لدعم الصم وضعاف السمع.. حكاية مشروع فني داخل كاتدرائية "جميع القديسين" (صور)
كتب- محمد مهدي:
داخل كاتدرائية "جميع القديسين" بالزمالك، كانت الفنانة "داليا إيهاب يونس" منهمكة في تدريب العشرات من الأطفال والكبار على الغناء بطريقة "الأكابيلا"-الاعتماد على الأصوات البشرية بدلًا من الآلات الموسيقية- لإعداد أغنية من أجل الصُم وضعاف السمع، لاحظت الفنانة الشابة تحرك شفاه والدة طفلة بالورشة كأنها تُغني معهم، توجهت نحوها، عرضت عليها الانضمام إلى الورشة، ترددت السيدة قليلًا قبل أن تتجاوب معها، لتُصبح في نهاية المطاف عضو فعال في المشروع "فحسيت إننا حققنا خطوتين مهمين، الأولى مساندة الصم وضعاف السمع بغنوتنا، والحاجة التانية إننا علمنا ناس مختلفة (الأكابيلا) وشوفنا فرحتهم بالمشاركة" تقولها داليا بفخر.
كانت داليا قد تلقت منذ فترة طويلة دعوة من مركز "جسور" التابع لكاتدرائية جميع القديسين، من أجل تنفيذ أغنية للتوعية بلغة الإشارة والتعريف بقضايا الصُم وضعاف السمع ومساندتهم نفسيًا، بدى الحماس عليهما لإتمام الفِكرة "واقترحت وقتها إننا نستخدمه مزيكا عملها بيتهوفين، وهي السيمفونية التاسعة" انشغلت بعدها الفتاة العشرينية رفقة صديقتها "مرام أسامة" بكتابة كلمات تدور في إطار الفِكرة المُحددة سلفًا "مش قادر يسمعك لكن مش كل الكلام له صوت، كام إشارة هتتعلمهم يفهم منك المقصود، دي بحبك ودي ربنا معاك وأنا هساعدك".
اختارت "داليا" إتمام الغنوة بطريقة "الأكابيلا" من خلال مشروعها "كلاكسكيات"، كان عليها تنفيذ ورشة لتعليم الراغبين في الانضمام إلى الفِكرة كيفية المشاركة في الأغنية، استقبلت بالفعل العشرات حتى وصل عدد المشاركين من أعمار سنية مختلفة إلى 44 شخصًا "عملنا الورشة جوه الكاتدرائية على مدار يومين بالتعاون مع الفنان بهاء أيوب وكورال (روح)"حتى أيقنت من إجادة المتطوعين لما تعلموه وقدرتهم على البدء في تسجيل مشروعهم الفني "طبعًا حضر خلال الورشة ناس من الصُم وضعاف البصر، وكنا حريصين على استخدام الإشارة في الأغنية".
ردود الفعل خلال الورشة أدخلت البهجة على قَلب داليا والمشاركين في العمل "كانت تجربة إنسانية جميلة، خاصة إننا شوفنا رد فعل الصم والبكم مباشرة" فيما ساعدت الورشة في حصول عدد كبير على خبرة مختلفة "لما بدأنا الناس كانت مستغربة إزاي هيغنوا بالطريقة دي، لكن النتيجة مبهرة، محدش قدر يفرق بين المحترفين واللي لسه متعلمين" شعرت أن الخطة تسير في طريقها الصحيح.
كان من المُفترض تسجيل الأغنية في استديو خاص باليوم الأخر لكن مطران الكاتدرائية حينما علم بالأمر "تحمس جدًا للفكرة والمعنى الإنساني للعمل، وإدانا استثناء بإننا نسجل الأغنية جوه المكان" اعتبرت داليا ذلك إضافة فنية كبيرة "لأن معمار الكنايس اللي ليها قبب بيدي إيحاء حلو في غنا الأكابيلا، فاحنا سعدنا وشاكرين بإتاحة الفُرصة دي لينا" دفعها ذلك لعمل جلسة سريعة مع المشاركين في الورشة "لأن فيه ناس كانت أول مرة تدخل كنيسة، قعدت اشرحلهم قيمتها التاريخية والدينية، والحاجات اللي لازم نراعيها ونلتزم بيها خلال وجودنا" مدت التجربة جسرًا من المعرف للناس "وبُعد ثقافي جديد الموضوع موقفش عند الغنا وبس".
في أروقة الكاتدرائية، علا صوت "داليا" والجميع بالغناء، رعشة تملكت من استمع إلى أصواتهم، أجواء مثالية لخروج العمل في أبهى صورة، الكاميرات ترصد التجربة لتوثيقها وإذاعتها بعد ذلك، أداء جماعي متناسق دون خطأ "متهيألي إننا خرجنا كلنا من التجربة مبسوطين بإننا عملنا شيء مختلف" الفرحة أكبر في قلب الفنانة الشابة "لأني عملت خطوة جديدة وساعدت في كتابة النوتة وتوزيع الغنوة رغم إني اتعلمت بالدراسة الذاتية".
خلال أيام تَظهر الأغنية إلى النور، تنتظر "داليا" بفارغ الصبر إذاعتها، وتعتبر الخطوة بداية لطريق طويل ترغب في السير به هي وفرقتها"أحب أعمل ورش أكتر الفترة الجاية في أماكن مختلفة، نناقش فيها قضايا مختلفة، وندعم ناس على قد ما نقدر، ونعلم كمان عدد أكبر طريقة الأكابيلا" هي لن تكتفي بما جرى، ترغب في مزيد من نقل الخبرات والاستمتاع بنتائج مفيدة.
فيديو قد يعجبك: