"بصمات تشكيلية".. معرض لأصحاب القلوب البيضاء في دار الأوبرا
كتبت-دعاء الفولي:
كان رامي سمير دائما ما يُحب التلوين والرسم، يُخبر والدته أنه يتمنّى عمل معرض للوحاته، لذا حينما جاءته الفرصة، طار فرحا، بعدما شارك في معرض "بصمات تشكيلية"، الذي تنظمه الجمعية المصرية لتقدم ذوي الإعاقة والتوحد بالتعاون مع وزارة الثقافة. حقق الشاب المُصاب بالشلل الدماغي حلمه، فيما انتقلت عدوى السعادة لوالدته "عشان حسيت إنه بيعمل حاجة حلوة وهو مبسوط بيها".
تزامنا مع شهر إبريل، الذي يضم اليوم العالمي للتوحد، نظمت جمعية التقدم الأحد الماضي، معرضا فنيا، يضم أكثر من 80 لوحة وعملا، بدار الأوبرا المصرية.
داخل قاعة الفنان آدم حنين، وقفت شذى يحيي، بجانب ابنها رامي. حصل الشاب الثلاثيني على شهادة تقدير، على هامش مشاركته في المعرض، كان يريها لجميع الموجودين، فيما تقول له والدته: "شفت أهو يا سيدي أديك اتعمل لك معرض".
حوالي 16 جمعية شاركت في المعرض، الذي انتهى أمس. بدأ العمل على أفكار الأعمال منذ سبتمبر الماضي، حسبما قال عمرو عبدالكريم، منسق التربية الفنية بجمعية تقدم.
كل عام يجتمع منسقو جمعية تقدم، يدشنون فكرة جديدة للوحات معرض العام "السنة دي كان العمل الجماعي هو فكرتنا وهدفنا". بمجرد حسم الأمر، بدأت ورش العمل، كان الأمر عسيرا؛ إذ تعين على المدربين التعامل مع عدة إعاقات بوقت واحد، بين متلازمة داون، مرض التوحد، والشلل الدماغي "كان صعب إن الولاد يتعاونوا مع بعض لكن بالوقت والتدريب الموضوع اختلف".
بين الرسم، اللعب على الكمبيوتر يقضي رامي وقته، يمرح الشاب كثيرا، يحفظ إحدى الرسومات جيدا "ولد وليه إيدين ورجلين ووش".. تحكي الأم بابتسامة، غير أن اللوحة التي شارك بها في المعرض كانت عبارة عن مركب وبحر وسماء زرقاء "هي أشكال متركّبة مش مرسومة"، تقول شذى، ورغم أن معلمو رامي ساعدوه "بس أنا فخورة بيه".
تتنوع أعمال المعرض؛ بين الرسم العادي، على الزجاج، الرمال، القماش وحتى المنحوتات الصغيرة، حتى أن الألوان المستخدمة مختلفة الأنواع "كل حد من الأولاد ليه شيء مفضل، فيه منهم مبيحبش ملمس الرمل، وفيه حد بيفهم في اللون أكتر من الرسم" يقول عبد الكريم.
لم يكن دور عبد الكريم وزملائه تعليم الأولاد الفن فقط "كان الأهم نكون مجموعات متجانسة، كل حد فيها شاطر في حاجة بحيث يعملوا سوا اللوحة"، أيضا ركّزوا على تعليم الشباب كيف تتم عملية صنع اللوحة، بدءً من اختيار العمل نفسه، مرورا بالخامة ثم التطبيق العملي على أجهزة "أي باد"، ثم تكبير الرسم من أجل المعرض.
خلال ورش العمل، فوجئ المنسق بالكثير "أد إيه الولاد مع الوقت بقوا متعاونين مع بعض"، كان أحدهم إذا ما أخطأ في التلوين، يوجهه زميله "رغم إن بعضهم عنده مشاكل في اللغة". لفتات إنسانية كثيرة عايشها عبد الكريم، خرج جزء من المعرض للنور على يديه "رغم إن الموضوع متعب بس فيه متعة كبيرة"، لم يبتغِ المُدرس تخريج فنانين من الجمعية "لكن ناس قادرة تحلل وتفكر وتناقش وتنتج وتشتغل في وسط المجتمع".
كانت تُقى صالح ذات الـ26 عاما تقف بجانب والدتها نهاد ممتاز، يلتقطان سويا صورة أمام لوحة الفتاة، فيما تصاحبهما "كابتن إلهام" مدربة الشابة المُصابة باضطراب ذهني.
قبل 3 أعوام دخلت تُقى في مغامرة جديدة "انضمت لأكتر من ورشة لتعليم الفن والرياضة" حسبما تحكي الأم، خرجت الشابة من ضيق الوحدة لرحابة معرفة أشخاص جدد "بنتي بقت أكتر قدرة على التعبير عن نفسها". احتاج الأمر الكثير من الصبر والحنان من قبل الأم، لكنه أتى بثماره فيما بعد، إذ انضمت للتعليم الفني الصناعي، كما حصلت على عدة بطولات رياضية، في رمي القرص.
لم يكن هناك سن معينة لانضمام الشباب لورش التدريب قبل المعرض، كما لم يتطلب الأمر إتقان الرسم "كنا بنقول لهم إن كل حد ليه دور ولازم يعمله كويس عشان دة هيأثر على زمايله".
ذلك المعرض هو الرابع عشر الذي يُقام لعرض أعمال الشباب، ورغم المجهود الذي يبذله آل الجمعية، يقول عبد الكريم "الناس لسة مش مستوعبة إن ذوي القدرات الخاصة يقدروا يعملوا لوحات حلوة".
فيديو قد يعجبك: