها بالمضبطة، وهو ما وافق عليه رئيس المجلس سريعًا حسب قول نادية هنري، ليواصل النواب اجتماعاتهم لبحث خطوات التصعيد كما أكد النواب، فيما ظلت كلمات النائبة نشوى الديب وهي تبكي تتردد على سمع منى جاب الله "هيجيبوا بقى أعضاء المجلس يشاركوا في نزول العلم المصري".
فيديو قد يعجبك: