بطل × كتاب| كيف صمدت "مرتا حداد" في وجه أمريكا؟
كتبت- هبة خميس:
"صلبت على وجهها الشاحب البياض وهي ترى السيدة الحجرية تمد الشعلة الحجرية صوبها وتخرج من الضباب الذي يغطي البحر. سمعت صوتاً يقول هذا تمثال الحرية، وهناك وراء الضباب الغريب، هل ترون البنايات ناطحات السحاب، هذه مدينة نيويورك".
كثيرون منا لا يعرفون الروائي اللبناني الهادئ ربيع جابر، لا يطل علينا من الحوارات و لا نسمع عن أي أخبار تخصه سوى صدور رواياته المميزة التي تعتبر كل رواية منها جزء من مشروع روائي ضخم ومختلف.
صدرت رواية "أمريكا" عام 2009 واختيرت ضمن القائمة القصيرة للبوكر العربية عام 2010، وتدور أحداث الرواية حول الشابة السورية "مرتا حداد" التي تقرر الانتقال من بلدتها الصغيرة بجبل لبنان عام 1923 لأمريكا للبحث عن خطيبها الذي سافر قبلها وضاعت أخباره للأبد.
تصل "مرتا" لنيويورك لتنغمس في مجتمع سوري لبناني من المهاجرين في المدينة يعمل معظمهم بأعمال التجارة والخياطة ونتعرف على ذلك المجتمع وكيف يحمل كل منهم وطنه بداخله وتتشابك مصائرهم وحياتهم.
بعد سنوات من استقرار "مرتا" في أمريكا نتعرف على الحرب في الأحداث و وباء الأنفلونزا الإسبانية والكساد الكبير الذي ضرب كفاح "مرتا" لسنوات، لكنها كانت أًصلب من أن تقع في كل أزمة مرت بها، وتلك الصفة تمتاز بها الشخصيات النسائية التي يكتبها ربيع جابر. سيدات قويات يحملون الوطن على أكتافهن دون كلل حتى في ابتعادهم عنه يكون حاضراً في ذهنهم وقلبهم باستمرار.
في فيلم "brooklyn" للمخرج "جون كراولي" و بطولة "ساويرز رونان" الذي رشحت عنه للأوسكار، يحكي الفيلم قصة المهاجرة "إليز" الأيرلندية عام 1950 فتظهر الفتاة على متن الباخرة التي تقلها لنيويورك بنفس الرهبة التي تلبست روح "مرتا حداد"، كأنه ذلك الشعور الخفي بالغربة الشديدة يربط بين الناس مع اختلاف جنسياتهم و أسبابهم للرحيل، فتبدو البطلة شديدة الشبه بـ"مرتا" بطلة الرواية.
بعد سنوات قليلة عام 2012 صدرت رواية "دروز بلغجراد" لربيع جابر والتي حصدت جائزة البوكر العربية لنفس العام وتحكي عن "حنا يعقوب" الدرزي اللبناني الذي نُفي إلى بلغجراد من جبل لبنان عقب مجازر وقعت عام 1860 ضد الدروز، فيها واصل جابر مسيرته مع ثنائية الوطن والغربة، انضم حنا إلى مرتا، فكلاهما يعيشان أزمة هُوية، وعبرهما نقل جابر كيف يعيش الغريب وسط مجتمع جديد.
فيديو قد يعجبك: