على طريقة "فوزي".. كيف تصنع من الحصير "تابلوه"؟
كتبت-رنا الجميعي:
تصوير-محمود بكار:
صحيح أن محمد فوزي قد ورث المهنة عن آباءه وأجداده، ورغم أنه تركها لأعوام، كفّت يداه حينها عن الإمساك بالخيط والنول، لصنع حُصر كانت جُزءا من أسلوب حياة المصريين قديمًا، لكنه عاد مُجددًا، كما الفاتحين، يُطوّر فيها بعدما تغيّر الزمن، فحوّل الحصيرة إلى تابلوه يُعلّق على جدران البيوت.
داخل معرض الحرف اليدوية "كرافيتي إيجيبت"، استقرّ فوزي في المكان المخصص له، الذي كُتب أعلاه"تابلوهات حصير محمد فوزي"، كان الرجل القادم من دمنهور، تحديدًا من قرية الأبعدية، مُستغرقًا في العمل، كأنّ أصابعه حفظت كل موضع جيدًا، يشتغل على حصيرة جديدة ينسج عليها سورة الإخلاص، لا يقطعه سوى أسئلة المارّة عن سعر تابلوه الحصيرة لديه.
يستمر معرض "كرافيتي إيجيبت"، بأرض المعارض، حتى يوم 18 أكتوبر، والذي ينطلق عبر مبادرة "إبداع من مصر"، التي تضم أكثر من 30 شريك من المؤسسات والجمعيات الأهلية والهيئات الحكومية.
اعتاد فوزي على رؤية أبيه وجدّه في تلك الحرفة، كان مصدر الدخل لديهما في وقت لم يحتاجا فيه لعمل إضافي "مصر كلها كانت بتفرش حصير"، كانت الأربعينيات وربما ما قبلها أيضًا بدايات عمل جدّه، مازال يتذّكر الرجل جُلوسه جوار أبيه ومُساعدته له صغيرًا، حصل فوزي على دبلوم تعليم فني صناعي، عمل كأمين مخزن، وبعد غزو البلاستيك لمصر منذ التسعينيات، ترك تلك الحرفة "اتقفلت الورشة الكبيرة، والصنايعية مشيوا".
لم تُفتح الورشة أبوابها سوى في أواخر التسعينيات، سافر فوزي إلى الأردن، هُناك عرف أن عين الأجنبي بصيرة "لقيتهم بيحبوا الشغل اليدوي"، لمّا عاد اعتزم على فتح الورشة مُجددًا، ومنذ ذلك الوقت بدأ فوزي التطوير، رغم تدهور الأحوال، يُشير بيده إلى الخيوط قائلًا: "الكتّان دا كان بيتعمل هنا في البيوت، دلوقت لازم أستورده من الهند".
يعمل فوزي يوميًا على النول داخل الورشة، يقوم بتحويل الحصيرة إلى تابلوه يُعلّق كلوحة فنية، حسب طلب جاءه، أو حسب الخيال، يكتب آيات من القرآن الكريم، يرسم بورتريه لفتاة مصرية على شط النيل، أو يستحدث شكلًا جديدًا لحصيرة بيضاوية، ولرُبما تأتي خاطرة إليه تدفعه لكتابة الفاتحة باللغة الفرنسية، كل ذلك لا يقوم به دون حساب "لازم أتأكد من كتابة الآيات صح، عندي قرآن المدينة، وترجمته الفرنساوي من الأزهر".
وبسبب تدهور الأحوال، لا يستعين فوزي بصنايعية يشاركونه العمل "الطلب على الحصير عزيز جدًا"، حتى أنه لا يعتمد على تلك الحرفة كمصدر دخل، غير أنه يفتخر بما وصل إليه فيها، يعدد أشكال مختلفة صنعها بيديه "عملت خريطة لمصر على الحصير، ولوحة للحروف الأبجدية بالعربي والإنجليزي"، اعتزازه ذلك يجعله لا ينس بداياته، حيث يحتفظ في منزله بأول تابلوه قام بها، يتذكر أنها كانت طلب من أحدهم "كان عايزني أعمل آية الحسد وأخدت مني وقت كبير"، وبعد تكراره لعمل اللوحات "عملت له واحدة تانية زيها، وطلبت دي منه، قولتله إنه عزيزة عليا".
فيديو قد يعجبك: