"بطل X كتاب".. "عاكف" يشهد على بؤس قاهرة الأربعينات في "خان الخليلي"
كتبت- هبة خميس:
من بين عالم محفوظ الروائي الزاخر بالكثير من الأبطال، يبدو لنا شخصية "أحمد عاكف" الأكثر انكسارًا، في روايته "خان الخليلي"، وهي الرواية الخامسة لأديب نوبل، ومن الروايات الهامة، والتي صدرت في نهاية الأربعينات، وفيها نرى مصر مختلفة، شوارعها مظلمة وأناسها يهرعون من الغارات الجوية بسبب الحرب العالمية الثانية
في بداية الرواية ترحل الأسرة من حي السكاكيني هربًا من الغارات لحي "خان الخليلي" المليء بالحوانيت والتجار والمساجد، لكن في ذلك الوقت كان الحي غائمًا، تعلوه غيمة من الكآبة ووقف الحال والظلام والمخاوف، التي لم تتصدى لها كل تلك المآذن العالية. الأسرة مكونة من الأم والأب المحال على المعاش والابن الأكبر "أحمد أفندي عاكف" الموظف الأربعيني في الدرجة الثامنة والعائل الوحيد للأسرة و ابن أصغر
تبدو شخصية "أحمد عاكف" ثرية ومليئة بالصراعات الداخلية، فهو كان طموحًا لدراسة الحقوق ليصبح محامي، لكن الأب أحيل على المعاش مبكرًا بسبب اتهامه الإهمال. يشعر "عاكف" طوال الوقت بأنه كان ضحية ظروف الأسرة ليصبح ساخطًا على الناجحين ويقنع نفسه بعدم جدوى الشهادة أو المحاماة ليتحمل وظيفته المملة في صمت.
عقب استقرار الأسرة في الحي، تلفت انتباه "عاكف" فتاة ابنة للجيران، فيشعر نحوها بمشاعر قوية، لكن خجله يمنعه من مفاتحتها، فيراقبها من بعيد دون كلام، لكن الفتاة يقع في حبها أخوه الأًصغر منه "رشدي"، الذي ذاق الكثير من صنوف النساء، فلا يشعر بالخجل من مفاتحتها، لينزوي "عاكف" بعيدًا في مشاعره الساخطة، ويتمنى لو لم ينقل أخوه من عمله للقاهرة، ويشعر بالخيانة لكن دون كلام أو عتاب، لكن الأخ الأًصغر "رشدي" يفاجئه بمرضه بالسل، لتعيش الأسرة بأكملها صراعًا من نوع آخر، يبعدهم في النهاية عن الحي الكئيب المظلم.
تشبه شخصية "عاكف" شخصية "نفسية" في رواية "بداية ونهاية"، كأنها الانعكاس النسائي لشخصية "عاكف"، فهي فتاة دميمة الوجه، تأخر بها الزواج وتخدم أخواتها وتشرب بؤس الأم وبؤس الحال طوال الوقت، لتذل ذلة عاطفية تفقدها حياتها. وتحدث الرواية في فترة مبكرة عن رواية "خان الخليلي"، لكن الواقع ذاته من الفقر وبؤس الحال.
فيديو قد يعجبك: