بعد يوم العمال.. كيف احتفل من لا عيد لهم؟
كتب- محمد زكريا:
على مقهى شهير، بحي مصر الجديدة، كان مصطفى قناوي يلف على زبائنه، يقدم لهم ما يحتاجوه من مشروبات، هو عمل الرجل منذ حوالي 15 عاما، لم يحصل فيهم على إجازة في يوم العمال، لكن الحكاية تعود إلى قبل ذلك بسنوات، فالرجل لم يحتفل بعيد العمال منذ ٣٠ عاما.
يوم العمال العالمي، يُحتفل به في الأول من شهر مايو كل عام، وهو عطلة رسمية في أغلب دول العالم. وتعود خلفية هذا اليوم إلى القرن التاسع عشر، حينما خاض عمال الولايات المتحدة الأمريكية نضالا طويلا لانتزاع حقوقهم، وتخفيض عدد ساعات عملهم، في حركة عرفت بالثمان ساعات.
في مصر الجديدة، كان قناوي متحفزا غاضبا، وهو يعيد حكايته مع عيد العمال، القصة بدأت حتى قبل أن يعمل "قهوجي"، عندما كان موظفا بإحدى شركات القطاع الخاص، فيما لا يسمح له بيوم إجازة احتفالا به، وكذلك لم يكن يعوض بيوم آخر بدلا منه، أو مقابل يعوضه، استمر على هذا لما يزيد على الـ15 سنة، حتى انتهت علاقته بالشركة تماما.
سوّي معاش الرجل مبكرا، وبات يتحصل على 970 جنيها شهريا، مبلغ لا يكفي احتياجاته البسيطة، لذا اضطر إلى العمل في المقهى، لكن بقيت المشكلة قائمة، يؤرقه بنتاه التوأم، وقد وصل عمرهما إلى الزواج، فيما ارتفاع الأسعار يُعجزه عن تلبية احتياجات زواجهما المتشعبة، باتت كل أماني الرجل في الحياة تتلخص في تزويجهما.. الدموع تغالب ابن حي عين شمس، وهو ينهي الحكاية التي مل من تكرارها.
لكن إسلام أحمد يستقبل الأمر بابتسامة، الشاب لم يحصل على إجازة في يوم العمال، وهو نادل في أحد المطاعم الكبرى، عمل لا يعرف الإجازات أو الأعياد، لكن يحصل بدلا منه على يوم آخر.
يمتن أحمد ليوم العمال، ليس لشيء، غير أنه يضيف يوما إلى رصيد إجازاته، إلا أنه يتمنى أن يفوق الأمر ذلك، لا يعرف ابن مدينة الخصوص بالقليوبية كثير التفاصيل عن سبب الوقوف عند هذا اليوم تحديدا، لكنه يفهم أنه جاء ليحتفي بنضال العمال وجدهم، لذا يتمنى أن يرى انعكاسا لذلك على حياته، يعمل الشاب ٨ ساعات في ٦ أيام بالأسبوع، ويتحصل على راتب ٣ آلاف جنيه شهريا، مبلغ يقول صاحب الـ25 ربيعا إنه يكفي بالكاد مصاريفه الشخصية، ولا يمكنه من توفير تكاليف الزواج.
في أحد شوارع حي النزهة، كان حسن سمير يتناقش مع أحد زبائنه حول السعر، الرجل يبيع الخبز في الشارع، عمل غير رسمي وحر، لا يتقيد بإجازة، ولا تصرف له الحكومة عنه معاشا أو مكافأة، لذا يمر عيد العمال على الرجل عاديا، لا يفرقه عن غيره من أيام، ولا تتأثر مبيعاته بحضوره احتفاله أو غيابه طوال العام، كما لا ينعكس على احتياجات أسرته وقدرته على تلبياتها سلبا أو إيجابا، اللهم إلا كلمات تهنئة يسمعها على شاشات التلفيزيون في يوم العيد، ولا تعرف طريقا أو مدخلا لحياته.
فيديو قد يعجبك: