"من غير دار نشر".. كيف نفذت أميرة كتابها الأول عن "البيوت"؟
كتبت- رنا الجميعي:
لم يعنْ البيت بالنسبة لأميرة موسى مجرد مكان له أربعة جدران، بل كان له معنى أكبر من ذلك "هو إحساس بالونس والأمان"، وكأي إنسان يبحث عن ذلك طوال الوقت، لم تعلم أنها ستحاول البحث عنه عبر نشرها وحدها دون وجود دار نشر، لأول مجموعة قصصية لها تسمى "في فلك البيوت".
في فبراير الماضي انضمت أميرة لورشة عمل تابعة لـ"مركز الصورة المعاصرة"، عن ممارسات النشر البديل، التي تهتم بالطرق المختلفة للنشر بعيدًا عن السبل التقليدية "أنا مهتمة دايمًا بفكرة البدايل في الحياة كلها، حتى في أكلي"، يضمن ذلك لأميرة أكبر قدر من الحرية والمسئولية في آن واحد، تعلمت أميرة كثيرًا عبر ورشة العمل، ومن بين ما تعلمته أن القانون يكفل الحرية لأي شخص في نشر كتاب دون أن يلجأ لدور النشر، ولكن بشروط.
وأتاحت الورشة لخريجيها تطبيق ما تعلموه عبر مشروع تخرج، وسعت أميرة للتفكير في شكل المشروع الذي تريد تطبيقه، في تلك الأثناء كانت الأحداث المحيطة بها في حياتها والشأن العام تجعلها تفكر في معنى كلمة بيت "حسيت إني بفكر كتير في الكلمة، واتحمست أكتب عن البيت"، ولأن أميرة صحفية بالأساس بحثت عن الأعمال الصحفية والأدبية التي تناولت موضوع البيت "لكن ملقتش عمل أدبي اتعمل عن البيت، دايما المكان بيكون جزء من الحكاية بس مش الأساس".
وما كتبه "محمود درويش" الشاعر الفلسطيني عن البيت كان مما وصلت إليه أميرة خلال البحث "لقيته بيتكلم عن البيت بس من زاويته هو"، وفي النهاية استقرت على تأليف مجموعة قصصية عن البيت.
أرادت أميرة خلال المجموعة القصصية التعبير عن حكايات متنوعة وشخصيات مختلفة عن البيت، كانت مغامرة ممتعة لها "مكنتش الحكاية سهلة بس كانت عندي رؤية القصص تخرج ازاي"، اهتمت أميرة خلال الكتابة بوجود حبكة ومفارقات "وإن القصة تضحك اللي يقرا وتبكيه في نفس الوقت"، اهتمت بمفارقات مثل قطعة الفحم التي احتفظت بها الأم داخل الثلاجة لإخفاء الروائح الكريهة، فيما استخدمها ابنها في نهاية الحكاية لإخفاء رائحة الموت، كذلك في تمرّد فتاة على أسرتها التي تضغط عليها نفسيًا "فجابت ألوان مية ورسمت مستعمرات"، كذلك الإسرائيلي الذي لم يُمكّنه الاستيطان من إدراك معنى الوطن، يعيش في دولة لكنه يفتقد للهوية "كنت حابة أحط المستعمر في سياق واقعي، مختلف عن الصورة النمطية له"، ترى أميرة أن ذلك يفيد في فهم أعمق للقضية الفلسطينية "بدل التصورات الأسطورية والتعامل مع إسرائيل وشعبها كوحدة واحدة".
رحلة أميرة مع الكتاب لم تقتصر على الكتابة فقط، بل المشكلة الأكبر كانت في خطوات ما بعد الكتابة، من تدقيق لغوي وتحرير فني، حتى مرحلة النشر والتوزيع والتسويق، اختارت أميرة النشر على مسئوليتها كاملة، مما في ذلك من ضغوط وتكلفة مادية كبيرة "كنت حابة أخوض التجربة دي".
كانت أميرة هي المشرف على مشروعها "وعلى أد ما فيها إحساس بالحرية بس كانت مسئولية فظيعة"، كانت خبرة الشابة كلها في الكتابة، لذا لم تعلم شيئًا عن الخطوات التالية من تحرير فني "وصحيح درستها في الورشة، بس التنفيذ حاجة تانية"، فمرحلة التدقيق اللغوي وحدها استغرقت أميرة فيها حوالي الشهرين، بسبب اهتمامها الزائد بالتفاصيل، كما أحبّت أن تضيف صور من التقطتها هي لكل قصة "حبيت إن يكون فيه روح للكتاب"، ليس ذلك فقط بل ألحقت كل قصة بسؤال تفاعلي موجه للقارئ "كنت عايزة القارئ يشاركني القصة ويتفاعل معاها".
وفي مطلع سبتمبر شعرت أميرة بالسعادة، أخيرًا حققت مرادها بعدما حصلت على رقم الإيداع الخاص بالكتاب، كان شعورًا بالفرحة يفوق الحد، وتمكّن منها أكثر حينما أقامت حفل توقيع الكتاب "وقتها حد سألني بدهشة هو انتي اللي عملتي كل ده لوحدك؟"، ورغم التجربة الصعبة في النشر، إلا أن أميرة أحست بفخر يملأ نفسها، وابتسامة خجولة ظهرت على مُحيّاها خلال الأمسية، حالما شعرت أن مجهودها لم يذهب سدى.
لازالت تجربة أميرة مستمرة، حيث تعاني في الوقت الحالي من صعوبة التوزيع "لازم أروح لأصحاب المكتبات أقنعهم بالكتاب عشان يوزعوه عندهم"، ورغم خيبات أمل كثيرة لكنها تحاول، وبالفعل تمكنت من توزيع الكتاب داخل القاهرة والإسكندرية، وما تفكر فيه الآن هو عمل مجموعات قراءة للكتاب، يدفعها في ذلك إيمان داخلها بمعنى البيت "البيت بالنسبة لي هو إني أقدر في لحظة رغم المشاكل أقيد شمعة وأطفي نور البيت كله وأسمع أغنية لأم كلثوم".
فيديو قد يعجبك: