ليلة وسط النيران.. حكاية مصور أفراح عايش حرائق لبنان: خراب كأنه الحرب
كتب- عبدالله عويس:
الحرائق تلتهم كل شيء، الرياح تساعد النيران على الانتقال من مكان لآخر، ومن شجرة لأخرى، حتى اقتربت من المنازل، وفي تلك اللحظات وعلى قرب من قرية "الدبية" جنوب بيروت في لبنان، كان محمد خضر في طريقه إلى الحرائق، التي تبعد عن منزله حوالي 5 دقائق بالسيارة، ولأن لديه كاميرا يصور بها الأعراس والمناسبات السعيدة، قرر الشاب توثيق ما حدث، لكن ليلته تلك ستظل محفورة دائما في ذاكرته.
اندلعت الحرائق في لبنان، ليل الاثنين الماضي بمناطق متفرقة، وتخطت الـ100 حريق، وكانت منطقة "المشرف" واحدة من المناطق المشتعلة. ومع تجدد الحرائق بها وسرعة الرياح امتدت الحرائق إلى "الدبية" القرية التي تقع في محافظة جبال لبنان، وهناك كان محمد حاضرا بكاميرته، التي لم توثق حدثا كهذا من قبل.
"كنت على مقربة من النار بمسافة 3 أمتار، كان الوضع مخيفا جدا، وللمرة الأولى أوثق أمرا كهذا".. يحكي الشاب ذو الـ31 عاما، والذي بدأ التصوير في 2008 على سبيل الهواية، وعقب عمله في التمريض 4 سنوات، عاد من جديد إلى الكاميرا، يصور بها مناسبات شخصية سعيدة، ويتلقط صورا وفيديو في آن واحد، ودرس الإعلام والإخراج عقب ذلك ليساعداه في عمله، لكنه لم يعمل أبدا لصحيفة أو موقع خبري: "مع اندلاع الحرائق، الصحف كانت تنقل عني، وبعض المواقع تشير إلى ما صوري".
النار تلتهم الأشجار، وأجزاء محترقة تتطاير لشجر آخر فتحرقه أيضا، الرياح الساخنة أدت إلى تأجيج الحرائق المشتعلة، واندلاع أخرى في مناطق مختلفة من البلاد، بحسب ما صرّح ريمون خطار المدير العام للدفاع المدني.
أعمدة الضغط العالي تنفجر، وصراخ النساء والأطفال لا يزال في أذن الشاب، ومشاهد إلقاء التراب على النيران بلا جدوى كذلك.
كان رئيس بلدية المشرف، زاهر أيوب، أعلن في حديث صحفي، أن التقديرات الأولية تشير إلى التهام النيران أكثر من مليون ونصف مليون متر مربع من المساحات الخضراء، المزروعة بأشجار السنديان والصنوبر.
لا يفارق مخيلة الشاب النسوة اللاتي حملن المياه ورحن يلقينها على منازلهن من الخارج لئلا تمسها النار بسوء، والشباب الذين كانوا يريقون الماء في كل مكان، ورجال الدفاع المدني الذين حاولوا بكل الطرق إيقاف النار، مشاهد خوف ورعب لا يعتقد الشاب أنه سينساها قط: "منطقة المشرف احترقت، ثم انتقلت النار إلى الدبية، ووصلت طائرات حربية لإطفائها، وطائرات أخرى من دول شقيقة كانت حاضرة للمساعدة".
قبل منتصف ليل الثلاثاء، كان محمد يلتقط صورا بالكاميرا، يبحث بعينيه عن شخص يختنق أو يرغب في المساعدة، فلديه خبرة في التمريض والإسعافات الأولية، لكن ذلك لم يحدث، وعلم فيما بعد بوفاة أحد المواطنين، نتيجة نوبة قلبية، بعدما كنا يشارك في الإطفاء رفقة آخرين: "لم يكن هناك ضحايا، الحمد لله النار لم تلتهم المنازل وإلا لكان الوضع كارثيا".
كان تركيز الشاب على تصوير الفيديو أكبر من الصور، وما إن عاد إلى منزله حتى قام بإعداد أحد الفيديوهات ونشره على صفحته مع صور أخرى من الحريق.
كانت وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن، دونت على حسابها بموقع تويتر، أن غرفة عمليات أنشئت، وغرفة أخرى على الأرض في منطقة المشرف، لمتابعة عملية إخماد الحرائق، التي شاركت فيها طائرتان قبرصيتان، فيما تنتظر السلطات اللبنانية المساعدة من دول أوروبية، منها إيطاليا واليونان إلى جانب الأردن في إخماد الحريق الذي وصفته وزيرة الداخلية بالكبير.
صباح الثلاثاء، مر محمد على المناطق التي كانت تحترق قبل النجاح في إخمادها، بينما لا تزال سحب الدخان مرئية للجميع، ويخشى أن تشتعل النيران مجددا: "الوضع بالتأكيد أفضل من أمس، لكن ما حدث خراب كإنه الحرب".
فيديو قد يعجبك: