بالصور-"من أجل أطفال النوبة".. مهرجان "أشري نارتي" للفن التشكيلي
كتب- محمد مهدي:
تصوير- جلال المسري:
على ضفاف النيل، يجلس عشرات الأطفال بقرية غرب سهيل النوبية، يتحلقون حول عدد من الفنانين التشكيلين، برفقة الأوراق والألوان والمعرفة، نقاشات عفوية ومبسطة، رسومات تشبه براءة أصحابها، كل هذا كان حلماً لدى أحمد صقر، صاحب فَكرة مهرجان "أشري نارتي" للفنون، تحقق على مدار الأيام الفائتة في بلاد النوبة.
الحياة في غَرب سهيل عذبة، الجمال في كل مكان، لكن "صقر" يعتقد أنه عفوية دون دراسة أو تعلم "لازم أهل البلد يتعرفوا أكتر على الفن التشكيلي، ونوعي الأطفال كمان على أهميته" وفق ضحى مصطفى-المنسق العام للمهرجان- لذا في العام الفائت نَظم الرجل المُحب للفنون المهرجان للمرة الأولى وكانت النتائج جيدة.
في هذا العام، أراد صقر تكرار التجربة "استضافة عدد من الفنانين لعمل ورش للأطفال" فضلا عن الحصول على أعمال فنية لهم من اللوح والصور "يروح العائد منها لبناء منطقة ألعاب مفتوحة لأطفال النوبة بالمعايير العالمية" وعلى الفور استجاب العديد من الفنانين الذين حضروا إلى المكان برفقة أعمالهم.
أميرة سعد، فنانة تشكيلية، حضرت من القاهرة للمشاركة في المهرجان، حصلت على إجازة من عملها كرئيس قسم البحوث والدراسات فرع ثقافة الجيزة، وانهمكت منذ اللحظة الأولى في ورشتها مع الأطفال "علمتهم إزاي نعمل أي رسمة على القماش سواء شنط أو تي شيرتات وغيره".
التعامل مع الصغار مُختلف، تعلم أميرة ذلك جيداً نظراً لخبرتها في تنظيم ورش للأطفال "بنستخدم أدوات بسيطة جداً، قماش عادي، وألوان فيها درجة من اللزوجة عشان نقدر نسحب اللون على القماش" تحاورهم بهدوء، تحاول التقرب منهم قَدر الإمكان، مد جسور التواصل بينهم "والنتيجة كانت مبهرة، الأطفال عملوا شغل جميل" تذكرها بفخر.
منذ الساعات الأولى للصباح، حتى غروب الشمس، يظل المكان مفتوحا لاستقبال أطفال النوبة. تُضيف ضحى "عندنا ورش فنية طول الوقت، زي الرسم ومباديء التصوير"، فيما تُفتح أبواب "أشري نارتي" للراغبين في الإطلاع على لوحات الفنانين المشاركين التي وُضعت في قاعة مغلقة وعلى جدران المكان.
في كل يوم من فاعليات المهرجان، تزداد أعداد الأطفال المنضمين إلى الورش الفنية "وصلوا لـ 30 طفل، ودا رقم كبير مقارنة بالقرية وإننا في فترة مدارس" كما تقول ضحى، وهو ما دفع الفنانين المشاركين من بينهم "محمود الدمرداش" إلى مزيد من الجهد لإسعاد الأطفال "بنحاول نعمل أي حاجة تفيد أهالينا في النوبة، ومتهيألي كل فنان موجود هينقل خبرته للأطفال والناس".
"محمود" سبق وأن شارك في المهرجان الأول "وحسيت إنه فيه محاولة جادة لتعليم الأطفال وزرع قيمة الفن التشكيلي في النوبة" لذلك حرص على التواجد هذا العام "بشارك بلوحتين عن النوبة" منحهما الفنان الشاب إلى المهرجان "ونفسي التجربة تتوسع في كل بلاد النوبة وأسوان والجمهورية كلها".
الأمنية نفسها لدى الفنان التشكيلي "إيهاب لطفي" الذي شارك بـ 20 لوحة من أعماله الفنية، جميعها عن النوبة "رسمتها على مدار 10 سنين، وظهرت في أكتر من معرض" يعمل طوال تلك السنوات عى تاريخ الحضارة النوبية وتراثها "وبنحاول نزرعها ونعرف قيمتها للأطفال".
وخلال ورشته فوجيء إيهاب بحضور سائحين من فرنسا، انضموا إلى جلسته برفقة الأطفال، تفاعلوا مع التجربة، ومضى الوقت في الرسم والحديث عن الفن وقيمة التراث النوبي "البلد هنا فيه زخم تراثي وتفاصيل كتيرة تشد العالم كله".
استجابة الأطفال، وقدومهم فور انتهاء اليوم الدراسي أو في الإجازة من الصباح الباكر، أحد مصادر السعادة للقائمين على المهرجان والفنانين مثل المصور "جلال المسري" إذ شعر خلال ورشة التصوير بالهاتف، مدى تفاعل الصغار وإعجابهم بالأمر "وفكرة المهرجان الجيدة هي اللي فرضت نفسها وحققت النجاح اللي شوفناه".
تلك ليست التجربة الأخيرة، يسعى "صقر" إلى استمرارية المهرجان "بس كل سنة يكون فيه تطوير جديد وهدف مختلف" كما تؤكد ضحى، هناك أفكار عِدة مطروحة عن احتياجات أكثر لأهالي النوبة والأطفال قابلة للتنفيذ، فيما يتوقع المصور الكبير مزيد من النجاحات للمهرجان في الأعوام القادمة.
فيديو قد يعجبك: