"مسير الغايب هيعود".. سعدية تبحث عن مُصاب ترك حقيبته بمستشفى طهطا بسوهاج
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
-
عرض 6 صورة
كتبت- دعاء الفولي وشروق غنيم:
تصوير- شروق غنيم:
في بهو مستشفى طهطا العام في سوهاج، اختلفت رحلة حقيبة سوداء تضم ملابس رجالية وغطاء بلون زهري، اُختطفت من أحضان صاحبها، وبدلًا من مرافقته برحلته داخل القطار، افترقت عنه، ليختلف مسار رحلتها كما صاحبها.
بقوة تقبض سعدية محمد محمود على الحقيبة السوداء. وبعناية تتحرك السيدة الخمسينية بها في أرجاء استقبال مستشفى طهطا العام بسوهاج، كأنها صغيرها تخشى أن تُضيعه "أمانة لازم ترجع لصاحبها"، أما صاحبها فلا تعرف عنه سوى قدومه للمشفى ظهر الأمس متألمًا لأنه ضمن مُصابي حادث القطار.
وبالأمس، ظهر الجمعة، تصادم القطار "157 مميز الأقصر- الإسكندرية"، بآخر "2011 مطيف أسوان – القاهرة"، وأدى الحادث لوفاة 32 شخصاً، وإصابة 114 آخرين، حسب وزارة الصحة.
اعتادت صاحبة الاثنين وخمسين عامًا على المبيت أحيانًا بالمستشفى تحت وطأة ضغط العمل، إذ تتولى مسئولية النظافة في مبنى الكلى بالمكان، غير أنه بالأمس الجمعة صادف وجودها بالمبنى العام.
الجمعة 26 مارس، يوم يتسم صباحه بالهدوء على سعدية، غير أنه مع انتهاء صلاة الظهر دخل أول المصابين للمكان، "مكنتش متخيلة إن الحادثة قوية كدة". يمر الوقت ويزداد عدد المصابين بالمستشفى. يوم عصيب مرّ على الطاقم الطبي والعاملين بالمكان، شمّرت السيدة الخمسينية ساعديها وأخذت تساعد بقدر استطاعتها.
جاء المصابون برفقة أقارب وغرباء، ما إن يدخلون للطوارئ يتركون حقيبة السفر التي كانت معهم، فتحتفظ سعدية بها حتى تسلمهم إياها "لقيت أهالي اتنين مصابين وسلمتهم الشنطة، أما ده مش لاقياه".
منذ الأمس ولم تنم سعدية سوى ساعة واحدة، أصعب ليلة تمر عليها منذ عملت بالمستشفى قبل عشرين عامًا "اتعودنا على مصابين حوادث بس حاجات خفيفة أو مش بالعدد ده". كان المشهد مهيبا، تقشعر له الأبدان لكن التكاتف مع الوضع كان ينزل كالبلسم على روحها.
ما بين متطوعين للتبرع بالدم وأصحاب صيدليات يأتون بأدوية مجانًا وأسر تحمل الأطعمة لتمنحها لأهالي المصابين، كان الحال مُربكًا ومطمئنًا في آن واحد للسيدة الخمسينية. يكسر تلك الحالة حين تجوب الدور الأول المقيم به المصابون فتسمع آهات الوجع ودموعا مكتومة للأهالي.
وصل عدد المصابين إلى 79 شخصًا بين إصابات خفيفة ومتوسطة، ومع حلول الصباح وصل العدد إلى خمسة عشر شخصًا، كما يقول ممرض بقسم الطوارئ بمستشفى طهطا العام.
في الثامنة ونصف من صباح اليوم، ما زالت سعدية تحمل الحقيبة، تتمنى أن يجدها صاحبها، يمسح عنها القلق أنها تعلم "أكيد حيّ، لأن المتوفيين في المستشفى اتنين بس وكانوا جايين مفيهمش الروح.. يمكن اتنقل مكان تاني"، تستشير العاملين بالمكان فيستقرون على تركها بالأمانات حتى يعود لها صاحبها.
فيديو قد يعجبك: