"التكنولوجيا الحنينة رزق".. تطبيق يعيد الحياة لصور "الناس العزاز"
كتبت- رنا الجميعي:
ليس من طابع التكنولوجيا "الحنّية" لكنّ يبدو أن استخدامات الناس تصبغ عليها تلك الصفة أحيانًا، فعلى موقع الفيسبوك انتشر تطبيق "remini"، الذي يعدل جودة الصورة، لجأ البعض لاستخدامه؛ لتحسين صور لهم كانوا فيها أطفالًا أو لمشاهد من أفلام قديمة أو لأشخاص فقدوهم.
في 21 يونيو 2019 تم إطلاق تطبيق "remini"، وقد تم تحميله إلى الآن حوالي مليون مرة، وحظى بتقييم يصل إلى ثلاثة نجوم، لكنّه انتشر مؤخرًا بين العديد من المستخدمين المصريين على الفيسبوك.
ومن بين هؤلاء كانت بسنت صالح التي عرفت عن التطبيق عبر منشور رأته على تويتر، فتحمست لاستخدامه؛ فلديها العديد من الصور القديمة لوالدتها التي رحلت عام 2013 "أغلب صور ماما مغلوشة ومش واضحة"، فوالدتها لم تكن تُحب التصوير كثيرًا، حيث تحتفظ بسنت بصور قديمة لوالدتها في مرحلة الشباب.
اختارت بسنت صورة يظهر فيها وجه أمها الضاحك "دي كانت قاعدة على كنبة في بيتنا، وأخوها صورها"، تُحبّ الشابة تلك الصورة كثيرًا: "كانت بتضحك فيها على طبيعتها، مكنتش قاصدة تتصور".
تحتفظ بسنت بالعديد من الصور لوالدتها، كُلما تجد صورة لها تحتفظ بها على التليفون المحمول، وحالما استخدمت ذلك التطبيق تفاجأت بالنتيجة، نظرت إلى وجه أمها الضاحك فوجدته واضحًا دون أي رتوش: "كنت حاسة إني شايفاها أدامي"، ولتلك الدرجة من القُرب وجدت بسنت نفسها قد شارفت على البكاء.
حين استخدمت بسنت التطبيق لم تُفكّر في التقنية التي يعتمد عليها في تعديل الصور، كان كُل همّها تعديل صور من تُحبهم فقط، لكن شريف إسكندر، خبير التكنولوجيا، يقول إن"remini"، يرتكن على الذكاء الاصطناعي "ودا جيل جديد من التطبيقات يستخلص معلومة مش موجودة في الصورة الأصلية".
ويعتبر الذكاء الاصطناعي أحد فروع علم الحاسوب، ويمكن تعريفه بأنه قدرة الآلات والحواسيب الرقمية على القيام بمهام معينة تُشابه تلك التي تقوم بها الكائنات الذكية؛ مثل القدرة على التفكير والتعلم من التجارب السابقة.
ويقول إسكندر إن الذكاء الاصطناعي يعتمد على تجميع بيانات عديدة، وعن طريقها يستخلص المعلومات "زي ما تعلمي طفل".
وقد صممت العديد من الشركات التطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، من بينها كما يذكر إسكندر شركة "NVIDIA"، وهي إحدى كبرى الشركات إنتاجًا لمعالجة الرسومات وبطاقات العرض المرئي ومجموعات الشرائح للكمبيوتر، والتي صممت تطبيقًا يضع الجزء الناقص في الصورة: "يعني لو فيه صورة حد وناقص شوية شعر مثلًا، بتكمّل الجزء ده"، كما أنها تحسن جودة إضاءة الصورة، وبإمكان تطبيقات أخرى وضع الأشخاص في أماكن متخيلة لم يكونوا فيها: "يعني لو حد عايز صورته تبقى عند البحر أو في أي مكان يحبه بيحطه، وممكن لو في الصورة ناس مش عايزهم يشيلهم منها".
كل تلك التطبيقات ينجذب إليها الناس، ففي رأي إسكندر إن أول ما سيفكر فيه شخص هو تعديل هيئته أو رؤية ما يحبه بشكل أكثر جودة: "زي لو فيلم قديم بيحبه وعايز شكله يبقى واضح"، وهو ما فعله أحد المستخدمين على الفيسبوك، فعدل مشهدًا من فيلم يظهر فيه ليلى مراد وأنور وجدي.
ورغم الشعور بالسعادة أو الحنين الذي يتملّك الشخص من رؤية نتيجة التطبيق، لكنّ هناك وجهًا آخر لتلك التطبيقات يجب أن يحرص بسببها المستخدمون؛ يشرح ذلك إسكندر بقوله إن تلك الصور قد أصبحت ملكًا للتطبيقات، وبإمكانها استخدام أي شكل تريده "الناس تاخد بالها بس إن لو فيه صور مش حابين تبقى مشاع بلاش يستخدموا التطبيقات دي"، ذاكرًا أحد التطبيقات الأخرى التي تتعرف على شكل الشخص بعد سنوات بشكل تخيلي: "ودا كمان تطبيق بيعتمد على الذكاء الاصطناعي، والشخص اللي حط صورته وهو شاب بكدا التطبيق احتفظ بالصورة".
كان الجزء التقني هو ما يُهم مستخدمًا آخر، فحينما رأى المهندس محمود حبيب التطبيق على إحدى المجموعات للمهتمين بالتكنولوجيا في مصر، فاهتمّ الشاب لرؤية النقاش التقني حول التطبيق؛ ولذلك جرب بنفسه مُستخدمًا صورة في طفولته "أنا بشتغل سوفت وير عشان كدا استغربت إزاي التكنولوجيا اتطورت بالشكل ده".
فبالنسبة لحبيب فإن التعديل على صورة، إذا تم بشكل يدوي عبر برنامج "الفوتوشوب"، سيستغرق يومين، "لكن ده بيطلعه بسرعة جدًا".
لم يكن الجانب الإنساني فقط هو ما يحدث عبر الذكاء الاصطناعي، يشرح إسكندر أنه يُمكن التعرف على الوجوه عبر تلك التطبيقات، وبهذا الشكل يمكن التفوق على عمل الأجهزة الأمنية، وهو ما قامت به إحدى الشركات في أمريكا، ويذكر خبير التكنولوجيا أن الفيسبوك قد تعاقد مع وكالة رويترز للأنباء للتحقق من المحتوى المنشور على منصة التواصل الاجتماعي وتطبيق الإنستجرام لمشاركة الصور، حيث تقوم بذلك وحدة تابعة لمؤسسة تومسون رويترز.
وبالإضافة لإجراء فيسبوك الأخير؛ فإن موقع تويتر أيضًا قد أضاف علامة على الصور المُعدّلة، كما يقول إسكندر.
لا يقوم تطبيق "remini" على تعديل الصور مجانًا، فبإمكان المستخدم تعديل ثلاث صور فقط، هذا هو ما اكتشفته بسنت عبر استخدامها له، وبعد ذلك يعدل صورة واحدة في اليوم مقابل إعلان.
لذا حين نشرت صورة والدتها جاءها الكثير من التعليقات، ولكن الغريب في رأيها أن العديد من رواد الفيسبوك أرسلوا صورًا شخصية لكي أعدلها لهم: "فيه ناس كتير معرفتش تستخدمه، أو خلصوا الفرصة اللي عندهم وعايزين يعدلوا صور تانية".
وبحسب بسنت فإن هناك اعتبارات عديدة لاختيار الصورة التي يُعدلها "remini"، "أول حاجة لو الصورة فيها أكتر من وش مش بتعدلهم كلهم، ولو مثلا فيه درجة حرق كبيرة في الصورة الأبلكيشن ميقدرش يعمل حاجة فالناس ممكن متلاقيش النتيجة اللي هي عايزاها".
وبغض النظر عن التحذيرات الخاصة بتلك التطبيقات، والاستخدامات المخيفة لها، فإن البعض سيظل يستخدمها بشكل إنساني، مثل بسنت، التي يكفيها أن ترى صورة واضحة لوالدتها الراحلة.
فيديو قد يعجبك: