صورة وحكاية (2)-"البابا شنودة" داخل ملاذه الروحي ومستقره الأخير
تصوير- حسام دياب:
كتبت- شروق غنيم:
عام 1971 بدأت الحكاية؛ البابا شنودة الثالث يتوّج على كرسي مارمرقس ليصبح البابا رقم 117 في تاريخ البطاركة، ومعها بدأ بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر بلاد المهجر عهدًا جديدًا؛ محبة كبيرة ليس لها مثيل سكنت القلوب، أطّلت صوره في كل شِبر قبطي، صار أيقونة تحتل الوجدان ولا تزول حتى مع رحيله في مارس عام 2012.
فترة عارمة بالأحداث، ومحطات مختلفة خاضها البابا شنودة الثالث، وفي العام نفسه الذي تقلّد فيه كرسي الباباوية، بنى مقرًا بابويًا له داخل دير الأنبا بيشوي، كان للمكان موقع خاص داخل قلب قداسته، صار ملاذه في أيام الاعتكاف، قِبلته حين تتقلب الأحوال ويواجه الأزمات، وليوجه رسالة اعتراض للسلطات، يرتكن له للصلاة لطلب العون من الله، كما كان أيضًا مستقره الأخير.
عام 1995 كان يقضي البابا فترة اعتكافه في صحراء وادي النطرون بعيدًا عن صخب الحياة، لا أحد يدري كيف تمر الساعات على البابا شنودة الثالث في أيام عُزلته بالدير، حتى تجولت معه عدسة المصور الكبير حسام دياب، لنرى الوجه المتأمل لقداسته، خلوته التي يقضيها لاتخاذ القرارات، ممارسة هوايته المُفضلة "المشي"، تطوف أقدامه أرجاء الدير الذي بُني في القرن الرابع الميلادي، وكذلك حين يكتب الشعر.
شهد الدير على حكايات مختلفة، ثمة غضب هنا على أحداث سياسية قرر البابا أن يعود لملاذه ليعلن اعتراضه، سبعة اعتكافات احتجاجية مر بها البابا داخل دير الأنبا بيشوي، كان أبرزها حين اصطدم بالرئيس الراحل محمد أنور السادات، صعدت الأزمة بينهما حتى بات رهن الإقامة الجبرية لمدة عامين.
احتضن المكان لحظات الآلام التي خاضها البابا، عُزلته بعدما تعرض الأقباط لأحداث عصيبة، خرج من المكان عباراته الخالدة التي لا تزال تسكن القلوب وترددها الألسن "توجد صلاة بلا ألفاظ .. بلا كلمات .. خفق القلب صلاة.. دمعة العين صلاة.. الإحساس بوجود الله صلاة".
في 17 من مارس 2012، رحل البابا عن الدُنيا، لاتزال ذِكراه حيّة في القلوب، يلتمسها الأقباط في صورة المثبتة على الجداريات، وعباراته الأثيرة، وسماع عِظاته. فيما تضمنت وصية قداسته أن يكون الدير الذي شهد على مراحل حياته، هو نفسه الذي يحتوي جثمانه، وهناك حيث يرقد البابا صار المكان مزارًا خاص بالدير.
اقرأ المزيد:
صورة وحكاية (1)- خروج آخر جندي إسرائيلي من رفح
فيديو قد يعجبك: