في بورسعيد.. مركز صناع السمسمية مهدد بالإزالة
كتبت-رنا الجميعي:
تأتي لحظات يكرّ شريط الذكريات أمام محمد غالي، جريه وراء حُلمه بتأسيس مركز يقوم بتصنيع آلة السمسمية، مُنتج بلده بورسعيد، إقامته متحف لتاريخ السمسمية، كبُر الحلم، أصبح المركز يضم ورشة لتعليم الآلة الوترية، وحفظ أغانيها القديمة، خلال 13 سنة اجتهد فيهم غالي لم يمرّ ذلك الكابوس بذهنه، تكاد الدمعة تفرّ من عينه، حيث صار مركز التراثية للفنون مُهدد بالإزالة.
في منطقة القنال الداخلي خلف سوق البالة بحي العرب، يقع مركز التراثية للفنون والثقافة، عام 2005 كانت السنة التي خطى فيها غالي أولى الخطوات تجاه حُلمه "كان نفسي أطور آلة السمسمية". كان الرجل واحدًا من مؤسسي فرقة الطنبورة في التسعينيات "بعدها طلبوا مني كمتخصص في شغل النجارة إني أعمل سمسمية، عجبتهم فعملت التانية، ومن هنا جت الحكاية".
وجد غالي أن فكرة تأسيس مركز لتطوير السمسمية جيدة "وقتها مكنش كتير يعرفوا السمسمسية، ودي جزء من تاريخ بورسعيد، دلوقت عدد العازفين كتروا"، حينها ترك غالي وظيفته الحكومية، كرّس حياته للمركز، وبرفقة زوجته أسماء حمودة أنشأ ورشة للتصنيع، ثم ورشة أخرى لتعليم رواد المركز عزف السمسمية، وحفظ الأغاني القديمة التي تُسمى "الضمة".
في 2013 تأسس المتحف، تمكّن غالي من امتلاك نحو 20 آلة سمسمية، أقدمها يرجع لعام 1948، تم عرضهم داخل المتحف، كما احتوى على ثلاث ماكيتات؛ واحدة تشرح شكل لـ"الضمّة البورسعيدي"، وأخرى للزفّة البورسعيدي "وماكيت للصيادين وعلاقتهم بالآلة".
مع الوقت أصبح مركز التراثية مكان أساسي للتصنيع، من زوار للمكان تحوّلوا إلى مسؤولين عنه "بقينا مجموعة عددها سبعة"، يقوم غالي بتعليم الرواد كيفية تصنيع الآلة، كانت أولهم زوجته "بتعرف تعمل السمسمية الجلد القديمة"، أما غالي فقام بتطوير الآلة بإضافة أوتار للسمسمية بعد الخمسة "دلوقت السمسمية تشترك مع الآلات الشرقية والغربية، وتعزف المقامات العربية كلها".
منذ البداية حمل غالي حُلمه على كتفه، سعى نحوه خطوة خطوة، لم يكن له مصدر دخل سوى المركز، حيث يقوم بأعمال النجارة لينفق منه على المركز، تدريجيًا أصبحت التراثية مكان تنتبه إليه العيون، صار وجهة للكثير من خارج بورسعيد "بقوا الناس تقول لبعضها لما نروح بورسعيد نزور التراثية"، لكن الأمر لم يقف الأمر عند ذلك.
أصبحت التراثية وجهة لمُحبي التراث من خارج مصر أيضًا "ومن الهند وسويسرا وناس كتير مهتمة بالثقافات جم شافوا المكان"، فيما زاد الطلب على السمسمية "وبقيت أكتب عليها صُنع في مصر بورسعيد"، حيث صدّر غالي الآلة للعديد من الدول "السعودية واليمن هما كمان عندهم سمسمية"، ويبلغ سعر الآلة القديمة 150 جنيه، أما المُطوّرة فيتراوح سعرها بين الـ400 إلى الألف جنيه.
لم يضع غالي في حُسبانه أن حُلمه سيصبح مهددًا، تقع التراثية في منطقة عشوائية، ومنذ أشهر قررت المُحافظة إزالة المنطقة، فيما لم يُعلن موعد محدد لذلك بعد، كُلما يتذكر غالي كيف ذاق الأمريّن لتأسيس التراثية يحزن كثيرًا "الناس كانت بتخاف تيجي هنا وواحدة واحدة عرفوه"، حاول غالي التواصل مع المحافظ حيث أرسل إليه مُذكرة بأهمية التراثية "كل اللي احنا عايزينه إن المحافظ يدينا بديل"، وهو ما تم وعده به.
رغم الإحباط يستمرّ غالي في العمل، فبجانب تصنيع السمسمية، يقوم الرجل بأعمال نجارة التي يُنفق منها على بيته والمركز، لا يدري غالي إن كان الوعد سيتم تنفيذه أم لا، وكل مُراده هو استمرار حُلمه، فيما يتذّكر صانع السمسمية انفعالات الناس البسيطة في الشارع، وقت شم النسيم، "كنا بنعزف في الشارع للناس، بتبسط لما أشوف الناس بتبتسم وهي بتتفرج على حاجة قديمة مبقتش موجودة، دا تاريخ بيحكي من نفسه".
شاهد مسلسلات رمضان "قبل أي حد"
جهز إفطارك من طبخة ع السريع: أسرع طريقة لتجهيز الأكل
فيديو قد يعجبك: