لماذا ردد المصريون إعلانات الستينات؟
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
كتب-رنا الجميعي وإشراق أحمد ومحمد مهدي:
عبر مُداخلة هاتفية، يتساءل المذيع "مين معايا؟" فيُجيب المتحدث لاعب كرة القدم الشهير مجدي عبد الغني مازحًا "أنا الميلامين.. أنا جامد ومتين". تلك العبارة الشهيرة لإعلان الأطباق، كانت أحد أعمال مُهيب، التي حفلت بها ذاكرة أجيال كثيرة، فلا يزال في أذهان العديدين المقاطع المُغنّاة من إعلانات الأخوين، التي دخلت إلى كل بيت مصري.
"المداخلة"
خلال انفصال الأخوين مُهيب عن التليفزيون بأواخر الستينيات، كان هناك رجل يُتابع عملهما، ارتأى أن فرص التعاون بينهم كبيرة، ليغزوا التليفزيون بعدها بكم هائل من الإعلانات، ظلّت على العرش طيلة السبعينات وحتى بداية الثمانينات.
لم يكن شكل الإعلان الذي رسّخه الاخوان هو المعتاد في الستينيات، "أيامها كان الإعلان عبارة عن لوحات ثابتة عليها الكلام اللي عايزة الشركات تعلن عنه"، حينما رأى أحمد كامل عوض، رئيس قسم الإعلانات التحريرية في جريدة الأهرام، الرسوم المتحركة التي يُنتجها مهيب في الفواصل والتترات ومقدمات الأفلام "كانت الرسوم مرنة وقدروا يشكلوا بيها الحاجة اللي عاوزينها" يقول عوض، لذا حدث التعاون بين الأخوين "مهيب" و"عوض" عبر وكالة الأهرام للإعلان.
اعلان جبنة نستو
"كان صعب جدًا حد يفتح التليفزيون ويعدي عليه ربع ساعة من غير ما يشوف إعلان مهيب".. يتحدث عبد القادر الكراني، تلميذ الأخوين عن فيضان من الإعلانات بدأ مع إنشاء استديو مُهيب. ظل الشقيقان لفترة يتنقلان بين عدد من الوكالات الإعلانية منها روز اليوسف والأخبار، حتى أصبحا مستشارين فنيين لوكالة الأهرام للإعلان عام 1968.
تبدأ رحلة الإعلان بالتوجه إلى وكالة الأهرام، ومن ثمّ إلى استديو مهيب "مكنش فيه حد الفترة دي بيعمل إعلانات غيرهم"، كما يذكر تلميذ الأخوين، باستثناء البعض ممن تتلمذوا على يديهما واستقلوا عنهما، مثل إعلانات محمد حسيب وزوجته نوال.
كانت كتابة الإعلان الواحد تستغرق أسبوعًا كحد أقصى، يذهب "عوض" إلى الأخوين بعدما تختمر الفكرة، بين جلسات يُناقش فيها الثلاثي ما يطرحه مؤلف المادة الإعلانية "ممكن يوافقوا على طول وممكن يبقى ليهم ملاحظات"، لم تنتاب جلساتهم المُشكلات، يُشبّه "عوض" حالهم كمقطوعة موسيقية "بس كل واحد بيعزف على آلة مختلفة"؛ يلقي المؤلف بالكلمات والخيال، ويضيف له "علي" تفاصيل الشخصيات ويغلفه "حسام" بالصورة "كنت بقدم لمهيب الفكرة مجردة وهو يجسدها بالخطوط والألوان والصوت والحركة" كذلك يوجز "عوض" تجربة العمل مع الاخوين.
غزا الثلاثة الإعلانات، اعتاد المُشاهد رؤية اسم أحمد كامل عوض في خاتمة الإعلان، واسم مهيب كذلك، لم يكن "عوض" مُجرد مؤلف للإعلانات، حيث درس في معهد السيناريو، وتعلّم على أيدي أساتذة كبار مثل صلاح أبو سيف ونجيب محفوظ، "لما بييجي إعلان، بفكر في القصة، والقصة يكون ليها بداية أو عقدة ونهاية، لازم يبقى فيه مشكلة، وحل المشكلة بقى هي السلعة المقدمة".. يوضح الرئيس السابق لإعلانات وكالة الأهرام كيف فكّر في الترويج لسلع عديدة مثل الميلامين وديكسان وشهادات الاستثمار.
الصورة النهائية لإعلان مهيب كانت تخرج بخلفية صوت وألحان مطربين وموسيقيين ذلك العصر، على رأسهم المطرب عبد العزيز محمود والموسيقار محمد الموجي وسيد مكاوي "كان العمل وقتها كبير فاللي بيشاركوا فيه على نفس المستوى" كذلك يفسر الكراني، تلميذ الأخوين مشاركة نجوم الفن حينها في إعلانات استديو مهيب.
أشار "عوض" على الأخوين بالمطرب عبد العزيز محمود، لكن الأخوين هم مَن تواصلوا معه، واستطاع الأربعة عمل عدد كبير من الإعلانات سويًا، كما لحّن المطرب الراحل الأغاني التي شارك فيها بصوته.
كان مؤلف الإعلانات يجري وراء اللفظ السهل، يبحث عن الكلمات البسيطة "اللي تبقى وقعها خفيف على الودن"، وحينما يصل لجزء من أغنية الإعلان، لا يذهب بها إلى استديو مهيب بل إلى نادي الجزيرة "كنت أقعد مع الأطفال وأقولهم اللي كتبته"، إذا رددها الصغار ببساطة علم وقتها أنها ستنجح "وإذا فيه كلمة صعبة أغيرها لغاية ما أشوف ايه اللي يقدروا يقولوها".
أنا الميلامين
"الست سنية" ضمن أشهر إعلانات مهيب التي حفظها الكثير، هي حملة إعلانية لترشيد المياه، اختار لها "عوض" اسم بسيط يُناسب موسيقى الإعلان "سنية تليق مع كلمة المية والحنفية"، صوّرها مؤلف المادة الإعلانية على أنها سيدة مُهملة في نفسها "لدرجة إنها مش منتبهة لصحتها، هتبقى إزاي مهتمة بالمية؟".
كتب "عوض" الكثير من الإعلانات منها سي كولا ولبن مبستر وجبنة نستو ورابسو وسيجال وبيروسول وبوب وأيس كريم مصر، فيما برع "مهيب" برسم خيال "عوض" بدقة، لكن كان من أغربها بالنسبة للمؤلف هو الحملة الإعلانية الخاصة بشهادات الاستثمار "كنت بفكر إزاي أحول الأرقام لأغنية الناس تحفظها"، لذا جاءت فكرة الفصل الذي يتعلم فيه الكتاكيت "ودي كانت ميزة إن الإعلان يبقى فصل في مدرسة وعلى لسان أطفال".
شهادات الاستثمار
أما إعلان ديكسان –مبيد حشري- فتُشير منار مهيب، ابنة "حسام" إلى أنه أول إعلان مصري يدعو المشاهدين لعدم استخدام المنتج، إذ يظهر الصرصور محمولا على النقالة قائلا "أرجوكم لا تستعملوا ديكسان..ده مبيد خطير ليا ولإخواني المناشير"، فيما يؤكد علي سعد مهيب، أستاذ الرسوم المتحركة بأكاديمية الفنون إلى أن بعض الإعلانات مثل "ديسكان" و"أول درس يا أولاد" تم رسمها وتنفيذها بالألوان لعرضها في السينما، لكن لإذاعتها في التليفزيون تم مشاهدتها بالأبيض والأسود لطبيعة البث في ذلك الوقت وهو ما يعد تميزًا للأخوين في تلك الفترة حسب قوله.
اعلان ديكسان
وثّقت إعلانات الأخوين فترة من تاريخ مصر، قاما بعمل حملات إعلامية لمؤسسات الدولة وشركات القطاع العام، من بينها إعلان خلال حرب 73، يُشار فيه إلى خطورة الإشاعات، كان الإعلان من كلمات تلميذهم الفنان الراحل فهمي عبد الحميد، "الإعلان كان بيقول كلمة في سرك سر خطير"، يقول "سعد" أستاذ الرسوم بأكاديمية الفنون.
اتسعت آفاق الشهرة للإعلانات ومن ثم لعوض وعبد العزيز محمود، تم استضافتهما في التليفزيون والجرائد والمجلات، ويحكي المؤلف "الجمهور كان بيطلب من عبد العزيز في الحفلات يغني أغاني الإعلانات"، كذلك في الراديو توالى بث الأغاني كما تقول ابنة حسام مهيب "لدرجة إنه بقى بيشكي من كتر الطلبات على أغاني الإعلانات بدل أغانيه المعروفة".
نجح "عوض" من خلال كلماته البسيطة ورسوم علي مهيب في أن يُرددها كل بيت مصري، وظلّ تليفون جريدة الأهرام يرنّ "من كتر اتصالات الناس عايزة الإعلانات"، ردود الفعل كانت هائلة حتى أن الجريدة أخذت تنشر أسبوعيًا "شاهد إعلانك المفضل" في الصفحة الثالثة، وأحيانًا صفحة الرياضة كما يقول مؤلف إعلانات استوديو مهيب.
إعلان لورد
مع مطلع الثمانينيات ودخول الكومبيوتر، بدأت الإعلانات تتحول إلى "اللايف"، وبالإضافة إلى الرسوم المتحركة نفّذ الأخوين عددا من الإعلانات المعتمدة على الشخصيات، من بينها إعلان لورد –شفرة الحلاقة- الذي شارك فيه الخطيب، يحكي الكراني، تلميذ الأخوين عن كواليس العمل "دا كان متصور في حمام الاستديو، أحنا كان عندنا الاستديو مجهز بكل حاجة" يقول مساعد المصور مبتسمًا، متذكرًا كيف كان المكان حافلا بما يخدم العمل.
احتاج الاخوان مهيب إلى الأطفال أحيانًا في الإعلانات "اللايف"، لذا ظهر منار وعمر أبناء حسام، وعددا آخر من أطفال العائلة، شاركت الأولى في إعلان للبنك الأهلي، أما الثاني فظهر في إعلان مصاصات سيما.
"اعلان لولي بوب"
أثرت متغيرات العصر على مجال الإعلانات، لكن الأخوان مهيب واصلا العمل في إنتاج مواد إعلانية، تركت بصمة في تاريخهما مع الرسوم المتحركة، وغيرها من الأعمال حال الأفلام والمقدمات، التي مع اعتبار البعض لها "نتاج طبيعي" لتميزهم إلا أنها جاءت متفردة.
تابع باقي موضوعات الملف:
من السويس إلى شبرا.. رحلة محامي ورسام مع ريادة الرسوم المتحركة
داخل أروقة التلفزيون.. قصة أول قسم للرسوم المتحركة في مصر
استديو مهيب.. مصنع الرسوم المتحركة في الوطن العربي
الأخوان مهيب.. أصحاب خدعة "النمر الأسود" وأطول فيلم عن الحرب للأطفال
بعد أكثر من 40 عامًا.. سوق الجرافيك يُنهي حلم "ديزني الشرق"
تلامذة وتراث ينتظر المنقذ .. كلمة النهاية في سيرة الأخوين مهيب
من الجوابات إلى فيسبوك..ذكريات الجمهور مع أعمال "مهيب"
مسيرة الأخوين مُهيب في سطور (فيديوجراف)
فيديو قد يعجبك: