مدرسة أفريقيا الصيفية.. لم شمل أحلام شباب القارة السمراء في "بيت"
كتبت-رنا الجميعي:
من بعيد يبدو الناس غرباء، ما بالك إذا كانوا قادمين من دول مختلفة. هذا ما كان يشعر به محمد سلطان حين يرى جيرانه من الأفارقة في محيط عمله، غير أن مدرسة أفريقيا الصيفية جاءت لتُغيّر تلك الفكرة لديه.
نحو 50 دارسًا مصريًا، كان من بينهم سلطان، ومثلهم من الأفارقة اشتركوا في تجربة فريدة هي "مدرسة أفريقيا الصيفية 2063"، التي أقامتها وزارة الشباب والرياضة، في الفترة من 20 إلى 30 ديسمبر، وذلك في إطار تنفيذ توصيات منتدى شباب العالم، وتماشيًا مع رؤية مصر 2030، وأجندة أفريقيا 2063، كذلك مع أهداف التنمية المستدامة 2030.
عبر صفحة مكتب اتحاد الشباب الأفريقي رأى سلطان الإعلان عن المدرسة، يعتبر سلطان أن البعد الأفريقي في الثقافة المصرية شبه منعدم، ولكونه واحد من العاملين في الهيئة العامة لقصور الثقافة وجد أن المُشاركة ستُساعده في إقامة أنشطة تقترب من الثقافة الأفريقية "كنت متحمس جدًا للمشاركة".
كانت التجربة جيدة بالنسبة لسلطان، احتكّ بالعديدين من الأفارقة من مختلف الدول، شارك في المدرسة طُلاب من 19 دولة أفريقية مُقيمين في مصر كالسودان وتشاد والنيجر والصومال والسنغال، "أكتر حاجة أثرت فيا الروح الموجودة بين الناس، مكناش حاسين إننا منعرفش بعض، كنا كلنا صحاب مصريين وأفارقة".
عن قُرب لمس سلطان المشكلات التي يُعاني الشباب الأفريقي منها داخل مصر "البعض بيتعامل معاهم بسخرية، وفيه ناس بتبصلهم إنهم احتلوا البلد"، يرى الشاب أن المدرسة كتجربة جعلتهم يبصروا عكس ذلك "إحنا كنا كل يوم مع بعض في الورش والجلسات، شافوا إنه فيه مصريين مهتمين يعرفوا عنهم".
وهو ما أدركه بالفعل هول جوزيف، الطالب بالمدرسة والقادم من جنوب السودان، يُقيم الشاب في مصر منذ ثلاثة أعوام، عبر تلك السنوات رأى كيف يستغرب الناس من وجوده، حيث يدرس الإعلام بجامعة الزقازيق "كانوا الطلبة يسألوني انت منين، أقولهم أنا من أفريقيا فيستغربوا"، خلال سنوات إقامته وجد جوزيف أن هناك عديد من المصريين ممن لا يعرفون أي شئ عن القارة السمراء التي توجد بلدهم داخلها "كنت أرد عليهم أقولهم وأنتوا كمان من أفريقيا".
خلال العشرة أيام أقيمت العديد من المحاضرات والجلسات وورش العمل، كذلك الزيارات الميدانية، أكثر ما استفاد منه جوزيف هو زيارتا الهيئة العامة للاستعلامات والبرلمان المصري، أفاده المعلومات المتعلقة بالدول الأفريقية داخل الهيئة العامة، وقد زار الطلبة أيضًا متحف جمال عبد الناصر.
من بين الطلبة المُشاركين أيضًا كانت سارة عبد الحكيم، قدمت الشابة من أريتريا منذ سبع سنوات لدراسة العلوم السياسية، وهو ما جعلها تهتم كثيرًا بالتجربة، بحُكم دراستها ومتابعتها للشأن الأفريقي كانت تلك هي المرة الأولى التي ترى فيها تطبيقًا عمليًا عن الاهتمام بأفريقيا "صحيح إنه فيه فاعليات أفريقية بمصر، لكن مش بحجم مدرسة".
عايشت سارة المحاضرات والجلسات المُقامة، بحكم تخصصها تكرر أمامها الكثير من المعلومات التي تعرفها بالفعل "لكن فيه حاجات كانت أول مرة أعرفها زي آلية مراجعة النظراء الأفريقية"، تجدر الإشارة أن الآلية تعمل على مراجعة أداء رؤساء الدول الأفريقية، كما توضّح للشابة رؤية أكبر لأجندة أفريقيا 2063، بجانب ذلك تأثرت بالاحتكاك خلال المناقشات مع طلاب المدرسة "التفاعل بالشكل ده حاجة معملتهاش خلال الأربع سنين كلية".
جوانب عديدة اتضحت لأحمد مجدي، واحد من طلبة المدرسة أيضًا، كانت الثقافة الأفريقية ضمن اهتماماته بالفعل كعضو بحزب التجمع، ولمّا رأى إعلان المدرسة تحمّس لها، أضافت له ما لم يكن يراه من قبل "كنت مطلع على الأزمات اللي بتحصل في دول أفريقيا لكن قعدت مع ناس من السنغال وجزر القمر والكاميرون وغيرهم، فهمت أكتر اللي بيدور هناك".
يعتبر مجدي أن المدرسة إضافة كبيرة للآمال المصرية داخل القارة، ورأى كيف تطلّع الطلبة الأفارقة لمصر لأن تلعب دور ريادي بجانب دول أخرى مثل نيجيريا وجنوب أفريقيا.
لا تنتهِ المدرسة عند الجلسات التي اهتمت بمناقشة أجندة أفريقيا 2063، ومستقبل الاستثمار بالقارة، كذلك أبرزت دور المرأة الأفريقية من خلال نماذج كعزة الحسيني المديرة التنفيذية لمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، امتدّت فاعليات المدرسة لتشمل ورش عمل أثمرت عنها مبادرات اقترحها الطلبة.
خلال العام الحالي ستتحول تلك المُبادرات إلى مشروعات حقيقية، يُشارك جوزيف وسلطان ومجدي في مبادرة عنوانها "بيت أفريقيا"، يطمح الشباب لإقامة ملتقى دائم للشباب المهتمين بشأن القارة السمراء، "هنعمل فيه ندوات وأنشطة فنية، وبنفكر في عمل فرق فنية مختلطة تكون مصرية أفريقية"، يقول سلطان الذي آمن بكمّ التشابه بين الثقافات المُختلفة.
أما سارة فتشترك في ثلاث مُبادرات، الأولى تهتم برسم جرافيتي على الجُدران لتوعية الشعب المصري بالثقافات الأفريقية، والثانية تُعرّف المصريين بقضايا اللاجئين، أما الثالثة فتطمح في إنشاء موقع إلكتروني يُساعد الوافدين من أفريقيا بالمعلومات التي يحتاجونها خلال تواجدهم في مصر.
على الرغم من انتهاء المدرسة إلا أن التواصل بين الطلبة لم ينقطع، لازال سلطان يلتقي أصدقائه من أفريقيا، تجمعهم شوارع ومقاهي القاهرة.
فيديو قد يعجبك: