إعلان

لحظة تجمد المشهد.. حين فقد مصور فلسطيني عينه اليسرى برصاص الاحتلال

04:49 م السبت 16 نوفمبر 2019

كتبت- شروق غنيم:

كان معاذ عمارنة وسط أقرانه المصورين والمراسلين الصحفيين، أمس الجمعة، يُغطي الاحتجاجات في بلدة صوريف جنوب الضفة الغربية، أجواء مُحمّلة بالموت، عشرات الفلسطينيين يحتجون على مصادرة أراضيهم، بينما قوات الاحتلال لا تتوانى عن إطلاق قنابل الغاز والرصاص عليهم، بينما وقف عمارنة يوثق الحدث، عينه اليمنى على فوّهة الكاميرا، بينما اليسرى تتابع ما يحدث خارج كادر الصورة، حتى تجمّد المشهد. وجع شديد في العين اليسرى، دماء تسيل، إذ استقرت رصاصة الاحتلال في عينه ليفقدها للأبد.

قرابة خمسة أمتار فصلت بين المصور الشاب والمراسل رائد الشريف، تابع ما جرى "شوفت قناص موجود على الأرض، وإحنا بعاد عن الشباب والجيش"، لكن بدا لمجموعة المراسلين والمصورين أن هناك نية لدى القوات باستهداف الموجودين، وبينما يقف الشريف أمام الكاميرا ليحكي ما يحدث على الأرض قطعه صوت صراخ قوي "سمعت حدا بيصوت وآهات، فاللي صار بتفاجئ إن عين معاذ راحت بشكل نهائي".

فيديو: شهادة معاذ عمارنة عن إصابته برصاص الاحتلال في عينه اليسرى

لحظة مربكة مرت على المصورين والمراسلين في المكان؛ رصاص الاحتلال لا يتوقف فيما يصرخ عمارنة من الألم "مكناش عارفين إيش نسوي، لحظة صعبة إنا زميلنا عم يتوجع جمبنا وبيفقد عينه ونحنا مش قادرين نعمله إشي"، اعتاد المراسلون والمصورون الفلسطينيون على مواقف مشابهة "دايمًا بيتصاوب زمايلنا جمبنا وأحيانًا يستشهدوا، لكن كل مرة يحدث ذلك نشعر وكأنها الأولى".

فيديو: شهادة المراسل رائد الشريف عن إصابة معاذ عمارنة في الضفة الغربية

في سيارة مدينة لأحد الزملاء نُقل عمارنة سريعًا إلى مستشفى محلية في مدينة الخليل، تنقل بعدها على اثنين آخرين "لكن الإصابة كانت دقيقة جدًا ومحتاجة عملية سريعة"، كان لزامًا عليهم الذهاب إلى مستشفى هدسا في القدس المحتلة، يحكي طارق عمارنة، ابن عم المصور المصاب.

لم يكن نقل عمارنة إلى مستشفى بالقدس بالخطوة السهلة، من الثالثة عصر الجمعة وحاولت عائلة المصور الشاب وأصدقائه نقله "لأن الوصول لمستشفيات القدس يحتاج لموافقة إسرائيلية"، إذ منعت سلطات الاحتلال بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من دخول مدينة القدس إلا في مناسبات نادرة، ووفق شروط وقيود محددة. ظلت مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي "حتى الساعة الثانية فجر السبت ليوافقوا على نقله، ولولا لطف الله ثم تدخل مسئولين كبار لبقيت الأمور عالقة" يقول ابن العم.

مع كل انفراجة تحدث لمساعدة عمارنة، كان الاحتلال يزيد من تعنته "لم يسمحوا لوالدته بمرافقته، قدمنا مقترحات بأسماء العائلة واختاروني أنا". على بوابة غرفة العمليات يقف طارق مستقبلًا اتصالات الأسرة وأصدقاء معاذ لطمأنتهم، بينما لا تكف الألسنة عن الدعاء "جاء مصورين وصحفيين من القدس للمستشفى لدعمه" بينما في الداخل يعكف ٤ أطباء مختصين ما بين أخصائي عيون، أخصائي أعصاب، أخصائي جراحة عيون وأخصائي تجميل لإزالة الرصاصة من العين اليسرى لعمارنة "أمامه خمس ساعات تقريبًا لننتظر النتيجة".

فيديو: لحظة نقل المصور معاذ العمارنة إلى مستشفى هدسا في القدس

لم يعد مشهدًا جديدًا إصابة مصور أو صحفي فلسطيني "نحنا بنغطي وروحنا على كفوفنا"، يحكي الصحفي إياد أحمد أن قوات الاحتلال تستهدفهم مباشرة رغم ارتداء شارة الصحافة "كل يوم لنا حكاية وقصة مع الاستهداف، سواء كنا في الضفة أو في باقي مدن فلسطين المحتلة"، إذ وثقت وزارة الإعلام في غزة- المكتب الإعلام الحكومي منذ بداية عام 2019 أكثر من 92 حالة اعتداء وإصابة في الضفة الغربية وقطاع غزة بينهم صحفي أجنبي "جراء إطلاق نار على الصحفيين، واستهدافهم بشكل مباشر بالرصاص الحي أو المغلف بالمطاط، أو بالضرب والإهانة والمعاملة الحاطة بالكرامة والإصابة بالاختناق، جراء استنشاق الغاز السام وغاز الفلفل". بحسب البيان.

رغم ذلك لا يتوانى الصحفيون والمصورون في فلسطين عن الذهاب للحدث، يوثقون بعدساتهم انتهاكات الاحتلال، يؤمن إياد أحمد أن "لإن الكاميرا والصحفي أكبر سلاح للعالم كله"، يتمنى أن تلتئم جراح عمارنة بأسرع وقت، يعلم أن عينه اليسرى قد أُغلقت للأبد "لكن عيون الحقيقة أبدًا لن تنطفئ".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان