غرفة عمليات "ثانوية حلوة".. عمر ورفاقه يخففون معاناة الامتحانات على الطلاب
كتبت-إشراق أحمد:
أنهى عمر طاهر سعد الثانوية العامة عام 2015 لكنه لم يغادرها؛ بعدما التحق بكلية الهندسة، أطلق مبادرة، اسماها "ثانوية حلوة" لمساعدة الطلاب وتغيير الصورة الذهنية عن تلك المرحلة الدراسية، ومن وقتها وأصبح للشاب والفريق الذي شكله ما يشبه "غرفة عمليات" حتى ينتهي "مارثون" الامتحانات.
تبدأ مهمة عمر وفريق "ثانوية حلوة" بعد إعلان وزارة التربية والتعليم لجدول الامتحانات، والتي انطلقت في الثامن من يونيو الجاري. يتغير عدد المتطوعين من شباب الجامعة على مدار الأربعة أعوام، بلغوا العام الدراسي الحالي نحو 20 شخصًا، انشأوا ثلاثة غرف مغلقة على فيسبوك مقسمة حسب التخصص بين العلمي والأدبي، وعبرها يستمر التواصل من استقبال الأسئلة والتعليقات ونشر الفيديوهات الخاصة بالمراجعة.
صباح كل امتحان، يستهل الفريق عمله مع السادسة صباحًا، ينشرون كلمة طيبة أو دعاء بتيسير الحال للممتحنين، كذلك يتفقدون المجموعات، إذ ربما يرسل أحدهم رسالة، يقول عمر "بيكون في ناس عندها توتر أو خوف عايزة تطلعه فدورنا أننا نطمنه"، وتستمر متابعة سير الاختبار حتى انتهائه، يصف عمر حالهم "نبقى عاملين زي الأمهات اللي مستنيين ولادهم على باب اللجنة" يقول الشاب ضاحكًا.
سيناريوهات عدة يضعها مؤسس "ثانوية حلوة" وفريقه قبل كل امتحان، كيف يتصرفون في حال تسريب الاختبار، وإن تضمن أسئلة صعبة، وحينما يمر بالفرح ودون مشاكل على الطلاب، وللتأكد مما يقبلون على فعله يسألون الطلاب على صفحة المبادرة عن رأيهم في الامتحان، ومع كل موقف هناك كلمات معدة سلفا لدعمهم في السراء والحزن.
9 امتحانات أداها نحو 659 ألف طالب وطالبة إلى الآن، كان أصعب أيامها على فريق "ثانوية حلوة"، وقت اختبار مادة الاقتصاد والإحصاء كما يقول عمر "على عكس المتوقع للمواد اللي مش تقيلة جه صعب وخرج الطلبة منهارين"، في مثل هذه الأوقات تتعقد مهمة الفريق، إذ يحملون تعاطفًا نفسيًا مع الطلبة الذين يتحدثون إليهم على مدار العام، وينتظرون منهم ردًا مريحًا "بيبقوا وقتها مستنيين الناس اللي بتهون عليهم هتقول لهم إيه في حين أحنا نفسنا عارفين أن الامتحان صعب فهنقول إيه؟ ده بيبقى التحدي".
مواقف عدة مرت بمؤسس "ثانوية حلوة" زادت من يقينه في دورهم، قبل عامين أرسل إليهم طالبًا ليلة امتحان الكيمياء، يخبرهم قراره بعدم دخول الامتحان وموافقة أهله لذلك، وهنا تملك الفريق الحيرة، هل يقنعونه بالعدول عن موقفه فيكون الطالب مريضًا وتؤول النتيجة للسوء أم يؤيدون قراره؟. فكان رد الفعل بعد مجموعة من الأسئلة علموا من خلالها أن الفتى يصيبه التوتر الشديد، وعقب مناقشة ذهب الطالب إلى الامتحان وعاد سعيدًا.
يؤدي عمر ورفاقه امتحاناتهم في الجامعة، لذلك يقسمون أنفسهم "أبعد حد عنده امتحان ووقته متاح بيتابع الصفحات"، والجميع مهيأ للرد على الطلاب بما لديه من خبرة سابقة مع الثانوية العامة، وأيضًا تدريب تلقاه، فحينما ينضم أحدهم إلى الفريق، يظل لشهور تحت التجربة، يرافقه عضو قديم، يمنحه "عصارة" ما مر به "يكلمه كأنه طالب على الصفحة سواء متوتر أو خايف أو محبط. يحطه تحت ضغط و ويشوف هيرد إزاي"، فإذا جاء وقت العمل الفعلي كان العضو الجديد مستعدًا.
كان عمر طالبًا هادئاً وقت امتحانات الثانوية العامة، فيما أصبح عكس ذلك طيلة أربعة أعوام ماضية "بقيت بتوتر جدا حتى أن والدتي بتقولي مش كنا خلصنا من الكلام ده خلاص بقى دلوقت كل سنة ثانوية". ثمة قرابة 800 طالبًا على مجموعات المبادرة، يعتمدون على الفريق ويضعون أملا في مساعدتهم، يشعر طالب الهندسة بالمسؤولية، فيزيد تركيزه بشأن ما يقول أو ينشر على الصفحة "كنت الأول مسؤول عن مستقبلي بس إنما دلوقت لو كلمة قلتها ممكن تأثر على مستقبل ناس تانية".
تستمر غرفة علميات "ثانوية حلوة" حتى إتمام الطلاب لامتحانات 19 مادة، وظهور النتيجة، يتذكر عمر أشد موقف مر عليه حينما أرسلت إليه طالبة تعلمه بإقدامها على الانتحار بعدما حصلت على 77%، ارتبك الشاب لكن بعد الحديث معها تراجعت الفتاة عن الفكرة، واحتفظ طالب الهندسة بذكرى الموقف العصيب.
لا تتوقف مهمة فريق المبادرة، مع انتهاء "الماراثون" في 3 يوليو القادم، يبدأون التحضير لفاعلية تجمع المقبلين على دخول الجامعة لمعاونتهم ونقل إليهم خبرة من سبقوهم "بنجيب نماذج مختلفة تتكلم معاهم. اللي دخل كلية مش على رغبته واللي كان مجموعه قليل والل عمل تغيير مسار بعد الجامعة"، يذللون أمام الطلاب ما أرادوا أن يجدوه وقت أن كانوا في مثل عمرهم، فيما يستقبلون كل عام دراسي جديد بتقصي أحوال الطلاب الجدد عبر سؤال الأقارب والمعارف.
فيديو قد يعجبك: