إعلان

"حكايا من الشمال والجنوب".. شباب يكتشفون أنفسهم عبر "كتابة القصص"

11:47 ص الإثنين 11 يناير 2021

كتبت-رنا الجميعي:

لطالما كانت الكتابة هي سبيل النجاة لزهرة عبد الله، بدأ حبها لها منذ كانت في عمر العاشرة، لكنها أدركت بأنها وسيلة لتجاوز الكثير من المعاناة تحديدًا حين تم تشخيصها كمريضة اكتئاب، بعد مرورها بتجربة قاسية، وقتها اندفعت زهرة لمشاركة الناس حُبها للكتابة، عبر إقامتها ورش كتابة القصة القصيرة "قررت أدمج الكتابة مع الدعم النفسي"، ومن نتاج تلك الورش- المسماة "ونس الحكايات"- التي بدأت في 2017 أنتجت أولى المجموعات القصصية تحت عنوان "حكايا من الشمال والجنوب".

حوالي 38 قصة أنتجها عشرون كاتب وكاتبة، بينهم زهرة نفسها، تضم حكايات عن تجارب العلاج النفسي والسفر، وعن معاني مجردة مثل الخوف والحب والبحث عن الذات، وقد صدرت المجموعة حديثًا عن دار غراب للنشر.

كانت تلك الورش وسيلة لاكتشاف المُشاركين لأنفسهم عبر الكتابة، "كنت حابة إنهم يستخدموا الكتابة لتنمية المهارات، ويتوفر لهم مساحة آمنة يمارسوا فيها الكتابة بدون أحكام"، تقول زهرة، كذلك قامت بتصميم أنشطة من خلالها يُعبّر المشاركون بالكتابة، وهو ما حدث مع سالي حافظ، واحدة من كُتاب المجموعة، التي تتذكر أحد تلك الأنشطة وهو "عن علاقتنا بالهدوم"، وخلال التمرين اكتشفت الشابة أن علاقتها بالملابس ليست في أفضل أحوالها "دايمًا بحسه زي حمل على قلبي".

عبر ورشة الكتابة تمكنت سالي من التواصل مع نفسها، وكيف تتمكن من التعبير عن مشاعرها، كما امتلكت مهارات الكتابة، وهو السبب الذي دفعها للقدوم لـ"ونس الحكايات"، فالكتابة أحد مصادر شغفها بالحياة "وطول عمري بحب إن دي تكون طريقة التعبير عن نفسي".

تشارك سالي بحكايتين أحدهما تكتب فيها عن فتاة غجرية، والأخرى عن التمرد، فيما تمتنّ الشابة الثلاثينية إلى خطوة نشر الكتاب كثيرًا "كنت محتاجة آخد خطوة زي دي عشان أعيش الحياة اللي اختارتها لنفسي"، فيما بدا أنه تمرّد على سنوات طويلة عاشتها الشابة كموظفة في البنك "واكتشفت إني مش عايزة أعيش حياة حد تاني راسمهالي".

1محبّة الكتابة هي الدافع أيضًا الذي جمع ندى سامى ببقية المشاركين، وعبر الورشة أصبحت الشابة أكثر جرأة على كتابة القصص، وأكثر ما تعلمته خلال تلك التجربة هو ألا تحكم على نفسها "وإني لازم أكتب كتير قبل ما انتقد نفسي"، فيما تمتنّ لزهرة كثيرًا التي شجعتها على اتخاذ خطوة كتابة مجموعة قصصية مستقلة لها، وقد شاركت ندى بقصتين أيضًا داخل المجموعة؛ "الشتاء الأخير" و"تاكسي".

من بين المشاركين داخل الكتاب أيضًا، يوسف أسعد، الذي دفعته تجربته كرحالة لمدة سنتين في دول جنوب شرق آسيا، أن يقوم بتوثيق تلك التجربة "ودخلت الورشة عشان أشتغل أكتر على فن الكتابة"، ومن هنا جاءت تجربته داخل الورشة التي ساعدته كثيرًا في امتلاك مهارات الكتابة "واتفاجئت بكل حاجة زهرة علمتهالنا في الورشة".

قام أسعد بالسفر خلال عامين؛ 2015 إلى 2017، خلالهم سافر إلى تسع دول، تلك الخطوة الجريئة اتخذها الشاب لتوسيع مداركه وإيمانه بقيمة السفر "كنت وقتها عندي 25 سنة وحسيت إن دي فترة مهمة جدًا، وعايز أكتشف نفسي فيها"، تجارب كثيرة جدًا مر بها أسعد خلال تلك الفترة، ومنها كتب القصتين التي شارك بهم داخل الكتاب.

عبر "ونس الحكايات" قدّمت زهرة 17 ورشة، شارك فيها حوالي 200 شخص، وخلال ذلك المشروع شعرت الشابة أنها بحاجة لتوثيق تلك التجربة "كان عدى عليا بني آدمين كتير بسمع قصصهم"، ومن هنا جاءت فكرة نشر مجموعة قصصية، فيما اختارت 19 كاتب من بين المشاركين لكتابة القصص.

وكانت تلك أشبه بورشة جديدة، ففي ثمان جلسات تجمع المُشاركون لكتابة قصص جديدة "وكأن دي كانت مستوى تاني من الورشة"، اختار الفريق بعض التيمات للكتابة عنها؛ منها المحبة والونس والاكتئاب والسفر والفقد والعلاج النفسي والتعافي، وانتهت المجموعة من عملها في مارس من العام الماضي، إلى أن ظهر الكتاب للنور.

لم تُصدّق زهرة حين رأت الكتاب أخيرًا بين يديها "كان إحساس إن ده مولودي الأول"، فيما خاضت هي للمرة الأولى تجربة النشر بكل تفاصيلها المعقدة "فرحة كبيرة ومضاعفة إني أكون سبب في فرحة 19 كاتب".

كذلك كان نفس الشعور يحسّه المُشاركون الثلاثة، الذين لن تكون خطوتهم الوحيدة؛ سالي تفكر في كتابة مجموعة قصصية باسمها، وندى تعمل في الوقت الحالي على نفس الخطوة، فيما يخطو أسعد نحو عمل كتاب مستقل عن تجربة السفر حول العالم، كما تحاول زهرة تكرار تجربة نشر كتاب مرة أخرى، وتقديم كتاب جدد للوسط الأدبي سنويًا.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان